5 صور ترصد زحام طلاب الثانوية العامة داخل قاعات مكتبة الإسكندرية    جداول تنسيق القبول بمدارس الثانوى الفنى الصناعى والتجارى والفندقى بالجيزة .. تعرف عليه    البيت الأبيض: سوليفان أكد لجالانت دعم واشنطن الثابت لأمن إسرائيل    جولر يقود تشكيل تركيا ضد التشيك فى يورو 2024    الرئيس الإيراني الأسبق روحاني يدعم مرشحًا معتدلًا قبل الانتخابات    مباشر يورو 2024 - تركيا (0)-(0) التشيك.. انطلاق المباراة    تفاصيل عرض برشلونة لخطف جوهرة الدوري الإسباني    بالأسماء.. مصرع 6 أشخاص وإصابة 3 في حادث تصادم ب"زراعي البحيرة"    مصرع طالبة سقطت من الطابق الرابع بالعجوزة    التعليم تعلن نتيجة امتحانات الدور الأول للطلاب المصريين بالخارج    قبل انطلاقها.. مسرحية "ملك والشاطر" ترفع شعار "كامل العدد"    على أنغام أغنية "ستو أنا".. أحمد سعد يحتفل مع نيكول سابا بعيد ميلادها رفقة زوجها    "يا دمعي"، أغنية جديدة ل رامي جمال بتصميم كليب مختلف (فيديو)    هل يجوز الاستدانة من أجل الترف؟.. أمين الفتوى يجيب    حكم استرداد تكاليف الخطوبة عند فسخها.. أمين الفتوى يوضح بالفيديو    سماجة وثقل دم.. خالد الجندي يعلق على برامج المقالب - فيديو    بالفيديو.. أمين الفتوى: العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة عليها أجر وثواب    في اليوم العالمي لمكافحة المخدرات- هل الأدوية النفسية تسبب الإدمان؟    القوات المسلحة تنظم مؤتمراً طبياً بعنوان "اليوم العلمى للجينوم "    صندوق النقد الدولي يقر بتمويل 12.8 مليون دولار للرأس الأخضر    الرئيس السيسي يوقع قوانين بربط الحساب الختامي لموازنة عدد من الهيئات والصناديق    «قطاع الآثار»: فيديو قصر البارون عار تمامًا من الصحة    أزمة جديدة تواجه شيرين عبد الوهاب بعد تسريب 'كل الحاجات'    عضو المجلس التصديري للصناعات الغذائية : مستوردون من أمريكا أعلنوا نيتهم استيراد التمور المصرية    بشرى لطلاب الثانوية العامة.. مكتبة مصر العامة ببنها تفتح أبوابها خلال انقطاع الكهرباء (تفاصيل)    وزير الرى يدشن فى جنوب السودان مشروع أعمال التطهيرات بمجرى بحر الغزال    فاشل وكاذب .. الموقف المصري : عطش مطروح يكشف تدليس السيسي عن تحلية المياه    لماذا يقلق الغرب من شراكة روسيا مع كوريا الشمالية؟ أستاذ أمن قومي يوضح    نجاح كبير للشركة المتحدة فى الدراما.. 125 عملا بمشاركة 12 ألف فنان و23 ألف عامل "فيديو"    كيف يؤثر ارتفاع درجات الحرارة على الرحلات الجوية؟.. عطَّل آلاف الطائرات    مساعد وزير البيئة: حجم المخلفات المنزلية يبلغ نحو 25 مليون طن سنويا    بتكلفة 250 مليون جنيه.. رئيس جامعة القاهرة يفتتح تطوير مستشفي أبو الريش المنيرة ضمن مشروع تطوير قصر العيني    17 ميدالية حصيلة منتخب مصر في كأس العالم لرفع الأثقال البارالمبي    المشدد 15 سنة لصاحب مستودع لاتهامه بقتل شخص بسبب مشادة كلامية فى سوهاج    كيف يؤدي المريض الصلاة؟    اخوات للأبد.. المصري والإسماعيلي يرفعان شعار الروح الرياضية قبل ديربي القناة    «مياه كفر الشيخ» تعلن فتح باب التدريب الصيفي لطلاب الجامعات والمعاهد    خبير شئون دولية: فرنسا الابن البكر للكنيسة الكاثوليكية    «التمريض»: «محمود» تترأس اجتماع لجنة التدريب بالبورد العربي (تفاصيل)    عرض رسمي.. نادِ سعودي يفتح مفاوضات ضم أليو ديانج    وزيرة البيئة تتابع حادث شحوط مركب سفاري بمرسى علم    الصحة: استجابة 700 مدمن للعلاج باستخدام برنامج العلاج ببدائل الأفيونات    شديد الحرارة رطب نهارًا.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس غدا الخميس    لجنة القيد بالبورصة توافق على الشطب الإجبارى لشركة جينيال تورز    القمع والإذلال.. حقيقة الأوضاع داخل السجون    الإعدام لثلاثة متهمين بقتل شخص لسرقته بالإكراه في سوهاج    موعد مباراة البرازيل وباراجواي في بطولة كوبا أمريكا 2024.. والقنوات الناقلة    مختار مختار: عدم إقامة مباراة القمة خسارة كبيرة للكرة المصرية    ختام دورة "فلتتأصل فينا" للآباء الكهنة بمعهد الرعاية    تعيين 4 أعضاء جدد في غرفة السلع والعاديات السياحية    فحص 764 مواطنا فى قافلة طبية مجانية بقرى بنجر السكر غرب الإسكندرية    هل يجوز الرجوع بعد الطلاق الثالث دون محلل؟.. «الإفتاء» تحسم الجدل    الأكاديمية الطبية تفتح باب التسجيل في برامج الماجستير والدكتوراة بالمعاهد العسكرية    احتفالات 30 يونيو.. باقة من الأغنيات الوطنية تستقبل جمهور «الإنتاج الثقافي»    «حلو بس فيه تريكات».. ردود فعل طلاب الثانوية الأزهرية بقنا عقب امتحان النحو    الجريدة الكويتية: هجمات من شتى الاتجاهات على إسرائيل إذا شنت حربا شاملة على حزب الله    المحامين تضع شروط جديدة لقبول القيد بها.. تعرف عليها    نجم الزمالك السابق: الدوري «بايظ» والتحكيم فاشل.. وقرار الانسحاب أمام الأهلي «غلط»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من يحكم الجمهورية الإسلامية الإيرانية؟
نشر في الأهرام اليومي يوم 24 - 05 - 2010

مثلما تتسم شوارع طهران بالازدحام والجسور والتعقيدات فان شوارعها السياسية هي الاخري تزداد ازدحاما وتشابكا وتعقيدا بفعل الاحزاب والمجالس والمؤسسات السياسية والتكوينات المختلفة. هذه الجهات كلها تمثل المشهد السياسي الايراني والذي بات أكثر وضوحا بعد الانتخابات الرئاسيةوما تلاها من أحداث عنف،فكان للحوزة العلمية دور فى تسيير مظاهرات مؤيدة للنظام ، وعلا صوت الاصلاحيين، وسيطر على الموقف بشكل عام الباسدران أو الحرس الثورى.. وأحكم المرشد الأعلى قبضته، وأطلق رئيس الجمهورية تصريحات نارية، وأدى رجال البازار دورا فى مساندة الدولة ،وكانت قوات التعبئة العامة (الباسيج) فى وضع الاستعداد..
امام هذه المؤسسات وغيرها يقفز سؤال إجباري عن صانع القرار الحقيقى فى هذا البلد .. أتراه خامنئ أم نجاد .. هل يكون الحرس الثورى،ام رجال البازار.. ؟
والإجابة عن هذا السؤال تتطلب الإبحار فى أعماق التاريخ ،وقراءة المناخ العام السائد والمعطيات التاريخية التى أفرزت هذا المناخ،وسبر أغوار المزاج العام لنخب وأركان الدولة الإيرانية،لذلك فان المحطات التى نتوقف عندها كثيرة ،لكنها مختصرة جدا،بالشكل الذى يهم القارئ علنا نجيب عن تساؤل "من يحكم جمهورى إسلامى إيران"أو الجمهورية الاسلامية الايرانية؟
السيد هادى أفقهى خبير الامن القومى يعود بنا إلى عام 1906 وقت الثورة الدستورية أو ثورة المشروطة ،حيث ترسخ فى الضمير الإيرانى بنخبه المختلفة أن البرلمان أو المجلس كما هو النموذج والرمز لتطلع الشعب الإيرانى إلى حكومة تمثله تمثيلا حقيقيا وتعبر عن رأيه ولو كانت فى نظام علمانى مثل نظام الشاه، حتى أن الإمام الخمينى أشار فى كتابه الشهير"كشف الأسرار"إلى امكانية الاعتراف بشرعية رضا بهلوى مقابل إحياء الدستور ولا سيما دستور "المشروطة"،الذى يوجب قيام مجلس فقهى يفحص القوانين التى يصدرها البرلمان للتأكد من عدم تعارضها مع ثوابت الشريعة الإسلامية ، وهذا ما تشكل فعلا بعد قيام الثورة ، وأطلق عليه "مجلس صيانة الدستور"،الذى سنتحدث عنه لاحقا.
وبعد تأسيس الجمهورية الاسلامية الإيرانية عام 1979 على يد آية الله الخمينى، ارتكز الدستور الإيرانى على خمسة مبادئ تكررت كثيرا فى خطب "الخمينى"وحدث إجماع بين سائر أطراف النخب الثورية على هذه المبادئ، وهى الإسلام والعدالة والمشاركة الشعبية والاستقلال والتجديد.
لكن هذا الاجماع لم يمتد إلى المستوى العملى ولا سيما فى منظومة القوانين وسياسات الحكومة ،وخاصة مع انتقال إيران من حالة الثورة فى أوائل الثمانينات إلى محاولة الدخول فى منظومة الدولة بعد وفاة الخمينى عام 1989.
و باتت مبادئ الدستور الاساسية المتفق عليها محل جدل ونزاع بين أجنحة النظام ،فمثلا قضية العدالة ،اختلف أغلب الأطراف فى تحديد مفهوم واضح حولها ، والشيعة بوجه عام يعتبرون العدل من أصول الدين الخمسة،واعتبره آية الله مطهرى أحد أكبر المراجع الدينية جوهر كل التعاليم الدينية ،فهو من وجهة نظره يساوى- من حيث الرتبة- الإيمان بوحدانية الله.

أهم الجماعات والمؤسسات والسياسية
اذن ارتكزت الدولة على مبادئ الدستور ،بعد قيام الثورة ، فكانت الخطوة التالية ،كما يوضح السيد هادى أفقى تأسيس الباسدران أو الحرس الثورى لإقامة توازن مع الجيش التقليدى الذى لم يشارك فى الثورة وظل بعض ضباطه أوفياء لحكم الشاه،و"جمع القوات العسكرية المختلفة التى نشأت بعد الثورة فى نظام واحد موال للنظام "،وتشير الاحصاءات الى ان عدد عناصر الباسدران فى حدود 350 ألف مقاتل،ويهيمن على اقتصاد البلاد والمشروعات الكبرى ،ويعد الذراع اليمنى للمرشد الأعلى للثورة على خامنئ.
أما ميلشيا "الباسيج"فأنشئت بعد قيام الثورة،بأمر من الخمينى،ولعبت دورا كبيرا خلال الحرب مع العراق (1980-1988)،وتعنى الجيش الشعبى أو قوات التعبئة الشعبية،وتضم الملايين من العناصر المدربة والجاهزة لصد أى تهديد خارجى،ومعظمهم من الطبقات الفقيرة والمتوسطة،الذين يمكن تعبئتهم عند الحاجة،وتشكل"الباسيج" حاليا خط الدفاع الأول عن نظام الدولة،وخاصة بعد أزمة الانتخابات الرئاسية الأخيرة، ويلوح بها النظام الايرانى كورقة فاعلة فى أى عدوان محتمل على إيران.
ويعتبر البازار أقدم وأكبر سوق تجارى ودولة موازية للدولة،يقول صادق الحسينى خبير الامن القومى "انه يضم عددا كبيرا من التجار،لكن فى تشكيل غير معلن،ويعد شبكة موازية للدولة من الناحية الاقتصادية ، وهو الذى دعم الثورة وينفق على ملايين الاسر من حصيلة أموال الخمس الزكاة ،وله حضور اقتصادى عالمى قوى،ولكن حجم أمواله غير معلوم بالضبط،".
وأموال البازار لها دور فى مساندة حركات المقاومة ،كما يؤكد صادق الحسينى "هى التى تنفق على حركات المقاومة الاسلامية،ويسميها زعيم حزب الله اللبنانى حسن نصر "المال الطاهر"،وهذه الاموال يدفعها طواعية الجميع.. " يدفعها المتدين وغير المتدين ، لقناعة الاول بشرعيتها ،وقناعة الثانى بأنها سوف تطهر الاموال حتى لو لم يكن يؤدى الفرائض الدينية".
ومن المؤسسات المؤثرة الحوزة العلمية التى تأسست فى قم قبل ألف ومائتى عام تقريبا ،وتعنى المدارس الدينية ومرت الحوزة بمراحل صعود وهبوط كثيرة،وتخرج فيها مئات المراجع الدينية ،ويعد النظام الإسلامى فى إيران نتاج للحوزة،كما يشير آية الله مقتدائى رئيس الحوزة العلمية فى قم ،ومن أهم واجباتها "الدفاع عن النظام الاسلامى الايرانى ودعمه عمليا"،ومعروف أن الخمينى مؤسس الجمهورية الاسلامية والمرشد الأعلى الحالى على خامنئى تخرجا فيها.ويعمل الكثير من خريجى الحوزة فى مختلف المؤسسات الرئيسية فى الدولة ،ويعدها الكثير من الخبراء واحدة من أهم صناع القرار.
وكان للحوزة دور كبير فى الزود عن الولى الفقيه والنظام الاسلامى ولعبت دورا هاما فى إقصاء وتهميش كل من حاولوا النيل من نظام الولى الفقيه فقد كان لهم دور تاريخى فى إقصاء أبو الحسن بنى الصدر عندما اختلف مع الخمينى ،وأيضا كان لهم أدوار كثيرة فى هذا الصدد آخرها عزل آية الله صانعى الذى أفتى بعدم مشروعية تولى أحمدى نجاد الرئاسة .
السلطات والمجالس
و فى إيران 3 سلطات : التنفيذية"رئيس الجمهورية"، والقضائية"رئيس السلطة القضائية"،والتشريعية"مجلس الشورى الإسلامى"،والقضاة يعينهم مباشرة "الولى الفقيه"أو المرشد الأعلى للثورة ، بينما ينتخب الشعب رئيس الجمهورية وأعضاء مجلس الشورى الاسلامى.
وسلطة رئيس الجمهورية هى تشكيل الحكومة وتنفيذ السياسات والخطة الخمسية ،وتعد سلطة رئيس الجمهورية مقيدة بقيود شديدة ،فالبرلمان يستطيع أن يوقف تعيين أى وزير كما بإمكانه إيقاف أى قرارات تصدر عن الرئيس والسلطة التنفيذية ،كما ان مجلس صيانة الدستور يمكن أن يوقف أى قرار تصدره الحكومة اذا كان مخالفا لثوابت الدولة .

ولا يقتصر الامر فى الشارع السياسى الايرانى /كما يقول السيد هادى أفقهى على هذه المؤسسات فقط بل ان هناك عددا من المجالس المؤثرة هى :
** مجلس خبراء القيادة ،ويرأسه الرئيس الاسبق هاشمى رفسنجانى، ويتكون من 86 عالم دين ينتخبهم الشعب لمدة 8 سنوات حيث تقوم كل محافظة بانتخاب عالم دين واحد، فإذا زاد عدد سكان المحافظة عن مليون نسمة أضيف ممثل اخر لكل نصف مليون نسمة.
ومن أهم الشروط الواجب توافرها في مرشحي مجلس الخبراء، الإلمام بالفقه و الولاء للنظام، ويقوم مجلس الخبراء بانتخاب المرشد الأعلى للثورة من بين صفوفه، كما يستطيع خلع المرشد إذا فقد مؤهلاته الذي اختير على أساسها أو ثبت عدم تمتعه بها أصلا.
*أما مجلس صيانة الدستور،ويرأسه آية الله أحمد جنتى، فيتكون من 12 عضوا يحددون مدى توافق القوانين مع الشريعة الإسلامية، نصفهم من فقهاء الدين ويعينهم المرشد الأعلى لفترة 6 سنوات، ويكون النصف الآخر فقهاء قانون يعينهم البرلمان بتوصية من رئيس السلطة القضائية. ويقوم المجلس الذي يعد معقلا هاما لليمين التقليدي ،بوضع مقترحات لتغيير الدستور ثم يستفتى عليها جماهيريا ، كما يشرف على كافة الاستفتاءات و الانتخابات العامة و له سلطة رفض أو قبول مرشحى البرلمان و الرئاسة .

*لكن ماذا لو اختلف مجلس الشورى الاسلامى مع مجلس صيانة الدستور على مشروعية أحد القوانين؟
يقول السيد أفقهى "لدينا مجلس ثالث يرأسه أيضا السيد رفسنجانى،هو مجمع تشخيص مصلحة النظام الذى أسسه الإمام الراحل آية الله الخميني في عام 1988 لحل الأزمات الناشئة بين البرلمان و مجلس صيانة الدستور، فضلا عن إبداء النصح و المشورة للمرشد الأعلى.

والمجمع تمتع بسلطة واسعة نظرا لسيطرة اليساريين على البرلمان و اليمينيين على مجلس صيانة الدستور،إلا أن البرلمان اعترض على اتساع السلطة التشريعية للمجمع ، الأمر الذى أدى إلى أفول نجمه منذ وفاة الخمينى، حيث يمارس خامنئي سلطته السياسية متجاهلا استشارة المجمع منذ توليه منصبه.خاصة أن الرئيس السابق هاشمى رفسنجاني القريب من الإصلاحيين أصبح على قمته.
أحزاب وقوى سياسية أخرى
وإن كان المتابع يحار فى المجالس السابقة فإنه يزداد حيرة أمام تعدد الاحزاب والقوى السياسية التى انتشرت داخل الساحة الايرانية ولعبت دورا ما فى تهيئة الاوضاع السياسية ايجابا أو سلبا وبعضها أثر بشكل مباشر أوغير مباشر فى صناعة القرار السياسى..منها حزب جمهورى إسلامى الذى تأسس عام1979،ليكون الذراع السياسى للروحانيين ،أى علماء الدين،وأنجيمن حجتيه وهو تحالف بين علماء الحوزة وتجار البازار،ويعتبر أول تنظيم للقوى الدينية وتأسس عام 1957 لمقاومة البهائية .
أما جماعة روحانيت مبارز فقد تأسست عام 1978 بغية توحيد النشاط السياسى للروحانيين تحت مظلة الخمينى،وكانت أهم وأبرز تنظيم دينى وسياسى لسنوات متعددة حتى اكتشف الخمينى أن داخل هذا التنظيم آراء متعددة على المستوى السياسى والاقتصادى،فوافق على انشقاق عدد منهم تحت مسمى روحانيون مبارز،والذى أصدر 4 من قادتها البارزين صحيفة "رسالت "التى أصبحت فيما بعد لسان حال الإصلاحيين،وفى عام 1988 أصبحت الجماعة يمينية فقط بعدما انشق عنها التيار اليسارى ،وتدعو إلى اقتصاد حر ،وسيطرت على البرلمان من عام 1992 إلى عام 1997
أما حزب المؤتلفة الإسلامى فيعتبر دينامو التيار المحافظ ،وظهر أولا عام 1963 باسم "جمعيت مؤتلفه"،التى مثلت أول ظهور للامام الخمينى ، وانضمت الجمعية إلى الحزب الجمهورى بعد الثورة ،ثم عادت بعد ذلك عام 1981 ،وحصل العديد من قادتها على مناصب وزارية وعضوية البرلمان ومجمع تشخيص مصلحة النظام.
ولمواجهة تيار الاصلاحيين،ظهر "آباد كران إيران إسلامى"أو تحالف تنمية إيران عام 2004، ويعتبرمن عتاة المحافظين الذين يعتمدون على التنمية فى مواجهة خصومهم،أما حزب "كاركزران"أو حزب "كوادر البناء"فتشكل من 16 رجلا من رجال الرئيس السابق هاشمى رافسنجانى ،عام 1996 وخاضوا الانتخابات التشريعية ،وحصدوا وقتها 41 مقعدا.ويعتبر هذا الحزب القاعدة التى اعتمد عليها الرئيس السابق محمد خاتمى فيما بعد ،وكانت نواة للاصلاحيين ، ومن أبرز رجال الحزب عطاء الله مهاجرانى الذى كان وزيرا للثقافة والارشاد فى عهد رفسنجانى ،وخلعه المحافظون وكذلك السيد كرباتسشى الذى كان رئيسا لبلدية طهران وسجنه المحافظون .
وتعد جماعة( خردات 2) البداية الحقيقية لجماعة الاصلاحيين ،حيث جمع الرئيس خاتمى أحزاب كوادر البناء و"نهضة آزادى إيرانى"و"روحانيون مبارز" وأحزاب وجماعات أخرى تحت اسم وخاض هذا الائتلاف انتخابات 1997،أما حزب المشاركة الاسلامى فهو الحزب الذى أسسه محمد رضا خاتمى شقيق الرئيس محمد خاتمى وجمع بين صفوفه عددا كبيرا من أطياف الاصلاحيين وقد لعب دورا مهما فى الانتخابات الاولى للرئيس خاتمى عام 1997 ثم فى الانتخابات الثانية 2001 وفى الأحداث الاخيرة اعتقل الكثير من أعضائه.
وأسس مجموعة من المفكرين منهم آية الله طلقانى ومهدى بازكان ويد الله سحبى حركة تحرير إيران أو "نهضت آزادى إيران"..أى الحرية لإيران،وحاولوا ان يميزوا أنفسهم عن المؤسسة الدينية التقليدية فى لغة الخطاب ،وبلغ هذا الخطاب ذروته لدى"على شريعتى"،ثم تعرض هذا التيار للتهميش مع بداية الثورة أوائل الثمانينيات،ثم عاد من جديد عام 1990 من خلال الصحافة والدوريات مثل صحيفة "سلام" اليومية ،ومجلة"الكيان" الشهرية.
ويمثل رموز هذا التيار الرئيس السابق محمد خاتمى وسعيد حجاريان الناشط السياسى والفقيه الناقد محمد مجتهد شبسترى واستاذ الفلسفة بجامعة طهران عبد الكريم سردوش .
ويعتبر "مجمع مدرسين ومحققين حوزة علمى قم"اتجاها مغايرا داخل الحوزة العلمية و يوصف بالإصلاحى،وهؤلاء المدرسون من تلاميذ آية الله حسين منتظرى،نائب الخوميني الذى عارضه فى الولاية المطلقة،ووُضع تحت الإقامة الجبرية.
الولى الفقيه
ويختلف النظام الايرانى عن مختلف الانظمة السياسية فى العالم الاسلامى بنظرية "الولى الفقيه "المرتبطة بالمذهب الشيعى،ويقول آية الله سعيد النعمانى أنها تتمثل فى الإيمان بالله والرسول صلى الله عليه وسلم،ثم ولاية الامام على بن أبى طالب ، ثم الولاء للإئمة الاثنى عشر،حتى غياب الامام الثانى عشر,وهو "المهدى المنتظر"،وتم استحداث فكرة"النيابة عن الإمام"،وبدأوا فى تحصيل نسبة "الخمس".
وظل فقهاء الشيعة منذ غيبة المهدى المنتظر يطورون فى أفكارهم ، حتى عام 1472 حيث ولدت نظرية "ولاية الفقيه "على يد محمد بن مكى الجزينى ،بمد صلاحية الفقهاء أو ما سمى النيابة العامة عن المهدى المنتظر،ليصبح الفقيه هو نائب الامام ،وبعدها بعدة قرون تبلورت فكرة "الولاية"،ودعا أحمد بن مهدى كاشانى إلى توسيع صلاحيات الفقيه ليدير كافة شئون الدولة،وتطرق لوضع أسس لنظرية "ولاية الفقيه "، لكن التطور الذى قاد إلى الشكل الحالى لولاية الفقيه،التى تحكم إيران ،وتتحكم فى مجريات الأمور،كان على يد الامام الخمينى الذى رسخ لولاية الفقيه من منفاه فى النجف الأشرف.
لكن هذه النظرية هى الاساس التى ترتكز عليه الدولة الايرانية،ويوضح السيد هادى أفقهى قائلا " إن ولاية الفقيه،على درجة كبيرة من الأهمية،حتى أن آية الله صانعى قال من يخالف خامنئ يخالف الله"،وتعكس هذه العبارة مدى عمق العلاقة بين طاعة الامام الطاعة المطلقة وبين طاعة الله عز وجل، لكن صانعى عاد وانقلب 180 درجة على هذا الرأى مؤخرا حتى قال إن ولاية الفقيه بدعة ، وتم عزله من الحوزة العلمية،بسبب آرائه الشاذة –كما يقول افقهى-مثل القول بعدم فرضية الحجاب وليس بسبب تغيير موقفه من ولاية الفقيه.
إذن هناك من يعارضون ولاية الفقيه ، وعلا صوتهم؟
يقول أفقهى "نعم،توجد 3 اتجاهات للمخالفين :الاتجاه الاول ،لم يقتنع بها فكريا واجتهاديا مثل آية الله جليبيجانى ،وآية الله منتظرى ،الذى تراجع عن تأييده للنظرية بعد أن ألف مجلدين .
والاتجاه الثانى يؤمن بالولاية ولا يؤمن بولى الفقيه الحالى ،لانهم يرون أنه أقل فقها من كثير من المراجع الموجودة فى قم .
أما أصحاب الاتجاه الثالث فلا يخالفون الولى الفقيه فقط ولا يرفضون الولاية فحسب بل يحملون السلاح فى مواجهة الفقيه ،وهؤلاء-كما يقول أفقهي-حكمهم الإعدام ،لأنهم مفسدون فى الأرض.
من هو الحاكم؟
وقبل الاجابة عن السؤال الاهم فى المشهد الايرانى نشير الى ان المرشد الأعلى للثورة هو القائد العام للجيش بأفرعها، ومن حقه إعلان الحرب و السلم، و تعبئة القوات المسلحة و تعيين وعزل 6 أعضاء من علماء الدين في مجلس صيانة الدستور ورئيس السلطة القضائية و رئيس مؤسسة الإذاعة و التلفزيون والقائد الأعلى للحرس الثوري الإسلامي و القيادات العليا للقوات المسلحة و قوى الأمن.
كما أن له مؤسسة تسمى مكتب الإرشاد الأعلى الذي يتولى اطلاعه على آخر التطورات السياسية و يتولى تسيير هذا المكتب 4 من كبار رجال الدين،و يملك نظاما يجعله على اطلاع بمجريات الأمور في كافة أرجاء إيران وهو نظام ممثلي المرشد الأعلى الذين يعينهم بصورة شخصية وينتشرون في كل وزارة أو مؤسسة حكومية مهمة، وفي معظم الهيئات الثورية و الدينية،ولهم نفوذ اكبر من الوزراء و المسئولين الحكوميين ويشاركون في كافة شئون الدولة،و يتواجدون أساسا فى الوزارات و القوات المسلحة وقوى الأمن،والهيئات الثورية و الدينية و المراكز الثقافية الإيرانية في الدول الأجنبية.ونأتى إلى السؤال الاهم فى هذه التركيبة المعقدة من المؤسسات وهو "من يحكم ايران" ..
ولذلك فان المحللين أجمعوا على أن المرشد الأعلى من خلال أدواته هو الذى يحكم إيران"
ومنهم آية الله محمد سعيد النعمانى المرجع الدينى بالنجف الأشرف،ويضيف ورغم أن عددا من المراجع الدينية الحالية يشعر بأن الولى الفقيه آية الله خامنئ أقل منهم فقها،مما يؤثر بالسلب على العلاقة بين القائد والحوزة العلمية عموما، فانه" فى الإجمال هناك حرص من الطرفين على استمرارية النظام الإسلامى،لذلك فان المراجع الدينية بالحوزة تحرص على مساندة النظام أو الولى الفقيه ودعمه ..وهناك تشاور مستمر بين الطرفين .
ويتفق معه فى الرأى أمير موسوى الخبير الاستراتيجى ويقول "فى أحداث الانتخابات الأخيرة رفع بعض الإصلاحيين شعارات ضد القائد آية الله على خامنئ وضد ولاية الفقيه،لكن خامنئ وقف معلنا وبحزم أن كل شئ قابل للتفاوض والتفاهم حوله إلا الدستور وولاية الفقيه، وأغلق الباب على من يريدون النيل من العامود الفقرى للجمهورية الاسلامية الإيرانية ،التى هوجمت كثيرا فى الفترة الأخيرة،وكان هدف المعارضين لولاية الفقيه القضاء عليها تماما ، لكن الامر انعكس كما يقول موسوى،وتمسك الشعب بها،كما تشير القوى المعارضة فى المجتمع الايرانى إلى الرأى نفسه.
ونستطيع أن نقول بعد لقاءات متعددة مع الخبراء الايرانيين من كافة الاطياف ان خامنئى هو الذى يحكم ايران ، لكنه ينظر بعين الاعتبار إلى جميع المؤسسات السابقة فى حال اصدار أى قرار .. فكثير منها سلطاته مؤثرة وفاعلة ولا يمكن تجاوزها مثل الحوزة الدينية التى أعلن بعض مراجعها العصيان المدنى عليه،إن صح التعبير،ولا يمكن ان يغفل خامنئ الاصلاحيين وتنامى دورهم فى الشارع وخاصة بعد أحداث العنف الاخيرة،وكذلك تأثير البازار وبعض المؤسسات الاعلامية وغيرها التى بات لها دور فعال ومؤثر.

ايران ما بعد خامنئ
وإن كان الشعب الايرانى قد تمسك بولاية الفقيه فى الاحداث الاخيرة كما قال امير موسوى .. فما هو مستقبل هذه النظرية فى السنوات القادمة ..أو بمعنى أدق ما هو مستقبل إيران بعد خامنئ؟
الرجوع بعقارب الساعة إلى عام 1989 لحظة وفاة الامام الخمينى تؤكد أن تطورا ما سوف تمر به إيران بعد خامنئ..فبعد وفاة الامام صوت الايرانيون على تعديل للدستور ،ليتم فصل الدولة عن المؤسسة الدينية التقليدية ،وأعيد ترتيب الشروط الواجب توافرها فى المرشح على منصب ولاية الفقيه ،وأصبحت الكفاءة الادارية والسياسية هى المعيار الاعلى،وكان خامنئ أحد رجال الثورة الاسلامية ، واجتمع خامنئ ورفسنجانى وأحمد الخمينى،وتم ترشيح خامنئ،رغبة فى الحفاظ على مكتسبات الثورة .
وإذا كان خامنئي لديه شرعية شعبية ودينية،وقبلها لديه حنكة سياسية ،فكان رئيسا لايران لمدة 8 سنوات .. إلا أن المرشد القادم لن يمتلك نفس هذه الشرعية، لأنه ببساطة لن يكون جزءا من الماضى الثورى وبالتالى ستكون شرعيته أقل.
أخذا فى الاعتبار أن جيلا بأكمله لم يعش الثورة،ولا يشعر بها ولا يعترف بكل هذه التركيبة الفريدة فى العالم من المؤسسات ،ومثلما تطورت النظم الملكية فى كثير من المجتمعات الأوربية وأصبح الملك "يملك ولا يحكم"، أو هو رأس الكنيسة كما في بريطانيا وغيرها، فمن الوارد أن تتقلص صلاحيات المرشد لصالح الرئيس المنتخب، وتؤسس الجمهورية الثانية،مع بقاء منصب المرشد كقائد روحى للنظام السياسى وجزء من الثقافة السياسية الشيعية للمجتمع الإيراني.
فى الحلقة القادمة: المجتمع الايراني من الداخل


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.