نجيب ساويرس: الواحد مبقاش عارف مين بيمثل ومين حقيقي    بعد أزمة الشيخ التيجاني.. «الصوفية» بريئة من البدع.. و«الفكر الوسطى» هو الحل    عيار 21 الآن واسعار الذهب اليوم في السعودية الخميس 3 أكتوبر 2024    «البلدي.. لا يوكل» في الذهب| خبراء: حان وقت الشراء وخاصة السبائك    أسعار الفراخ اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024 بالأسواق.. وبورصة الدواجن الآن    قوتها تصل ل265 حصان... شاهد سكودا سوبيرب الجديدة    خلو ماكينات صرف الأموال في ألمانيا من النقود بسبب إضراب    مُسيرات تهاجم تل أبيب وصفارات الإنذار تدوي في الجنوب    مقتل أمريكي في غارة إسرائيلية على لبنان، وصديقه: أحد أطيب البشر وأكثرهم كرما    حماس تدعو للاحتشاد العالمي يوم الجمعة لوقف العدوان الإسرائيلي على فلسطين ولبنان    "فوز ليفربول وهزيمة الريال".. نتائج مباريات أمس في دوري أبطال أوروبا    «الزمالك» يكشف سبب فشل صفقة رمضان صبحي    مواعيد أبرز مباريات اليوم الخميس 3- 10- 2024 في جميع البطولات والقنوات الناقلة    بطلة فيلم «الحفيد» تثير الجدل وتُعلن اعتزالها التمثيل نهائيًا.. ما القصة؟    بشرى سارة.. علاج امرأة مصابة بالسكري من النوع الأول    منها تقليل خطر الزهايمر.. 7 فوائد لشرب القهوة    لمدة 5 ساعات.. انقطاع المياه عن عدة مناطق في القاهرة غدًا    ما هي الصدقة الجارية والغير جارية.. مركز الأزهر يوضح    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    نجوم 21 فرقة تضىء مهرجان «الإسماعيلية للفنون الشعبية»    محلل: بايدن لا يملك السيطرة على نتنياهو.. وإسرائيل لا تملك إلا خيار الرد    أمل جديد لمرضى القلب.. تصوير مقطعي لتقييم تدفق الدم    أمريكا...عضو بمجلس الاحتياط الاتحادي يؤكد استمرار مشكلة التضخم    "قومي المرأة" بالمنيا يناقش تفعيل مبادرة "بداية" لتعزيز التنمية البشرية وتمكين المرأة    تعرف على أسباب استبعاد إمام عاشور من قائمة منتخب مصر    درجات الحرارة بمدن وعواصم العالم اليوم.. والعظمى في القاهرة 30    محافظ الفيوم يُكرّم الحاصلين على كأس العالم لكرة اليد للكراسي المتحركة    الانقلاب يدعم المقاومة الفلسطينية بتجديد حبس 153 شاباً بتظاهرات نصرة غزة ً وحبس مخفياً قسراً    جيش الاحتلال يشن 3 غارات على الضاحية الجنوبية في بيروت    وكالة مرموش تكشف تطورات مستقبله مع فرانكفورت بعد وصول عروض مغرية    حقيقة مقتل النائب أمين شري في الغارة الإسرائيلية على بيروت    حبس سائقي ميكروباص لقيامهم بالسير برعونة بالقاهرة    حرب أكتوبر.. اكتئاب قائد المظلات الإسرائيلي بعد فقد جنوده أمام كتيبة «16 مشاة»    ضبط بدال تمويني تصرف فى كمية من الزيت المدعم بكفر الشيخ    ضبط تشكيل عصابي بتهمة الاتجار في المواد المخدرة بطوخ بالقليوبية    نشرة التوك شو| الزراعة تتصدى لارتفاع أسعار البيض والبطاطس.. وتأثر النفط والذهب بالضربات الإيرانية    مدرب الزمالك مواليد 2005 يشيد بلاعبيه بعد الفوز على سيراميكا كليوباترا    عبد العزيز مخيون يكشف تفاصيل مشاركته في الجزء الثاني من مسلسل جودر    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 3 أكتوبر.. «ثق بغرائزك واتبع مشاعرك الصادقة»    حظك اليوم| برج الميزان الخميس 3 أكتوبر.. «فرصة لإعادة تقييم أهدافك وطموحاتك»    فوز مثير ل يوفنتوس على لايبزيج في دوري أبطال أوروبا    رئيس مياه دمياط يؤكد ضرورة تطبيق أفضل نظم التشغيل بالمحطات لتقديم خدمة متميزة للمواطنين    وزير الصحة الأسبق: هويتنا تعرضت للعبث.. ونحتاج لحفظ الذاكرة الوطنية    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    حدث ليلا| حقيقة زلزال المعادي.. وحقوق المنوفية توضح تفاصيل واقعة سب أستاذ للطلاب بألفاظ نابية    قتلت زوجها بمساعدة شقيقه.. الجنايات تستكمل محاكمة "شيطانة الصف" اليوم    ضبط 400 كيلو أسماك مملحة غير صالحة للاستهلاك الآدمي بكفر الشيخ    دمياط.. انطلاق فعاليات المبادرة الرئاسية بداية بقرية شرمساح    «احذر خطر الحريق».. خطأ شائع عند استخدام «الإير فراير» (تعرف عليه)    ضبط 3 أطنان لحوم حواوشي غير مطابقة للمواصفات في ثلاجة بدون ترخيص بالقليوبية    اغتيال صهر حسن نصر الله في غارة إسرائيلية على دمشق    زوجة دياب تمازحه بال«وزة» ..وتعلق :«حققت امنيتي»    انتى لستِ أمه.. 4 نوعيات من النساء ينفر منهن الرجال (تعرفي عليهن)    "أهمية القراءة في تشكيل الوعي" على مائدة معرض الرياض الدولي للكتاب    قوة بايرن ميونخ الهجومية تتعطل أمام أستون فيلا في دوري أبطال أوروبا    عمرو موسي والسفير العراقي بالقاهرة يبحثان القضايا العربية على الساحة الدولية    أمين الفتوى يحذر الأزواج من الاستدانة لتلبية رغبات الزوجة غير الضرورية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حكاية وراء كل باب فاطمة الدسوقي
نشر في الأهرام اليومي يوم 16 - 02 - 2013

إلا.. حضن أمي محكمة.. قضت محكمة استئناف الإسكندرية للأحوال الشخصية برفض دعوي الطفلة منار سيد إبراهيم بضمها لحضانة أمها وتأييد الحكم بضمها لحضانة جدتها لأبيها.. رفعت الجلسة. يا سيدي.. أشكو إليكم رحيل أمي المفاجيء, أصبحت أعود إلي الدار لأجد من يضمني إلي صدره وصرت جذرا مقلوعا ألقي به علي جانب الطريق لتدهسه أحذية المارة.. أتمدد وحيدة في الغرفة نفسها التي شهدت يوم ميلادي والغرفة نفسها التي ارتشفت فيها الدفء من قلب أمي المحب وتوارت أمي عن الدار.. وتركت لي رائحتها الطيبة.. ولكن انطفأ نورها الحاني وكست العتمة حياتي ووحشة الليل الطويل تفزعني.
يا سيدي.. لماذا توارت أمي تلك المرأة التي عبأت رأسي بالأحلام تتخلي عني الآن لتستدفيء بأحضان آخر.. الوحدة تفتك بي سيدي بين كل الجدران المصمتة.. خمدت كل الأصوات وتلاشت معها الحياة.. أريد أن أرحل لأعيش مع أمي وأتعلق ببقية من الحياة.
أين عيونها لتري وحدتي.. أين أذنها لتسمع آهاتي رحلت وتركت لي ذكري تطلق الرعب والخوف في صدري بعد أن كانت يوما أنيس الوحشة والغربة.. أي يد ظالمة سلبتني صدر أمي أي ظروف قاسية حرمتني حنان أمي رحلت بباقي أمني ولم أعلم برحيلها المفاجيء.
يا سيدي في لحظة واحدة احتضنتني وافترقنا وأغلقت باب حاجتي إليها للأبد.. ورحلت بآخر ما تبقي لها من مبررات كي تستمر في وجودها بجواري.. تركتني مثل عصفور انطوت بين جناحيه السماء.. فلم يجد سوي أحلام للبقاء وما تركته لي من تعاسة وشقاء كفيلا أن يفقدني رغبتي في الحياة.. محبطة أنا سيدي.. ولكن بذور الأمل تنمو داخلي بأن تقتضوا لي بضمي لحضانة أمي برغم أنها تزوجت من آخر.
بللت الدموع أحلامها المنكسرة وفي نظرات الحسرة واللوعة تناثرت دموعها في منديل ورقي رطبته الدموع بالألم.
وقالت يا سيدي.. لا أبخس ما شرعه الله.. فهذا حقها.. لها أن تعيش وتتزوج وتسعد بسنوات عمرها وشبابها خاصة أنها تمتلك وجها ملائكيا لم تستطع قسوة الأيام من تغيير ملامحه.. فقد وقفت سفينة حياتها مع أبي علي أعتاب المحاكم بعد رحلة طويلة من الشقاء والشجار.. غرست أمي بذورها عندما رفضت الانجاب بعد مولدي بزعم أن كثرة الإنجاب تنهك الصحة وتهد الجسد وتغير ملامحه وهي ترغب في الاحتفاظ بأنوثتها وجمالها وكثرة العيال قد تلهيها عن عملها.. ومرت السنون ووالدي يتوسل تارة.. ويثور أخري.. ويهدد بالطلاق ثالثة.. وأمي تصمد أمام تهديداته في شموخ العظماء.. لم ترتجف.. لم يتحرك لها ساكن.. وصممت أن أعيش وحيدة ولم يقو أبي علي الصمود.. وعصف بآخر الحكاية وتزوج من ابنة عمه.. فهو ابن الجنوب الذي يعشق العزوة والبنين وبدأ لهيب الشيب يزحف لرأسه وخشي أن تسرق أمي سنوات عمره الباقية.. وتحت ضغوط أبويه وأشقائه فك أسره من أمي وتركها تختال بجمالها وارتمي في أحضان أخري.
يا سيدي.. اشتعلت نيران الغيرة في قلب ست الحبايب.. فكيف تجرأ ذلك الفلاح علي بنت المدينة والحسب والنسب وتزوج عليها.. وثارت وهاجت وقررت أن تجرعه من الكأس نفسها التي رواها منها.. واسرعت للمحكمة وأقامت دعوي خلع.. وبعد أشهر لا تتعدي أصابع اليد الواحدة حصلت علي حريتها.
ولأن والدي يتلفح بشيم الرجال وخصال الشجعان ترك لها شقة الزوجية.. وكان يغدق علينا الأموال والهدايا ولا يغمض له جفن إلا بعد الاطمئنان علينا.. وكانت أمي ما زالت في عصمته.
مرت الشهور وفوجئت بها تزف إلي البشري بأن أوصالها ارتجفت لزميلها في العمل.. فهو شاب يصغرها بخمس سنوات ولم يسبق له الزواج.. ويعشقها أكثر من حبه لنفسه.. وراحت تسرد لي كلمات وعبارات لم تستطع سنوات عمري القليلة أن تدركها.. فكنت أهز لها رأسي وكأني أعي كل ما تقوله حتي أفقت علي كلمة واحدة قالتها لي.. وهي أنها سوف تتركني أعيش مع جدتي لأبي.. فهي تعشقني أكثر من كل أحفادها ووعدتني أنها ستحضر لزيارتي مرة كل أسبوع.. وانتابتني حالة من الهيستيريا.. فكيف طاوعها قلبها علي طردي من حياتها.. فأنا لا أقوي علي فراقها.. أحضانها كانت لي الأمان.. أنفاسها كانت الدفء.. يديها كانت تسكن آلامي وتداوي جروحي.
ارتميت بين أحضانها سيدي.. وانكفأت علي أقدامها أقبلها وأتوسل إليها.. لا ترحلي يا توأم الروح والجسد.. لا تتركيني يا عشقي يا أمي.. يا نبع حبي وحناني.. ولم تبكيها كلماتي سيدي.. وأنا أقبل كل ذرة في جسدها والتصق بها كي تسمع نبضات قلبي وهي تقسم أنني لا أعشق سواها.. ولا أقدر علي العيش بدونها.. دفعتني.. اتهمتني بالأنانية.. فلماذا لم أفعل ذلك عندما رحل أبي وتزوج من أخري.. ولماذا أبكي لرحيلها.. ألم تدرك سيدي أنها الأولي في عمري.. ألم تعلم أنني لم أتعلم من الأبجدية سوي حروف اسمها.. ألم تعرف أنها سحبت عمري مع حبلها السري.. فانسابت حياتي بداخلها؟!!
رحلت سيدي وتزوجت من آخر وانتقلت لشقة جدتي التي تخشي علي من لفح أنفاسها.. ولكني سيدي دمي لا يزال يحتضن أمي وصورتها لا تفارق عيني كلماتها ترن في أذني رائحتها تزكم أنفي الموت أهون علي من العيش بدونها.. أنا ما زلت في الثانية عشرة من العمر وأحتاج لصدر أمي وقلب أمي.
أرجوك سيدي.. أعيدوني لأحضانها أو أزهقوا روحي إذا وقف القانون حائلا بيني وبين أمني وأماني.
اعلم سيدي أن سنوات عمري أقل بكثير أن أقف أمام عدالتكم.. جدتي هي التي أقامت الدعوي عندما شعرت أنني أموت في اليوم ألف ألف مرة.. بينما تنعم والدتي في الحياة مع زوجها يا سيدي احكموا لي بعودتي للحياة.. وأنا من ذلك المحراب المقدس أناشدها أن تلملم اشلائي وترحم ضعفي وتعيدني لأحضانها.
المحكمة بعد الاطلاع والاستماع إلي أقوال الأم بأنها لا ترغب في إقامة صغيرتها معها خشية علي مشاعر زوجها وحتي لا تجلب لنفسها المشاكل خاصة أنها تأتمن الجدة علي رعاية ابنتها.. قضت المحكمة برفض دعوي الصغيرة والحكم ببقائها مع جدتها.
رفعت الجلسة وصدر الحكم برئاسة المستشار محمود خليل رئيس المحكمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.