زيادة الصادرات المصرية.. أصبحت هدفا أساسيا للإسهام في علاج المتاعب العديدة التي يعاني منها الاقتصاد المصري.. ومن هنا تأتي أهمية الجهود المبذولة سواء من الصناع أو الحكومة لتحقيق ذلك.. ومن أهم الصناعات التي حققت نمو كبيرا خلال السنوات الماضية هي صناعة الأجهزة الطبية ومستلزماتها فبالرغم من أن عمر هذه الصناعة يعتبر حديثا نسبيا في مصر.. إلا أنها استطاعت تحقيق نموا بمعدلات كبيرة وصل في بعض الأحيان إلي خمسة عشر في المائة سنويا, حتي وصلت قيمة هذه الصادرات في العام الماضي إلي حوالي ألف وخمسمائة مليون جنيه. ولكن هذه الصادرات تواجه في الوقت الحالي موقفا فريدا لم يتكرر من قبل.. فبرغم وجود إمكانيات كبيرة لاستمرار نمو هذه الصادرات إلإ أنها تواجه في نفس الوقت عقبات جديدة محلية وخارجية بعضها لم تكن موجودة من قبل والنتيجة هي أن هذه الصادرات مهددة لأول مرة بالتراجع.. رغم الجهود الكبيرة والمخلصة التي يقوم بها العديد من منتجي الاجهزة الطبية لمواجهة هذه التحديات. ففي خلال الفترة القريبة الماضية قام وفد صناعي مصري بمهمة عمل في دبي للمشاركة في معرض الصحة العامة وهو أحد أهم المعارض العالمية في هذا المجال.. حيث شارك فيه ثلاثة ألاف وخمسمائة شركة من ثلاث وستون دولة وزاره أكثر من ثمانين الف من المستوردين وكبار الشركات التجارية من أكثر من مائة وعشرين دولة.. حيث يتم خلاله عقد صفقات تصديرية تقدر بمليارات الدولارت سنويا يتم تنفيذها خلال الشهور المقبلة. وفي هذا الإطار فإن ثمان وعشرين شركة مصرية حرصت علي المشاركة في هذا الحدث الدولي المهم لبحث عقد أكبر قدر ممكن من الاتفاقات لتصدير المنتجات المصرية من الأجهزة الطبية ومستلزماتها. ويوضح الدكتور سامي الحمبولي رئيس شعبة صناعة الأجهزة الطبية في اتحاد الصناعات المصرية.. أن الصادرات المصرية كانت دائما تحقق معدلات نمو سنوية كبيرة وصلت في بعض الأحيان إلي خمسة عشر في المائة سنويا وفي العام الماضي وبرغم الصعوبات استمرت هذه الصادرات في النمو ولكن معدله أصبح أربعة في المائة فقط. أما في العام الحالي فبرغم أنه أمام هذه الصادرات فرصة غير مسبوقة لتحقيق معدلات نمو تصل إلي25% علي الأقل خاصة مع ارتفاع قيمة الدولار أمام الجنيه المصري.. مما أدي إلي زيادة القوة التنافسية للمنتجات المصرية في مواجهة مثيلها المستورد, إلا أنه في نفس الوقت هذه الصادرات تواجه عقبات عديدة تؤثر عليها بصورة سلبية.. من أهمها ظاهرة الإضطرابات وعدم الاستقرار السياسي والأمني في مصر الأمر الذي أصبح يمثل قلقا كبير لدي العديد من المستوردين وممثلي الشركات التجارية من عدد كبير من دول العالم حيث أصبح السؤال الأول لمعظمهم عند زيارة الجناح المصري في المعرض عن كيفية الأحوال في مصر وبالطبع فإن هذا التساؤل له هدفان أساسيان الأول الإطمئنان فعلا علي مصر خاصة من ممثلي الدول العربية والهدف الثاني أن المستوردين من انحاء العالم يريدون بالفعل أن يتأكدوا من قدرة الشركات المصرية علي الإلتزام بتنفيذ التعاقدات التصديرية التي سيتم الاتفاق عليها وتلافي حدوث أي معوقات أو أضطرابات نتيجة عدم الاستقرار أيا كانت أسبابه مما يهدد استمرار تنفيذ هذه التعاقدات. وقال إنه مع ذلك كله تم خلال المعرض الاتفاق المبدئي علي العديد من الاتفاقات التصديرية لمنتجات الاجهزة الطبية ومستلزمات الإنتاج إلي الخارج, ولكن ذلك كله لايمنع من أنه كان يمكن تحقيق زيادة كبيرة في هذه التعاقدات لولا القلق الدولي المتزايد لدي المستوردين العالميين من تداعيات عدم الاستقرار. وقال رئيس شعبة الأجهزة الطبية إنه برغم الجهود الكبيرة التي يقوم بها الصناع المصريون في هذا المجال فإن المؤشرات توضح احتمال تراجع صادرات الأجهزة الطبية في مصر لأول مرة بنسبة تتراوح بين خمسة وعشرة في المائة بعد أن كانت تحقق نموا مستمرا خلال السنوات الماضية وهو أمر مؤسف نعمل علي تلافيه بأكبر قدر ممكن من الجهد, خاصة أن هناك عوامل أخري تؤثر سلبا علي الصادرات ومنها طول وصعوبة الإجراءات خاصة سواء بالنسبة لفحص الخامات أو تسجيل المنتجات وهو امر موجود منذ سنوات طويلة. وقال إن هناك اتصالات مكثفة مع المسئولين بوزارة الصحة للعمل علي حل هذه المشكلة وهناك نية طيبة لهؤلاء المسئولين للعمل علي تحقيق ذلك وإن كان الإمر يتطلب سرعة اتخاذ القرارات المناسبة والالتزام بتنفيذها في أقرب وقت ممكن.. خاصة أنه بالنسبة للخامات فإن الاتجاه العالمي هو التركيز علي فحص المنتجات النهائية باعتبار أن ذلك هو العنصر الأساسي للتأكد من سلامتها. كما يجب أيضا خفض مدة التسجيل للمنتجات بحيث يتم ذلك خلال ثلاثون يوما كحد أقصي في حين أنه يستغرق حاليا فترات طويلة تصل في بعض الأحيان سنة أو أكثر.. وقال إن الامر يتطلب أيضا سرعة اتخاذ إجراءات إنشاء هيئة سلامة الدواء والأجهزة الطبية مشيرا إلي أن هناك عدة ملاحظات حول بعض الامور المتعلقة بصناعة الاجهزة والمستلزمات الطبية في مشروع إنشاء تلك الهيئة سيتم تقديمها لوزارة الصحة لمناقشتها. وفي نفس الوقت حذر سامي الحمبولي من مخاطر أي اتجاه لخفض أو الغاء الدعم لصادرات الأجهزة الطبية.. مشيرا إلي أن هذا الدعم لايتجاوز حاليا نسبة تتراوح بين سبعة أو ثمانية في المائة من قيمة الصادرات وهو يمثل طوق النجاه لهذه الصادرات في تلك الظروف الصعبة والغاء الدعم او تخفيضه سيؤدي إلي آثار بالغة السوء علي هذه الصادرات التي تعاني من المشاكل في الوقت الحالي وبالتالي فمن المهم تجديد هذه الدعم لفترة تالية خاصة أن دول اخري كالصين تقدم دعما لهذه النوعية من صادراتها يصل إلي أثنين وعشرين في المائة. ولكن إذا كان هذا رأي رئيس الشعبة.. فإن هناك ملاحظة مهمة يجب توضيحها في هذا المجال وهي أن أعضاءها بعكس كثير من الصناعات الأخري يتسمون بقدر كبير من الترابط والتعاون مما أسهم في نمو تلك الصناعة في الماضي. كما أن تكاتفهم يسهم في الحد من التداعيات السلبية التي تحاصر هذه الصناعة, وإذا كان هناك تنافس حاد في بعض قطاعات صناعية اخري علي المناصب.. فإنه علي العكس من ذلك في هذه الصناعة حيث إن رئيس الشعبة السابق الدكتور شريف عزت اصر علي الاستقالة بعد شعوره بأن المشاكل تزداد وتنمو. وأن جهوده لحل مشاكل الصناع لا تجد استجابه كافية من الجهات المختصة, ورغم رفض باقي أعضاء الشعبة لهذه الاستقالة إلا أنه أصر عليها. ومع ذلك فقد كان حريصا علي السفر مع زملائة في هذه المهمة بدبي لتشجيعهم رغم أنه لم يشارك في المعرض بصفة رسمية حيث قرر أقامة مصنع جديد في المانيا وهي ظاهرة انتشرت تدريجيا حيث إن هناك العديد من الصناع في هذا القطاع قرروا إقامة مشروعات جديدة في العديد من دول العالم مثل البرتغال وأسبانيا لتلافي تداعيات المشاكل المتنامية والتي أضيف اليها مؤخرا مشكلة عدم الاستقرار. وليس معني ذلك أن هؤلاء الصناع سيغلقون مصانعهم في مصر بل أن بعضهم سيقوم بالنقل والبعض الأخري مثل الدكتور شريف عزت سيبقي علي مصانعه طالما ظلت قادرة علي العمل والإنتاج وتلافي الخسائر ولكن بكل اسف فإن ظاهرة هجرة المصانع بدأت تنتشر في العديد من القطاعات الصناعية نتيجة المشاكل المتنامية التي تواجه الصناعة في مصر مما يتطلب العمل من كل الجهات المختصة في مصر لبحث هذه الأسباب وعلاجها لوقف نزيف الاستثمارات المصرية المهاجرة إلي الخارج. ويقول الدكتور عوض جبر خليل رئيس المجلس التصديري للصناعات الطبية إن يجب استمرار مساندة الدولة لهذه الصادرات باعتبار ذلك أمرا أساسيا لتشجيعها.. وأوضح أنه يجري حاليا اتخاذ الإجراءات النهائية لبدء تشغيل المركز التجاري المصري في الأمارات بحيث ستكون الصناعات الطبية اول المستفيدين بهذا المركزلتشجيع نمو الصادرات المصرية من صادرات الدواء والاجهزة الطبية ومستحضرات التجميل إلي دولة الامارات العربية المتحدة.