الدكتور حاتم عبداللطيف وزير النقل تولي المسئولية في ظروف بالغة الصعوبة إن لم تكن في غاية السوء, سواء فيما يتعلق بحالات الانفلات الأمني أو السياسي والاعتصامات والاضرابات التي يدفع قطاع النقل ثمنها غاليا. خاصة فيما يتعلق بقطع الطرق ووقف خطوط السكة الحديد, وإغلاق المواني, وغيرها من المرافق التي تصيب الحياة بالشلل والاقتصاد بملايين الجنيهات من الخسائر. إلي جانب ذلك هناك أيضا النقص الشديد في التمويل اللازم للمشروعات والخدمات التي تتأثر بطبيعة الحال والنتيجة نجد تدهورا في العديد منها بدأ يشعر به الناس. بين هذا وذاك يقف المسئول في حالة من التحدي, خاصة في تلك الأيام العصيبة, لذلك حرص الأهرام أن يرصد هذه التحديات عبر هذا الحوار مع الدكتور حاتم عبداللطيف. نبدأ بملف السكة الحديد.. الأكثر سخونة. السكك الحديدية يتم تموليها من جهتين الأولي هي الدولة من خلال بنك الاستثمار أو موازنة الدولة مباشرة, وهذا التمويل يكون في الأمور العاجلة, أما الجهة الثانية, فيكون من خلال المنح والقروض, وهي الجزء الأكبر في تمويل السكة الحديد, وتستخدم أموال هذه الجهة في تمويل عملية تحويل الإشارات الميكانيكية إلي إشارات كهربائية للإسهام في تحقيق عاملي السلامة والأمان داخل القطارات, وعلي القضبان وأرصفة المحطات. وأشار الوزير إلي أن شبكة السكك الحديدية تصل أطوالها إلي6 آلاف كيلو متر, وأن تكلفة تطوير الإشارات للكيلو متر الواحد تصل إلي خمسة أو ستة ملايين جنيه, وأضاف أنه تم حتي الآن تطوير نحو15% فقط من طول الشبكة, موزعة علي خطي القاهرةالإسكندرية والصعيد الدلتا. إذن ما هو الحل لوقف نزيف الدماء؟ إن اهتمام الوزارة بمسألة تطوير شبكة السكك الحديدية من النظام الميكانيكي( الذي يحتاج للعنصر البشري بشكل كبير) إلي النظام الكهربائي أو الإلكتروني, هو محاولة للبعد عن هذا العنصر الذي يتسبب في أكثر من50% من حوادث القطارات في مصر. وأن الجزء الذي تقوم بتمويله الدولة يتركز في تجديد وصيانة العربات والقاطرات, وتوافر قطع الغيار, وتطوير المزلقانات البالغ عدد الرسمي منها1332مزلقانا علي مستوي الجمهورية, تم تطوير400 منها حيث تعمل الآن بالإشارات الكهربائية, كما تم الانتهاء أخيرا من تطوير40 مزلقانا آخر, بالإضافة إلي الأسلوب التدريجي في تطوير المزلقانات الذي أتبعته منذ توليت الوزارة, حيث أقوم بافتتاح مجموعة من المزلقانات بعد تطويرها كل مدة تتراوح بين أسبوعين أو ثلاثة أسابيع, مضيفا أنه تم طرح051 مزلقانا آخر للتطوير في مناقصة جديدة خلال الشهر الماضي, أما بالنسبة لعدد المزلقانات الرسمية المتبقية التي تحتاج إلي تطوير والبالغ عددها نحو 500 مزلقان فسيتم طرح مزايدات تطويرها خلال شهر ابريل أو مايو المقبلين. ومتي تنتهي مشكلة المزلقانات؟ هناك طلبات كثيرة يقدمها المواطنون لهيئة السكك الحديدية, يطالبون فيها بفتح مزلقانات جديدة, وهذا أمر غاية في الصعوبة حاليا, لأننا ننشغل بتطوير المزلقانات القائمة فعليا, مشيرا إلي أن المشكلة الأكبر تكمن في المزلقانات العشوائية التي يفتحها الأهالي بمعرفتهم دون الاستناد إلي أسس علمية, ونسعي حاليا لإغلاقها بالتنسيق مع المحافظين. ولا يخفي علي أحد أن هيئة السكك الحديدية تعاني نقصا شديدا في قطع الغيار سواء للقاطرات أو العربات, لدرجة أن القاطرة أو العربة تدخل ورش الصيانة, ولا توجد قطع الغيار التي تحتاج إليها, مما يضطر العاملين بالورش إلي القيام بوضع قطع قديمة, وهذا يمثل خطورة بالغة, فاضطررت إلي طلب, وبشكل عاجل من الحكومة, مبلغ 170 مليون جنيه لتوفير قطع غيار للعربات حتي نتمكن من متابعة صيانتها بشكل دوري, بالإضافة إلي طلبي300مليون جنيه أخري لصيانة القاطرات, وتم توفير هذه المبالغ بالفعل بعد أن وصلت الوزارة اعتمادات المالية. وقد تعاقدت علي شراء212 عربة مكيفة متنوعة بين الدرجتين الأولي والثانية بقيمة مليارين و100 مليون جنيه تم سداد420مليون جنيه منها, علي أن يتم توريد50% من هذه العربات خلال العام الحالي, وسيتم تشغيل هذه العربات علي الخطوط الرئيسية, كما تم التعاقد علي 336 عربة أخري مطورة ومميزة سيتم تشغيلها علي الخطوط الفرعية للأقاليم. لكن تظل مشكلة الأمن والسلامة من أكبر المشكلات التي تواجه المواطنين؟ الوزارة تسعي لتحقيق منظومة السلامة والأمان علي قطارات السكة الحديد, وقد تم تشكيل مجموعات عمل من الهيئة موزعة علي مستوي الجمهورية لفحص, وتوافر عامل الأمان علي السكة, وفرق موازية تفحص القاطرات, وأخري للعربات, وهذه الفرق تكتب تقاريرها التي تعرض علي أسبوعيا لأقوم بدراستها, ومن خلال هذه التقارير اكتشفت أن هناك خللا جسيما في منظومة السلامة والأمان من حيث نقص قطع الغيار وقلة عدد العمالة المدربة, بالإضافة إلي عدم جاهزية الورش, مما اضطرني للقيام بجولات مفاجئة لبعض المحطات وورش الفرز والصيانة, حتي يسير العمل في حدود الإمكانات المتاحة. وقد تم إنشاء وحدة سميت السلامة للسكة الحديد وهي مشكلة من الوزارة, وغير تابعة لهيئة السكك الحديدية, وحددت دور هذه الوحدة بأن يكون لمتابعة أعمال الصيانة, ثم عقدت اجتماعا عاجلا جمعت فيه مسئولي الصيانة لتلافي العيوب. وماذا عن الارتقاء بمستوي العاملين ورفع كفاءتهم؟ سياسة الوزارة في الفترة المقبلة تسعي إلي زيادة إمكانات ومهارات العاملين في قطاعي السكك الحديدية والمترو, حيث إنها ستنتهج سياسة التدريب المستمر, ونسعي إلي تفعيل دور معهد وردان التابع لهيئة السكك الحديدية, كما أنه انتهي من تشكيل لجنة مشتركة من وزارات النقل والتعليم العالي والتربية والتعليم والشباب والرياضة والاستثمار, بالإضافة إلي الهيئة المالكة للمعهد, ومهمة هذه اللجنة تحديد كيفية الوصول للأسلوب الأمثل لاستغلال هذا المعهد من عدة زوايا سواء التدريبية أو الرياضية أو التعليمية أو الاستثمارية, خاصة أن المعهد بعد تطويره أصبح يمتلك مقومات التدريب الجيد, والملاعب الرياضية المتنوعة, والتي يمكن استثمارها بما يعود بالربح الوفير علي قطاع السكة الحديد, وقد يستخدم هذا الربح في عمليات الصيانة للمرفق بالكامل, وأن اللجنة قد بدأت عملها بالفعل منذ أكثر من أسبوعين, ومن المقرر لها أن تقدم تقريرها خلال شهرين من بداية العمل. إذا انتقلنا إلي قطاع النقل البحري الذي يمكن أن يكون قاطرة التنمية في مصر.. ماذا تقول؟. أنا حزين علي طريقة عمل المواني المصرية, وأساليب تطويرها, لأنها لا تتم بطرق أو أساليب علمية لعدم وجود مخطط عام يسهل كيفية عملها, والاستفادة منها لأقصي درجة, وعدم وجود هذا المخطط يتسبب أيضا في العمل المتضاد بين المواني المصرية, وكأنها تتنافس, ومن غير المعقول أن تتنافس مواني تقع داخل أراضي دولة واحدة, لذلك يجب العمل علي وجود مخطط عام لعمل المواني المصرية, حتي نستطيع العمل طبقا لإمكانات كل ميناء, وهذا ما أسعي لإيجاده حاليا, بأن يكون لدينا صورة كاملة عن كل ميناء علي حدة, وبالتالي نتوصل إلي الصورة العامة, والأكثر شمولا لجميع الموانئ المصرية التي تمكننا من الاستغلال الأمثل لهذه الموانيء, التي تستطيع أن توفر موارد ضخمة لمصر تنعش حالتها الاقتصادية بشكل كبير. وهذا المخطط الذي أسعي إلي تحقيقه علي أرض الواقع يجري الإعداد له من خلال طرحه من خلال كراسة شروط, تهتم بالاستعانة بالخبرات الدولية في المجال البحري والموانيء, ليتحقق ما نسعي إليه بدقة وبصورة علمية. وأيضا هناك اهتمام لتطوير الطاقات الاستيعابية للموانيء في المجالين التجاري والسياحي, حيث قال إنه خلال الأسبوع الحالي سيتم طرح كراسة شروط تنفيذ مبني الركاب السياحي في ميناء الإسكندرية, كما سيتم قريبا طرح محطة حاويات جديدة في ميناء دمياط, ذلك بالإضافة إلي محطة الحاويات الثانية بميناء شرق بورسعيد التي تم طرحها خلال الأسابيع الماضية, وعلي التوازي يسعي الوزير إلي حل المشكلات القديمة والمعطلة في الموانيء مثل مشروع دبكو ومشروع مشرق وذلك من خلال أن يتم التقنين بدخوله إلي مجلس الوزراء ليصدر به قرار. وهناك أيضا المشروع الضخم الذي تعول عليه حكومة الدكتور قنديل المتمثل في تنمية إقليم قناة السويس, والذي بدوره سيسهم بشكل قوي في تنمية سيناء تنمية شاملة, فلابد أن تكون موانيء مصر منافسا قويا لمواني البحر المتوسط من جهة ومواني البحر الأحمر من الجهة الأخري, وإنني أسعي إلي تحويل دور هذه الموانيء من مجرد الشحن والتفريغ, إلي مراكز صناعية وتجارية ولوجيستية. وماذا عن شبكة الطرق؟ الطرق تمثل أهم شرايين التنمية في أي دولة كبيرة كانت أو صغيرة, ولاشك أن مشروعات الطرق والكباري تحتاج لتطوير وتوسعات, وذلك يتحدد من خلال زيادة الطلب علي النقل, الذي يتحدد بدوره من خلال مخطط الدولة العام للتنمية. ولكن للآسف تمويل الطرق والكباري حاليا, سواء تمويلات الإنشاء أو الصيانة, عائق كبير فعلي سبيل المثال, تتم عمليات الصيانة من خلال التمويل المباشر من عائدات الرسوم والموازين والإعلانات علي الطرق, بالإضافة إلي الموازنة العامة, وهذه العائدات لا تمثل سوي ما يقرب من05% فقط من التمويل المطلوب, فعليا للصيانة, خاصة أن الطرق والكباري في مصر تتلف, وتستهلك بسبب التخلف الرهيب في عملية رصد الحمولات التي تمر بها سيارات النقل عليها, لذلك أخطط الآن لإدخال نظم حديثة للموازين لوزن حمولات السيارات دون الحاجة إلي توقفها, وذلك لأن منظومة الموازين الحالية لا تؤدي دورها بفاعلية, وتؤدي إلي تعطل حركة النقل, وسيتم إدخال النظم الحديثة من خلال أجهزة حساسة توضع داخل كل سيارة نقل وأجهزة مرتبطة بها إلكترونيا مثبتة علي الطرق, وهذه الأجهزة تحدد وزن حمولات سيارات النقل, وهذا يمكن من ضبط المخالفين ممن يضعون حمولات زائدة علي سياراتهم, وبالتالي يتسببون في تلف الطرق وانتهاء صلاحياتها قبل الوصول إلي أعمارها الافتراضية, وهذا يضطرنا إلي إنفاق ملايين الجنيهات علي إصلاح وصيانة الطرق بدون سبب منطقي.