سارة عبد العليم باكستان فوق صفيح ساخن.. هكذا هو لسان حال الساحة السياسية الباكستانية بعد أن شهدت أسبوعا مشحونا بالأحداث السياسية المربكة بعد أن صدر قرار من المحكمة العليا بالقبض علي رئيس الوزراء الباكستاني رجاء برويز أشرف علي خلفية اتهامه بالتورط في قضايا فساد واستغلال منصبه في تقاضي رشوة مالية, في الوقت الذي انطلقت فيه مظاهرات احتجاجية حاشدة بقيادة رجل دين بارز تطالب باستقالة الحكومة وتشكيل حكومة تسيير أعمال مؤقتة لحين إجراء انتخابات عامة. لم تمض ستة أشهر علي برويز أشرف في منصبة كرئيس للحكومة حتي صدر أمر اعتقاله ووقفه عن ممارسة مهام منصبه, ولما لا ؟!, فالانتهازية والجشع ليس لهما جزاء إلا السقوط والخزلان. فقد عين برويز أشرف في منصب رئيس الحكومة في يونيو الماضي خلفا ليوسف رضا جيلاني الذي اضطر لترك منصبه وعزل بقرار من المحكمة العليا بعد إدانته بتهمة ازدراء القضاء برفضه مخاطبة السلطات السويسرية لإعادة فتح تحقيقات فساد ضد الرئيس آصف علي زرداري. ويبدو برويز أشرف في وضع أشد تعقيدا من وضع سلفه. فبعد ستة أشهر من انتخابه رئيسا للحكومة, يواجه برويز أشرف اتهامات بتلقي رشاوي من شركات حصلت علي عقود حكومية لإقامة مشاريع لزيادة إنتاج الطاقة والكهرباء لحل أزمة الطاقة التي تعاني منها البلاد. وأثيرت شبهات حول برويز أشرف فيما يتعلق بإرساء صفقات علي تلك الشركات واستئجار محطات الطاقة. وبالفعل استدعاه مكتب المساءلة في أبريل الماضي لاستجوابه في إطار تحقيقات أدت حتي الآن إلي إدانة مسئولين عملوا في مشروعات الطاقة في ذلك الوقت. وكان قد جري تدشين المشروعات خلال الفترة التي شغل فيها أشرف وزارة الطاقة والمياه في الفترة من عام2008 حتي عام2011, وتبين بعد ذلك أنه واحد من أكبر المستفيدين من المشروع وأنه تقاضي مبالغ باهظة نظير تسهيله للإجراءات.كما يواجه أشرف تهما بشراء عقارات في لندن من الكسب غير المشروع والتربح الذي حققه عن طريق استغلال منصبه. وجاء قرار اعتقال أشرف ليضع إسلام آباد علي مشارف أزمة سياسية جديدة, فانطلقت شائعات تقول إن المحكمة العليا والجيش يعملان معا للإطاحة بالحكومة. فقد تزامن قرار اعتقال رئيس الحكومة مع مظاهرات احتجاجية تطالب برحيل الحكومة وتشكيل حكومة جديدة. وتزعم المظاهرات رجل الدين الدكتور طاهر القادري الذي من المعتقد أن الجيش يدعمه. وذكرت صحيفة ديلي تليجراف البريطانية أن شائعات بوقوع انقلاب علي السلطة أصبحت تدوي في جميع أنحاء العاصمة إسلام آباد, في إشارة إلي أن باكستان أصبحت بلدا تكثر فيها المؤامرات التي لا تستند إلي أدلة دامغة مما وضع الجيش في بؤرة مؤامرة للإطاحة بالحكومة. وأوضحت الصحيفة أنه في حال إجراء الانتخابات العامة في الموعد المحدد لها فإنها ستكتب ميلاد أول انتقال ديمقراطي من حكومة منتخبة لأخري. ورأت الصحيفة أن اللاعبين الأساسيين علي الساحة السياسية الباكستانية لا تنقصهم الشجاعة الكافية لإثارة المشاكل, فإن ما تشهده البلاد الآن يميل إلي كونه انتهازية أكثر منه تآمرا. فقد دخلت باكستان في حالة من الضباب السياسي حيث لم يتضح حتي الآن مصير حكومة أشرف في الوقت الذي هدد فيه القادري باندلاع ثورة ما لم تلب مطالبه بحل برلمانات الأقاليم الأربعة والتنحي عن السلطة.