يعد موقع التواصل الاجتماعي الفيس بوك سلاحا ذا حدين فبالرغم من أنه ساهم بشكل كبير ومؤثر في إحداث ثورة25 يناير, إلا أنه تحول أيضا إلي آداة ترويج سريعة للشائعات المغرضة التي تهدف إلي إثارة الرأي العام, والتأثير السلبي علي مصلحة البلاد. وناشد علماء الدين مستخدمي الفيس بوك التأكد من صحة الأخبار والحقائق قبل نشرها وأن يتقوا الله في وطنهم, لأن هناك شائعات يمكن أن يؤدي تداولها إلي تدمير الاقتصاد بأكمله, أو إلي تناحر وتصارع الأحزاب السياسية, وإشاعة الفوضي في المجتمع, وتهديد أمن واستقرار مصر. لم يؤد مهمته يقول الدكتور زكي محمد عثمان أستاذ الثقافة الإسلامية والدعوة بجامعة الأزهر: إن مواقع التواصل الاجتماعي لم تؤد مهمتها بصدق, لما نراه من وقوع انفلات أخلاقي وفوضي وارتباك, مع أنه كان من المفروض تحقيق التواصل الإجتماعي المبني علي القول الحسن والكلمة الطيبة والتعارف الذي له أصل من القرآن والسنة, يقول تعالي: يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثي وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا, وكان ينبغي أيضا من خلال التواصل الإجتماعي غرس القيم وتشكيل الثقافة المعرفية, لكن للأسف الشديد لا نجد إلا مهاترات وشائعات تتولد فيها الأخطار والفتن النائمة لعن الله من أيقظها, فتن لا تسبب إلا التصادم والتناحر والتباغض والحقد. ويضيف: إن مواقع التواصل الاجتماعي تسبب فرقة بين الناس وبخاصة الشباب, وأعطي مثلا صارخا حينما نري علي تلك المواقع دعوة شرسة إلي إيقاع الفتنة في المساجد بين الناس والدعاة وأطلقوا عليها اسم:( أنزلوهم من علي المنابر), فهذه دعوة لمحاربة الدين خرجت من عقول قاصرة, وأفكار جامدة ليس من ورائها إلا صراع اجتماعي خطير, ونحن الآن في غني عن ذلك, فالمفروض أن يتآلف الناس من خلال التواصل الاجتماعي وان نأخذ بأيد بعضنا البعض إلي طريق الفكر, وهكذا ينبغي أن ننظر إلي مواقع التواصل الإجتماعي, حتي نصل لأعلي درجات الانضباط والثقافة المعرفية بعيدا عن الفساد والضلال والانفلات الأخلاقي, وكل هذا الأشياء ضوابط للكلمة الطيبة الحسنة التي يقول الله عنها: وهدوا إلي الطيب من القول, ويقول عز وجل أيضا: قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذي. بعض الشائعات مدمرة ويري الدكتور نبيل السمالوطي أستاذ علم الاجتماع بجامعة الأزهر أن الشائعات التي يتم تداولها علي مواقع التواصل الإجتماعي أمر مدمر لكل مؤسسات المجتمع, والشائعات هي الأخبار الكاذبة التي يمكن أن تنشر بشكل عمدي أو غير عمدي, مثل الشائعة الكاذبة التي أطلقت مؤخرا وهي أن مصر علي وشك الإفلاس, وهذا سيؤدي إلي أن يسحب الناس أموالهم من البنوك مما يدفع بها للإفلاس ويؤثر علي اقتصاد الدولة بالفعل لأن البنوك تقوم بعمل الكثير من المشروعات الاقتصادية, ومن هنا تتأكد الشائعة, وبالتالي فيمكن أن تخلق الشائعة أزمة اقتصادية وسياسية أيضا, عندما يشاع أن هناك جبهة سياسية معينة تشكك في نوايا حزب آخر وأنه مثلا يريد الاستحواذ علي الحكم, ويضيف أنه يمكن للإنسان أن يسهم في نشر الشائعة دون أن يدري, بأن يستمع إلي خبر معين لا يستوثق منه ثم ينشره, فالفيس بوك سلاح خطير, لأن رواده أصبحوا بالملايين وفي تزايد مستمر, وقد ساهم الفيس في إحداث ثورة25 يناير, فكما له سلبيات, يوجد أيضا إيجابيات كثيرة. .. وتلك طرق تجنبها ويناشد الدكتور نبيل السمالوطي الشاب ألا ينشر الأخبار الكاذبة, لأنه من الممكن أن يسهم من حيث لايدري في دمار المجتمع المصري سياسيا واقتصاديا, ويجب عليه أن يكذب الخبر في البداية حتي تتأكد صحته, ففي حادثة الإفك أدي ذلك إلي ازمة كبيرة بين الرسول صلي الله عليه وسلم وعائشة وأبي بكر وابنته رضي الله عنهما, يقول تعالي: ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا, ويضيف أنه يمكن أن نتجنب الشائعات في مجتمعنا من خلال عدة أمور, وهي الوضوح والشفافية بأن توضح الدولة الاخبار الحسنة والسيئة بتفاصيلها للناس, فالمعلومات الصحيحة تقضي علي المعلومات الفاسدة, وأيضا أن يتقي الإعلام الله في مجتمعه, ولا يذيع إلا الأخبار المتأكد من صحتها ومن مصادرها, حتي لا يثير الفتن بين الناس, يقول الرسول صلي الله عليه وسلم:( الفتنة أشد من القتل), ويجب الانتباه إلي أن أعداء مصر كثر بعضهم في الخارج, وبعضهم من داخل البلاد وهم المصريون غير الشرفاء الذين يجرون وراء الشهرة أو المجد الكاذب والاموال المشبوهة التي علي استعداد لدفعها من أعداء مصر في الخارج. نداء للمستخدمين فعلي مستخدمي الفيس بوك أن يتأكدوا من الحقائق أولا قبل نشرها, وكما يقول الرسول صلي الله عليه وسلم:( يكفي للمرء إثما أن يحدث بكل ما يسمع), وإذا أردت أن تنشر خبرا ولم تتأكد من صحته, فقل( سمعت كذا.. ولكني غير متأكد), يقول الله عز وجل: إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا علي ما فعلتم نادمين, ونصيحتي لمستخدمي الفيس بوك أيضا إذا كان هناك خبر يمكن أن يؤثر علي مصلحة البلاد أو يدمر اقتصادها فلا تذعه, حتي نلم الشمل وننقذ مصر, فالخاسر في مثل تلك الأمور ليس شخصا أو حزبا وإنما وطننا جميعا. القضاء علي الأمية الدينية وإذا كان الفيس بوك أصبح أكثر وسائل نشر الشائعات, فإن علماء الدين يحددون المنهج الإسلامي لمحاربة تلك الآفة التي تهدد استقرار المجتمع, ويقول الدكتور نصر فريد واصل عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف ومفتي الجمهورية الأسبق, إن الشائعات جريمة من الجرائم الكبري وتعد من الفواحش أيضا, يقول الله تعالي: إن الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة. والله يعلم وأنتم لا تعلمون, وكما يقول الرسول صلي الله عليه وسلم الفتنة أشد من القتل, ويقول أيضا صلي الله عليه وسلم:( وربما كلمة واحدة يقولها الإنسان يهوي بها النار سبعين خريفا), وقد يظن قائلها أنها كلمة عادية ولكنها تؤدي إلي مشكلات كبيرة في المجتمع, ودائما الشائعة إن كان يقصد بها الضرر والفتن فتعد من الكبائر, وأما الشخص الذي يلهو بها ولا يدرك خطورتها ولا الذي يترتب عليها فهو أيضا لا يعفي من المسئولية لأنه لم يتحر الدقة والصدق فيها قبل نشرها, وسيحاسب علي ذلك أيضا. ويناشد الدكتور واصل المسئولين بوضع القوانين لمحاربة مروجي الشائعات, علما بأن أغلب الشائعات لا يعرف مصدرها, ولكنه إذا هرب من القانون فلن يهرب من الله وشرعه, كما أن الوعي الثقافي والديني مع وجود القوانين المنظمة علي رأس الحلول لمشكلة الشائعات, فالأمية الدينية, تعد سببا جوهريا لكثير مما نحن فيه من فساد في كل أمور الحياة.