انطلق مدفع الإفطار, وضع الجنود سلاحهم واصطفوا خلف أحفظهم لكتاب الله لآداء صلاة المغرب, بعد أن كسروا صيامهم بتمرة وشربة ماء جاءت رصاصات الغدر من حيث لا يحتسبون, واغتالت يد الإرهاب الآثمة حماة تراب الوطن, وهم ركع سجود. بكي المصريون علي فلذات أكبادهم, وخيرة شبابهم, هم عند الله شهداء في أعلي عليين, قال تعالي: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون, حرمت أجسادهم علي النار, ففيهم قال نبي الرحمة عينان لا تمسهما النار, عين بكت من خشية الله, وعين باتت تحرس في سبيل الله من جديد عاد الإرهاب الأسود الي جزء عزيز من تراب الوطن, وأطلت علينا فكرة التكفير, نادي رئيس الجمهورية بالقصاص, وأطلقت القوات المسلحة رجالها البواسل لتطهير سيناء, ولكن المواجهات الأمنية وحدها لا تكفي, ذهبت قوافل الأزهر والأوقاف والدعوة السلفية إلي سيناء بحثا عن الجماعات التكفيرية التي تستبيح الدماء والأموال والأعراض وتدعي رفع راية الجهاد نصرة للإسلام وتطبيقا لشرع الله. التقي علماء الدين الوسطيون مع رموز السلفية الجهادية في محاولة منهم لمواجهة الفكر بالفكر, ثم عادت القوافل الدعوية من تلك البقعة الغالية من تراب الوطن لتعلن ان الأزمة اعقد من فكر متشدد وأكبر من جماعات تعيش بين الجبال, وان سنوات التجاهل والحرمان لأهل سيناء كانت سببا في الأزمة, وأن المواجهة الأمنية وحدها لا تكفي لمواجهة الفكر التكفيري الذي بات يهدد كل الوطن. يري علماء الدين ان أطرافا خارجية تعبث في أمن سيناء, وأن سنوات التجاهل والحرمان كانت سببا في تهيئة البيئة الملائمة لنمو الفكر التكفيري, ولكنهم في كل الأحوال يحملون الجميع المسئولية ويطالبون بتكاتف الجهود لإنقاذ سيناء قبل فوات الأوان. بادر الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب بإنشاء معاهد أزهرية في شمال سيناء لنشر الفكر الأزهري الوسطي المستنير وتسيير قوافل دعوية أزهرية الي سيناء هو جزء من الحل وليس نهايته, كما اطلقت الدعوة السلفية قوافلها الدعوية الي سيناء, ولكنهم جميعا عادوا ليحذروا من خطورة الوضع الميداني في سيناء التي هجرناها ولم نعمرها وتركت هذه المنطقة للفكر المنحرف, إن الفكر المستقيم المعتدل هو الذي يرد الناس للعدل. المخاوف مشروعة ومقبولة, من عودة الفكر المتطرف الذي يكفر المجتمع ويستحل الدماء, لكن الأهم من كل ذلك هو تعمير سيناء, هي إذن منظومة متكاملة واجبة التطبيق وسرعة النفاذ لدرء هذا الخطر عن الوطن.