الدماء التى سالت على أرض سيناء.. دماءٌ غالية عزيزة، لا يمكن لأى مصرى أن يفرِّط فى حقها؛ لأنها أغلى عند الله من الكعبة المشرفة.. فالهجوم المسلَّح الذى راحَ ضحيته 16 من جنود وضباط الجيش المصرى بالقرب من الحدود المصرية الإسرائيلية، هو جريمة بشعة فى حقّ مصر وبَغْى وعدوان على الدماء التى حرَّم الإسلام إراقتها إلا بالحق.. وعينُ الإنصاف ترى أن المستفيد الأول هو إسرائيل وأعداء الثورة. هى جريمة ينكرها الدين والعرف والعقل ولا تصدر إلا من قلوب مظلمة جاحِدة؛ فهؤلاء المرابطون على الحدود يقومون بواجبهم فى حماية الوطن فى مهمة عظيمة تحجبهم عن النار بإذن الله، قال النبى صلى الله عليه وسلم: «عينان لا تمسهما النار؛ عين بكت من خشية الله، وعين باتت تحرس فى سبيل الله». لذلك نقول إنَّ الإسلام برىء من هذه الجريمة الدنيئة فى الوقت الذى تحاول فيه بعض الأصوات العلمانية، التى دأبت على نشر البهتان والزور أن تلصق التهمة بالإسلاميين... وعجيب أمر هؤلاء النفر الذين يَسْعَون ليل نهار لنشر الفتنة فى جنبات الوطن.. "إذا كانت المِحَن تجمع المصابين" فهؤلاء لا هَمَّ لهم إلا السلطة والهجوم على الرئيس مرسى.. وتلك خيانة، كان أولى بهم أن يَلْتَفُّوا حول الوطن فى مِحْنَتِه وليس التشفِّى والافتراء على الرئيس مرسى الذى يواجه إرثًا كبيرًا من المظالم والطغيان تركها نظام مبارك المخلوع.. ولا ندرى مَن يحاسب مَن؟ الرئيس يحاسب العسكر الذين قصَّروا فى تأمين الحدود وانشغلوا بالسياسة أم يحاسب المخابرات، التى تهاونت فى المعلومات الواردة بقُرْب وقوع الكارثة، وكان يجب عليها أن تتحرك وتخاطب المعنيين لمنع الجريمة قبل وقوعها.. على كلٍّ لا يمكن التهاون أمام تلك الكارثة، نطالب الرئيس محمد مرسى بالحسم والحزم فى سياسة الأمور، والضرب بيدٍ من حديد على كل خارج على القانون وكل معتدٍّ على الدماء.. فجموع المصريين لا يريدون دولة رخوة، بل يريدون دولة قوية تحكم بالعدل وتحفظ البلاد والعباد. فرقٌ كبير بين الدعوة إلى الله التى تحتاج إلى لِينٍ ورحمةٍ وتسامحٍ وبين إدارة الدولة التى تحتاج إلى قوة وحزم وشدة، لذلك أظهر أبو بكر الصديق- أول حاكم فى الإسلام بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم- القوة والحزم بعد توليه أمر المسلمين، وهو الذى كان أسيفًا رقيقًا.. فإذا به يواجه الخارجين على الدولة الإسلامية الوليدة والمرتدين بكل حسم، وقال قولته المشهورة: «والله لو منعونى عقالاً كانوا يؤدونه لرسول الله لقاتلتهم عليه». لذلك يجب على السلطات المصرية ضرورة مواجهة العابثين بأمن البلاد واستعادة الاستقرار والأمن فى الشارع المصرى، من أجل عودة هيبة الدولة، التى انفرط عقدها مهما كلَّفنا ذلك من تضحيات، لابدَّ من تفعيل القانون والضرب بيدٍ من حديدٍ لكن فى المقابل عدم التوسع فى التعامل الأمنى الغاشم وأخذ الناس بالريبة والظنّ واعتقالهم وحبسهم وهم أبرياء. أيضًا لا يفوتنا تورط إسرائيل فى تلك الجريمة سواء بطريق مباشر من تجنيد هؤلاء ودعمهم أو طريق غير مباشر باختراقهم ومعرفة توقيت جريمتهم.. الأمر أيضًا يحتاج إلى فرض السيطرة الأمنية الكاملة على سيناء..كما يحتاج الأمر إلى جهود المصلحين فى محاربة الفكر التكفيرى وتصحيح أفكار الغلو والتشدد عند بعض المجموعات المقيمة فى سيناء، فلا يكون الحل الأمنى هو الوحيد فلابدّ من الحوار مع معتنقِى تلك الأفكار الشاذة، والذين لم يتورّطوا فى أعمال عنف وجرائم.. أيضًا تنمية سيناء لابد أن تكون على أجندة الأولويات من أجل إعمار هذه المنطقة الحيوية، التى هى بوابة مصر الشرقية فى مواجهة إسرائيل.