كان الله في عون المشاهد فقد إختلط عليه أمر مصدر معرفة الأخبار ووقع فريسة لمروجي الشائعات, وعندما يلجأ الي القنوات والتي لها وزن في سوق الاعلام . وبعضهما أصبح مصدره الرسمي لمعرفة الأخبار مثل تلفزيون الدولة الرسمي, فانه لم يسلم من الاخبار المتضاربة ومن تكذيب ما سمعته أذناه في نشرة الاخبار أو عبر البرامج المتزاحمة طوال اليوم علي الشاشات, وفي النهاية يتم تكذيب الخبر, ويقف المشاهد ومتسائلا من المخطئ فيما سمعه وتم نفيه أو تكذيبه؟ ومن يتحمل مسئولية الخطأ الاعلامي المهني, وسيلة الاعلام أم مصادر الاخبار؟, بينما المتفرج لا يعلم من هو الصحيح ومن المخطئ, ولعل آخر الأخبار التي وقع المشاهدون في حيرة بسببها هو تقديم فاروق العقدة رئيس البنك المركزي لاستقالته التي أذيعت في التلفزيون الرسمي, ليتم نفي الخبر بعد إذاعته بدقائق, وتم تناسي الموضوع من التلفزيون ومن مصدر الخبر الذي لم يعلن عنه بينما لم ينس المشاهد ما سمعه وتم نفيه, كذلك ما نشرته قناة العربية عن اجتماع وزاري عاجل بين وزيري الداخلية والدفاع ورئيس الوزراء قبل ان ينفي مجلس الوزراء الخبر ويكذبه ويعرض بيانا بان الاجتماع كان مرتبا ومحدودا ولم يكن عاجلا وضم سبعة وزراء إضافة الي رئيس مجلس الوزراء. وعن هذا الموضوع يقول محمود عزت نائب رئيس قطاع الإخبار المسموعة: ان المشاهد بالتأكيد هو الخاسر الأكبر من التضارب في الأخبار وكذلك وسيلة الإعلام التي أذاعت الخبر لأنها قد تفقد ذلك المشاهد للأبد, والذي وقد لا يعنيه تراجع المصدر من عدمه, ولكن بصفة عامة تعتمد اغلب وسائل الإعلام وقطاعات الإخبار علي وكالة انباء الشرق الأوسط( ا.ش.ا) فيما يخص الشؤون الداخلية والمحلية, فهي الأقرب لنقل الخبر المحلي, ولكن لا ينبغي ان تسلم وسيلة الإعلام للوكالة فقط خصوصا في الأخبار الحساسة, ففي القطاع الذي اشرف بالعمل فيه لا أذيع خبرا حساسا قبل أن أعود الي المراسل أو المندوب في المكان الذي يخص الخبر, كما فعلت في استقالة محمود مكي نائب الرئيس, فقد اتصلت بمراسل رئاسة الجمهورية وتأكدت من صحة الخبر قبل إذاعته علي الرغم من الخبر وصلنا الساعة الثالثة الا ربع وكان مذاعا في نشرة الثالثة, وقد سبقتنا وقتها قناة الجزيرة في عرض الخبر رغم أنها نسبت لنفسها الانفراد بإذاعته أولا قبل كل وسائل الاعلام, وفي العموم يجب علي وسيلة الإعلام أن تتأكد من مصدر آخر غير وكالة الإنباء فيما يخص الأنباء المحلية, أما في الأنباء الدولية فلو جاء الخبر من عدة وكالات بنفس المحتوي والمضمون تتم إذاعته فورا وبشكل تلقائي في الوسيلة الإعلامية, أما لو جاء من وكالة واحده فقط وكان غير مؤكد فيذاع منسوبا للوكالة لتتحمل هي مسئولية خطأه, وبشكل عام أنا من أنصار مدرسة ان أذيع الخبر متأخرا وصحيحا, خيرا من انشره متعجلا قد يكون خاطئا, وحتي لا يفهم من ذلك انني احمل الوسيلة الإعلامية كل المسئولية في إذاعة الخبر قبل نفيه فان المصدر يتحمل كل المسئولية وليس جزء منها لو كان متخبطا في قراراته وله أكثر من متحدث اعلامي كل برأي مختلف, وهناك العشرات من الأخبار التي احتفظ والتي لم تذاع اتضح بعد ذلك عدم صحتها بسبب تخبط المصدر وتضاربه في قراراته وإخباره, فالمصداقية أهم من العجلة لكلا الطرفين سواء وسيلة الاعلام او المصدر والخاسر الوحيد من هذه التضاربات و التكذيبات للأخبار هو المشاهد.