الله خالق كل شئ.. فالوجود كله مرتبط بوجوده سبحانه. خلق الأنواع والأجناس والأزواج سبحان الذي خلق الأزواج كلها مما تنبت الأرض ومن أنفسهم ومما لا يعلمون( يس63). من صمم وأبدع هذا الكون بكل ما فيه ومن فيه إلا هو ؟ ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو علي كل شئ وكيل( الأنعام201) وهو علي كل شئ وكيل أي هو المتولي والمتصرف في كل شئ... لقد خلق الله المخلوقات كلها, ودلها وألهمها طريقة عيشها والمحافظة علي وجودها, ومن ذلك النملة... ذلك الكائن الضئيل الحجم, تحسست نملة سليمان عليه السلام وجنوده, فأنذرت عشيرتها أن يختبئن حتي لا يدهمهم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون بهم وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون. حتي إذا أتوا علي واد النمل قالت نملة يا أيها النمل أدخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون. فتبسم ضاحكا من قولها وقال رب أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلي والدي وأن أعمل صالحا ترضاه وأدخلني برحمتك في عبادك الصالحين( النمل71 91) وهو يوزعون أي يسيرون في تشكيلات معينة بحسب توزيعات سليمان عليه السلام... سبحان رب العالمين الذي أودع في هذه النملة الضئيلة القدرة علي المحافظة علي حياتها وحياة أقرانها. كما ألهم الله جل جلاله النحل, كيف يعيش ويتخذ له بيوتا, وكيف يتغذي علي رحيق الزهور وأوحي ربك إلي النحل أن إتخذي من الجبال بيوتا ومن الشجر ومما يعرشون. ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس إن في ذ لك لآية لقوم يتفكرون( النحل86 96)... سبحان الله مرة أخري.. وتبارك الله أحسن الخالقين.. وإن في ذلك لآية لقوم يتفكرون أي أن الذين يتفكرون هم الذين يدركون عظمة الخالق الواحد الأحد, وقدرته التي تنفذ إلي كل شئ, وتحيط بكل شيء, وتعلوا علي كل شيء.. ومن هؤلاء الذين يتفكرون علماء الفيزياء والكيمياء والطب والفلك.. إلخ الذين نبغوا وتفوقوا في مجالاتهم, واكتشفوا شيئا من نواميس الكون.. من هؤلاء من أدرك أن ما توصلوا إليه لا يعد شيئا مذكورا بالنسبة لما غاب عنهم من العلم, وهذا مصداق قوله تعالي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا( الإسراء58), ومع ذلك فإن ما توصلوا إليه أو ما هم بصدد التوصل إليه إن هو إلا بمشيئة الرحمن ولا يحيطون بشئ من علمه إلا بما شاء( البقرة552) ومع كل ذلك يتساءل البعض: إذا كان الله قد خلق كل شئ, فمن خلق الله؟! وأحيلهم إلي حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم يأتي الشيطان أحدكم, فيقول: من خلق كذا وكذا؟ حتي يقول له: من خلق ربك ؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته وأزيد بالقول بأن عقل الإنسان محدود, ولذلك لا يستطيع الإحاطة بهذا الأمر, وخير له أن يبتعد عنه, ولا يستسلم لوساوس الشيطان, الذي لا يريد بالإنسان خيرا... بل يريد أن يزلزل إيمانه أو علي الأقل يهز أركانه.. ونقول آمنا بالله عز وجل.