إن السلام الاجتماعي هو الهدف النهائي للتحالف, ذلك بأن القصد من التحالف أن تكون السلطة للقوي المتحالفة معا في كل المجالات( السياسية والاقتصادية) وهي في مرحلتنا هذه ونحن نضع دستور الثورة, والفلاحون والعمال والجنود والمثقفون والرأسماليون الوطنيون. دون أن تنفرد بهذه السلطة فئة واحدة أو طبقة واحدة تفرض سيطرتها واستغلالها علي باقي الفئات والطبقات, والتحالف اذن هو البديل عن حكم الطبقة, وما يستقيم التحالف الأعلي قاعدة الديمقراطية وعلي قاعدة العدالة, فلا تحالف بين قاهر ومقهور, ولا تحالف بين مستبد ومستبد به. ويأتي تقسيم التحالف الي خمس قوي عاملة, الفلاحون والعمال هو أهم التقسيمات الاجتماعية والسياسية التي عرفها التاريخ علي مر العصور وأخطرها في مجتمع المنتجين وليس المثقفون في حقيبتهم الا هؤلاء الذين يعملون بالفكر أو ينتمون إلي الأحزاب والجمعيات والنقابات. كذلك الجنود, وعلي الرغم من أن صفة الجندية موقوتة بالنسبة لبعضهم, هم أيضا من قوي التحالف, عملهم الدفاع عن الوطن, وإن لم يكونوا أعضاء في التنظيم السياسي. والي أن تفرز حركة المجتمع تقسيما اجتماعيا وسياسيا أكثر أهمية, فسيظل الفلاحون والعمال, وما بينهم أشد ما بين قوي التحالف من صلة يشكلون الأغلبية العددية في المجتمع, التي يجب أن تكون لها الأغلبية التمثيلية في المجالس النيابية, وضوابط واضحة تحمي حقوقهم في الدستور الجديد. إن التطابق بين الأغلبية العددية والأغلبية التمثيلية تطابق منطقي وديمقراطي يجب أن يأخذ به في الدستور الجديد. وعلي ذلك فإن الشرط الضامن له يعتبر حماية للأغلبية وللديمقراطية فنسبة العمال والفلاحين اذن حماية لا وصاية أما الوصاية فهي تلك التي تفرضها الأقلية حين لا تستطيع الأغلبية العددية ان تشكل الأغلبية التمثيلية في المجالس النيابية أو هيئة إعداد الدستور الجديد. ويوم أن تصبح الأغلبية العددية قادرة علي تشكيل الأغلبية التمثيلية لن نكون في حاجة إلي هذه الحماية. أما قبل ذلك فإن أي شرط يضمن للأغلبية العددية أن تكون أغلبية تمثيلية هو شرط ديمقراطي, لأنه يضمن حكم الأغلبية, وهو جوهر الديمقراطية. ثم دعونا نعترف بالحقيقة, وهي أن كل قوة من قوي التحالف, بالإضافة إلي المصالح القومية المشتركة لها مصالح خاصة بها قد تناقض مصالح القوي الأخري, ويكون عليها أن تدافع عنها بالطرق السلمية والحوار الديمقراطي الحقيقي. فالفلاحون والعمال يقدرون هم وأكثر من غيرهم علي الدفاع عنها. ومن المنطق الديمقراطي السليم أن يكون لهم وجود واضح ومنصوص عليه في الدستور الجديد يعكس إلي حد معقول وجودهم العددي, حتي تظل السلطة في صالح الأغلبية العظمي من أبناء الشعب. ثم ما الذي يضمن إذا ما اختفت الأغلبية التمثيلية للفلاحين والعمال أن تستمر السلطة التشريعية والتنفيذية في مصلحتهم. ومع أهمية نسبة العمال والفلاحين علي النحو السابق الذكر إلا انه مازال يكبر علي البعض, ويشق عليه, أن يسلم للفلاحين والعمال بحقهم في الدستور والمجالس النيابية, أو لم يثبت الفلاحون والعمال في مناقشات مجلس الشعبة والنقابات علي مدي عشرات السنين, فهما لمصلحتهم, وقدرة في الدفاع عنها, أو لم يثبتوا فوق ذلك كله تجردا وارتفاعا إلي مستوي المصالح القومية, وهو ما يقلل كفاءة المجلس النيابية و مؤسسات السلطة في أداء مهامها, وهو ما يعطل عجلة التنمية والإصلاح والتقدم في جميع المجالات. وإنما ثار هجوم البعض علي نسبة العمال والفلاحين علي التحالف منذ قيام الثورة في يناير2011 وحتي اقتراب موعد وضع الدستور الجديد, وذلك لأن بعض القوي السياسية ترغب في أن تضرب فئة بفئة, وتستخدم كلمه العمال والفلاحين لقهر الفئات الأخري, ولضمان سلطة مجموعة بعينها علي الحكم وهو تم العبث بمضمون التحالف نفسه, لكن هل يبرر ذلك إلغاء نسبة العمال والفلاحين من الدستور كما ينادي البعض, مع ما يترتب عليه من العودة إلي قهر الفلاحين والعمال كما كان في العهود المستبدة البائسة. إن إلغاء نسبة العمال والفلاحين يعني أن الأغلبية العددية لن تشكل أغلبية تمثيلية, وإنها ستتحول إلي أقلية تمثيلية, بل وإلي غيبة سياسية كاملة, تعتبر سقطة في تاريخ شعب مصر. لم يكن العلاج إذن إلغاء نسبة العمال والفلاحين من الدستور الجديد, إنما العلاج ما فعلت ثورة يناير في ميادين مصر وفرت المناخ العام للحريات, والديمقراطية, فأرست سيادة القانون ودولة المؤسسات, حينما ردت إلي التحالف طبيعته الحقيقية, وعليه فيجب علي الذين سوف يتحملون مسئولية وضع الدستور الجديد أن يطهروا صيغة التحالف من شوائبها وأن تتخذ, هذه المجموعة من الحكماء المخول لها وضع الدستور, من السلام الاجتماعي أساسا وهدفا, تلك حقيقة التحالف وجوهر الديمقراطية التي لا يجب المساس بها ونحن نصيغ دستورنا الجديد, حتي يكون دستور الثورة حماية شعب مصر لا وصاية عليه. المزيد من مقالات د. أيمن رفعت المحجوب