كثير من نصوص مشروع الدستور لاقت تحفظات واعتراضات من بعض خبراء القانون ورجال القضاء.. البعض وصف نصوصا منها بأنها انشائية لا تتضمن حقوقا أو واجبات. والبعض اعتبر أن هناك نصوصا تهدف الي تصفية حسابات مع السلطة القضائية أو ترسخ لنظام انتخابي يضمن وصول فئة معينة للسلطة, والبعض رأي في بعض النصوص فتحا لباب الاستثناءات.. ملاحظات رجال القضاء جمعناها في هذا التحقيق. يقول المستشار الدكتور البيومي محمد البيومي نائب رئيس مجلس الدولة إنه من حيث الشكل فهذا الدستور لفئة معينة من الشعب الا وهم الإخوان والسلفيون والجماعات الاسلامية ولكنه كان ينبغي أن يكون بالتوافق بمعني أن يأخذ ولو بالحد الأدني لرغبات طوائف الشعب ولا نقول الحد الأقصي لأن ذلك مستحيل وقد أقر رئيس الجمهورية بذلك مؤخرا ولكنه فجأة أخرج لنا الإعلان غير الدستوري الذي يعترض عليه غالبية الشعب وحتي أغلب دول العالم لا تعرف مثله مطلقا لأنه مناقض للحرية والديمقراطية وبه هدم للقانون وللدولة معا. ويضيف المستشار الدكتور البيومي انه كان من المفروض أن يجتمع رجال القانون العام في مصر وخاصة الدستوري منه لوضع المسودة ولكنهم فاجأونا برئيس اللجنة التأسيسية الذي لا يخرج عن كونه قاضيا جنائيا وإذا به يصل لرئاسة اللجنة التأسيسية لأنه من الاخوان ولم تتحقق الضوابط التي أقرتها المحكمة بخصوص اللجنة التأسيسية. وقد أدي ذلك كله وغيره لكثير إلي البطلان من حيث الشكل, أما من حيث المضمون فمعظم هذه المسودة كلام انشائي يخرج كثيرا عن موضوعات الدستور لدرجة أن راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة الحاكم في تونس أبدي تعجبه من ذلك المشروع ووصفه بأنه لا يليق بمصر ولكنه جاء في مجمله لتحقيق أهداف طبقة واحدة وليس أهداف الشعب المصري وعلي سبيل المثال لا الحصر فإن باب السلطة القضائية كل ما جاء فيه هدم للسلطة القضائية وكان يجب أن يأتي تدعيما لها ويعاون علي اصلاح القضاء ولكنه قلص دور المحكمة الدستورية تمهيدا لالغائها أو التخلص من الطبقة التي تكن لها الإخوان العداء السافر لما هو معروف, وكأن الدساتير وضعت للتشفي ولتحقيق أهداف خاصة. وأشار إلي أن مسودة الدستور وصفت القضاء العادي والإداري بأنهما جهات وليست هيئات وما ذلك إلا لدمجها بعد ذلك وتقليص رسالتها ثم القضاء عليها ليقيموا دولتهم. أما عن الشريعة الاسلامية كمصدر للتشريع فهذه المادة بها عبث كبير حيث أشاروا فيها إلي المرجعية وكنا قد طالبنا مرارا ومعنا الكنيسة بأن تبقي المادة كما كانت في الدستور القديم ثم زاد الطين بله ما ورد في المادة219 بعد ذلك التي تتكلم عن تفاصيل تطبيقات مبادئ الشريعة وهذا يخالف ما ورد في مادة مبادئ الشريعة وما ورد في الدساتير من قبل ومن بعد وهذا ما اعترضت عليه الكنيسة ومعظم المصريين لانه ما وضع إلا لتحقيق أهداف خاصة إلا وهي القضاء علي القانون المصري الذي يتفق بنسبة99% مع مبادئ الشريعة الغراء ماعدا باب الحدود الذي لا يمكن تطبيقه الآن وبعد الآن لوجود الشبهات المعروفة. أما ما ذكر بعد ذلك بخصوص المرأة والطفل فهو مجرد نصوص انشائية ولم يحدد لنا حقوقا أو واجبات حتي تستطيع هذه الفئة أن تقضي علي حقوقهم غير عابئين بأن المرأة هي نصف المجتمع وأن الطفل هو أساس المجتمع وبالجملة فإن ما ذهبنا إليه يدعمه معظم رجال القانون الدستوري في مصر والعالم أجمع وعلي رأسهم الفقيه الدستوري الأستاذ الدكتور إبراهيم درويش. باب الاستثناءات ويري المستشار زكريا شلش رئيس الاستئناف بمحكمة استئناف القاهرة أن المادة14 والتي فرضت حدا أدني وأقصي للأجور ثم انتزعت بالنص في نهايتها( ولا يستثني من ذلك إلا بقانون) بمعني انه وجه المشرع لوضع حد أقصي للأجور ولكنه سمح له بأن يستثني بعض الوظائف أو بعض الفئات من الحد الأقصي للأجور مما يفرغ المادة من مضمونها وقد كان هذا مطلبا شعبيا بأن ينص الدستور علي حد أدني للأجور يكفل معيشة لائقة وحدا أقصي يجعل موظفينا قططا سمانا. أما المادة76 فنصت علي ألا توقع عقوبة إلا بحكم قضائي وبالتالي استبعدت الأمر سلطة النيابة في اصدار الأوامر الجنائية والأوامر الجنائية التي كانت تصدرها النيابة العامة في بعض الجرائم التي لا يكون فيها الحبس وجوبيا تخفف العبء علي المحاكم كما اشترطت المادة134 في ترشيح رئيس الجمهورية ألا يكون متزوجا من غير مصرية وكان من الأفضل أن ينص علي ألا يكون متزوجا من غير عربية ولكن يبدو أن هذا النص وضع خصيصا للدكتور أحمد زويل. ويضيف أن المادة139 أطلقت يد رئيس الجمهورية في اختيار رئيس مجلس الوزراء والوزراء في حالة عدم وجود أكثرية لحزب معين في مجلس النواب. كما أن المادة145 جعلت من اختصاصات رئيس الجمهورية إبرام معاهدات الصلح والتحالف والمعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة ويتم التصديق عليها بموافقة ثلثي أعضاء البرلمان وكان الأجدي أن تعرض هذه المعاهدات العامة علي الاستفتاء حتي لا نواجه نفس المشكلة التي واجهناها في معاهدة كامب ديفيد والتي حرمتنا من السيادة علي سيناء. ويضيف المستشار شلش أن المادة202 أعطت لرئيس الجمهورية سلطة تعيين رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية بعد موافقة مجلس الشوري فكيف يكون جهازا رقابيا يعين من جانب رئيس الجمهورية وهل يمكنه أن يستقل في عمله ويخضع لسلطة رئيس الجمهورية. أما المادة012 التي ألغت الاشراف القضائي علي الانتخابات, وبالتالي يمكن اسناد رئاسة اللجان الفرعية لموظفي الحكومة والقطاع العام الذين يخضعون للترغيب والترهيب, وبالتالي يسهل العبث في العملية الانتخابية سواء من جانب الشرطة أو البلطجية. كما تنص المادة422 علي أن نظام الانتخاب إما أن يكون فرديا أو بنظام القائمة أو كليهما أو أي نظام آخر حتي تغل يد المحكمة الدستورية العليا عن البحث في مدي دستورية النظام الانتخابي حتي لو خالف مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص, كما أبقت المادة032 علي مجلس الشوري الحالي, كما نصت علي انتخاب أعضاء مجلس الشعب القادم بنفس الأسس الفاسدة التي انتخب علي أساسها مجلس الشعب المنحل.. حيث جعلت المادتين132,032 الانتخاب بنظام القائمة والنظام الفردي أو كليهما وأجازت للأحزاب المنافسة علي المقاعد الفردية. ويشير المستشار شلش إلي أن المادة232 قد استبعدت جميع قيادات الحزب الوطني الذين كانوا أعضاء بمجلس الشعب منذ01 سنوات رغم أن بعضهم كان يعارض نظام مبارك وعلي سبيل المثال نائب دائرة كوم حمادة الذي فضح النظام السابق في قضية عبارة السلام عندما أدان النظام في التقرير الذي كتبته لجنة النقل والمواصلات, بينما المشرع الدستوري اعتبر أن كل هؤلاء عملاء. أما المادة432 والتي نصت علي إلغاء الاعلانات الدستورية السابقة ومن بينها الاعلان الدستوري الذي سبب مشاكل كثيرة بسبب تحصين قرارات رئيس الجمهورية من الطعن عليها, كما فصل اعلانا دستوريا يطيح بنائب عام وتعيين نائب عام بدون الرجوع لمجلس القضاء الأعلي وهو ما يعد إهدارا لمبدأ استقلال القضاء وحصانته بالنص علي سريان آثار هذا الاعلان ومن بينها استمرار النائب العام الحالي في منصبه كما لو كان النص مفصلا علي أشخاص بعينهم, بينما أبسط قواعد القانون أن يكون عموميا ومجردا.. فأين العمومية والتجريد. باب تفصيل!! ومن جهته يري المستشار عبدالعزيز أبوعيانة رئيس الاستئناف بمحكمة الاسكندرية انه بالرغم من أن مشروع الدستور يعتبر من الدساتير الجيدة فإن باب الفترة الانتقالية هو المعيب, وخاصة أنه قد تم تفصيله لأشخاص معينة ولا يوجد دستور في العالم يفصل علي مقاسات أشخاص معينة, ويعيب هذا الدستور أنه تضمن العزل السياسي بدون أحكام قضائية ويعتبر أن ذلك يؤدي إلي زيادة الانقسام في الشعب المصري والعداء لتيارات الاسلام السياسي وليس في صالحها لكن مواد الدستور في مجملها مواد جيدة. انفراد بالسلطة ويؤكد السفير جمال بيومي مساعد وزير الخارجية السابق وأمين عام اتحاد المستثمرين العرب انه في فترة دستور1791 رفعنا تعبير دين الدولة هو الاسلام. وقد شكوت مرارا وتكرارا من غلو السلطة في يد السادات ومبارك. فكان يعين رئيس الوزراء وليس بصفته رئيس الجمهورية ولكن بصفته رئيس الحزب الوطني, أما في الدستور الجديد وفي مادته931 فإن رئيس الوزراء سيعين بسلطة رئيس الدولة, وإذا أخفق في تشكيل الوزارة يوكل إلي رئيس الحزب الذي فاز بالأغلبية في الانتخابات البرلمانية, والمفروض من الأصل أن من يتولي رئاسة الوزارة هو من يفوز حزبه في الانتخابات. ويعيب علي هذه المادة انفراد رئيس الدولة بتعيين رئيس الوزراء إلا إذا كان النص المعروض علينا به خلل في الصياغة. ويضيف السفير جمال بيومي قائلا إن أكثر ما يقلقني هو الانتهاء من صياغة الدستور في ليلة رغم أن رئيس الجمهورية مد مهلة صياغة الدستور شهرين ثم حدث العكس ولجنة الدستور أصرت علي الانتهاء منه في ليلة واحدة, والمطلوب من الشعب المصري في خلال51 يوما أن يعطي رأيه في هذا الدستور. كما أن مواد الدستور تنص علي أن الرئيس ومجلس النواب إذا أراد تغيير مادة أو أكثر في الدستور يقدم طلبا ينظره مجلس النواب ويقره خلال ستين يوما, ثم يجري التعديل خلال03 يوما أخري. لذا فهناك وضوح للتعجيل من الانتهاء من صياغة الدستور وعرضه في استفتاء.