د. محمد ماهر أبو العينين نائب رئيس مجلس الدولة.. له مواقف مشهود لها في معارضة قانون الوظيفة العامة الذي حاولت الوزارة القديمة ان تفعله عام2006. وكان يتضمن تعسفا بالمواطنين كما أعلن اعتراضه علي دستورية قانون الضريبة العقارية وأشار في مؤلفاته الي عوار دستوري في النصوص التي تم تعديلها عام2007.والتي أطلق عليها الانحراف في استخدام سلطة تعديل الدستور, وكان موضوع رسالة الدكتواره التي حصل عليها الانحراف التشريعي والرقابة الدستورية, وله رؤية في تعديلات دستورية وتشريعية حقيقية ومانأمله منها لذا كان لنا معه هذا الحوار يتساءل البعض: هل كان من الأفضل وضع دستور جديد, أم نكتفي بالتعديلات المطروحة للدستور الموجود؟ الوضع الحالي هو وضع فعلي وليس دستوريا نتيجة الثورة فدائما تنهي الثورات الدساتير, ولقد قام رئيس الجمهورية السابق يتفويض الحاكم العسكري, وقد أعلن المجلس الدستوري أنه سيطبق دستور71 بعد التعديلات التي ستدخل عليه وهذا يعتبر بمثابة إعلان دستوري مؤقت, ولعل هناك ميزة كبيري في اتجاه تعديل الدستور القائم إلا وهي امكان حدوث هذا التعديل فورا وبغير ابطاء ونعتبر ان هذا التوجه من القيادة العامة للقوات المسلحة هو انها تسعي للاسراع في نقل السلطة الي هيئة مدينة فضلا عن انوضع دستور جديدة به كثير من المواد التي قد يكون بعضها محلا للاعتراض ولايمكن الحصول علي نسبة عالية في الموافقة عليه مما قد يخلق نوعا من التشكيك في صحة هذا الدستور خاصة وان عملية الاستفتاء حد ذاتها لاتعبر بالضرورة عن الإرادة الشعبية. وهل هذا يعني أن هناك فراغا دستوريا؟ بالفعل بعد تعطيل العمل بالدستور أصبح هناك نوع من أنواع الفراغ الدستوري ترتبعليه تعطل عمل المحكمة الدستورية العليا لأنها لاتستطيع أن تحكم بعدم دستورية أي نص في غياب الدستور أو تعطيله, كما أن المحاكم القضائية لن تستطيع ان تحيل للمحكمة الدستورية أي دفوع متعلقة بدستورية النصوص القانونية نظرا لتعطيل العمل بالدستور. ماهي مقترحاتكم لسد هذا الفراغ الدستوري الذي قد يمتد إلي عدة شهور بعد الإستفتاء علي هذه المواد المعدلة وإعادة العمل بالدستور في ثوبه الجديد؟ اقترح عندما يتم إعلان التعديلات الدستورية وهو أمر سيحدث خلال أيام أن تعلن القيادة العامة للقوات المسلحة عن سريان الأبواب الأربعة الأولي من دستور1971 التي تتضمن المبادئ الأساسية الخاصة بالحقوق والحريات العامة والمقومات الأساسية للمجتمع وسيادة القانون والفصل الرابع والخامس من الباب الخامس يشيران الي السلطة القضائية والمحكمة الدستورية العليا وهذا بمثابة إعلان دستور إلي حين تعديل الدستور وهذا امر يمكن تداركه عند انتهاء التعديلات وقبل طرحها للإستفتاء علي المواد المراد تعديلها ثم يصبح الدستور في شكله الجديد متكاملا. ما رأيك في المواد المطلوب تعديلها؟ ولكن تعديل هذه المواد يستتبع بعض المواد المرتبطة بها كما أن هناك مواد أخري مهمة يجب تعديلها ومنها المادة رقم196 الخاصة بتشكيل مجلس الشوري عن عدد من الأعضاء يحدد القانون ألا يقل عن132 عضوا ويعين رئيس الجمهورية الثلث الباقي وهذا نص معيب تماما, فيجب تحديد عدد أعضاء مجلس الشوري بصورة قاطعة وليكن ثلاثمائة عضو ولايجب لأن يعين رئيس الجمهورية في هذا المجلس إلا عشرة اعضاء فقط.كان لنا تصور كنا نحلم به من عشرات السنين وهو أن يكون ثلث اعضاء هذا المجلس بالتعيين من الأعضاء المنتخبين في النقابات والاتحادات والجمعيات واعضاء المجلس الأعلي للشئون الإسلامية واعضاء المجلس الملي المنتخبين فلايتدخل رئيس الجمهورية في هذا التعديل, كما أطالب بالغاء نسبة50% عمال وفلاحين الواردة في الدستور بأنه أسييء استخدامها في هذه الحالة يجب ان تنشأ نقابات خاصة بهم لتمثيل اعضاد مجالس إدارة هذه النقابات في مجلس الشوري بقوة الانتخابات, حتي يكون مجلس الشوري بمثابة مجلس شيوخ عصري حقيقي بالديمقراطية الحقيقية تتطلب مجلسين يحكمان إصدار التشريعات. إذا أردنا لهذا الدستور أن يعيش مدة أطول ماذا تقترح؟ يمكن تقليص سلطات رئيس الجمهورية في هذا الدستور فمنها المادة74 التي تجيز لرئيس الجمهورية إصدار قرارات في حالة الضرورة بعد أخذ رأي رؤساء مجالس الشعب والشوري ورئيس الوزراء فيمكن اتخاذه لهذه القرارات بعد موافقة هؤلاء الأشخاص ويمكن إلغاء المادة231 والتي توجب لرئيس الجمهورية أن يلقي بيانا يتضمن السياسة العامة عند افتتاح الدور العادي لمجلس الشعب والاكتفاء بالمادة331 والتي توجب علي رئيس مجلس الوزراء تقديم برنامج الوزارة إلي مجلس الشعب. هل هذا من شأنه أن يجعل الدستور17 ينحاز للنظام البرلماني؟ لن يحدث هذا ولكن سيكون هناك توازنا بين سلطة الرئيس وسلطة البرلمان, بعد أن كانت سلطة الرئيس هي الطاغية في النصوص الأصلية, وأري أن الكثيرين يتوقون إلي النظام البرلماني الذي يجعل الرئيس حكما بين السلطات ولايحكم في الواقع, ولكننا لانستطيع أن نأخذ بهذا النظام لأنه يتطلب وجود عدة أحزاب قوية تتصارع للوصول إلي الحكم في حين أن الواقع السياسي المصري لاتوجد به أحزاب علي هذه الدرجة من القوة بعد إنهيار الحزب الوطني وضعف الأحزاب القائمة وقوة التنظيمات الجديدة التي يمكن أن تشكل وحدها البرلمان فتعود إلي مشكلة الحزب الواحد وهي مشكلة كانت قائمة قبل الثورة وبقيت بعدها فالشكل المثالي للحكم حتي نصل إلي النظام البرلماني الجيد يتطلب إتاحة الفرصة لتكوين أحزاب بصورة واسعة وترك فرص العمل لها وعمل انتخابات بالقائمة النسبية حتي لاتكون هناك أحزاب مسيطرة بصورة كاملة, ونرجو أن يصل ترسيخ النظام الديمقراطي سائر مؤسسات المجتمع بدءا من المدارس والجامعات لتمتد الانتخابات إلي سائر مؤسسات الدولة كالعمد وعمداء الكليات ورؤساء الجامعات ولنسمح للشباب بالعمل السياسي في الجامعة ورؤساء الوحدات المحلية والمحافظين وأن يكون في كل وزارة مجلس لوكلاء الوزارات يرأسه الوزير ويكون مسئولا مع الوزير عن قراراته وفي حالة الخلاف بينهما يعرض علي رئيس الوزراء, حتي لا تصبح الوزارات بمثابة ملكية للوزراء يفعلون فيها مايشأون. ما رأيك فيما ينادون به من إلغاء مباحث أمن الدولة؟ إن وجود مباحث أمن الدولة ضروري لكن تحت مسمي الأخر هو ادارة مكافحة الإرهاب وفقا لما جاء بقانون العقوبات الذي عرف الجريمة الإرهابية ووضع حدودها وضوابطها فتكون هذه الإدارة مكلفة فقط بمكافحة الإرهاب دون أن تتدخل في الحياة المدنية ولا علاقة لها بسائر التنظيمات الدينية والحزبية أو الصحفية ولا علاقة لها بالتعيين في الوظائف أو اختيار القيادات الادارية, ويرجع الأمر في النهاية ممرجعه إلي نتائج البحث الجنائي بالنسبة لمن يريد أن يشغل أي وظيفة مادامت صحيفته الجنائية جيدة, وبهذا نحد من الدولة البوليسية التي كانت تحكم البلاد. كيف يمكن علاج أسباب ثورة52 يناير؟ قامت الثورة في البداية تعبيرا عن حاجة الشباب للحرية والديمقراطية ولكن عندما إنضم إليهم كثير من الأفراد كان دافعهم هو رفع الظلم والقضاء علي الفساد وتحقيق مساواة في المعاملة والحفاظ علي الثروة القومية, وهذا لكي يتحقق يجب أن تكفله التعديلات الدستورية, ولكن هناك مطالب عاجلة تتطلب حلولا سريعة منها أن يتم وضع حد أدني وأقصي للأجور في أي جهة تمتلكها الدولة أو تمتلك أغلب رأسمالها فيكون هناك تقارب في الدخول وفي الوقت نفسه لايكون الحد الأقصي طاردا للكفاءات, ويجب أن يتم تفعيل تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات ويشترك مع النيابة الإدارية في التحقيق في المخالفات المالية في مختلف هذه الجهات وتمثل النيابة الإدارية الإدعاء في الجرائم المالية الخاصة بالمحاسبات أمام مجلس الدولة في محاكم خاصة بمخالفات تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات وهي محكمة تسمي محكمة المحاسبات التي تملك سلطة عزل الوزير أو من قام بالمخالفة ممن هم دون هذا الوزير وهو مايطبقه عديد من الدول فتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات نبهت إلي المخالفات ولم يأخذ بها أحد فيقوم الجهاز بإرسال التقارير إلي رئيس الوزراء ورئيس الجمهوية ورئيس مجلس الشعب وينتظر مدة معينة إذا لم يتلقي الرد من حقه أن يحيل هذه المخالفات للنيابة الإدارية للتحقيق فيها وإقامة الدعوي التأديبية أمام محكمة المحاسبات, لهذا يجب إنشاء محكمة عليا للمحاسبات تتولي محاكمة من يخالف تقارير الجهاز المركزي للمحاسبات حتي لو كان وزيرا إذا امتنعت الحكومة أو مجلس الشعب عن مسألته سياسيا.