ما بين ميدان التحرير وميدان مصطفي محمود ومقر رئاسة الجمهورية بمصر الجديدة تناثرت ثورة يناير, حائرة ما بين شعب وحدته الإرادة واستطاع في أيام قليلة أن يسقط دولة الإستبداد. وبعد ما يقرب من عامين يعود إلي نفس الأماكن منقسما علي نفسه متشرذما في مواقفه, وما اتحدنا عليه بالأمس اختلفنا عليه اليوم وسبحان مقلب القلوب.. مازالت اصداء هتافات ثورة يناير تهز ضمائر الملايين حين خرج شباب مصر وحلمها في يوم تاريخي خالد.. من يصدق ان هذه الوجوه نفسها تقف اليوم ترفع اللافتات ضد بعضها وتلقي الاتهامات من كل لون ابتداء بالكفر وانتهاء بالخيانة.. هناك اشياء كثيرة سقطت من بين ايدينا منذ الثورة وحتي الأن.. هناك إحساس بالإنتماء الحقيقي تواري خلف صراعات فكرية وأيديولوجيات لم يكن لها مكان أيام الثورة هناك مصالح كثيرة بدأت تداعب المستفيدين والمتاجرين واصحاب الأهواء.. وهناك أياد خارجية تعبث في كل مكان وهناك قبل ذلك كله أموال طائلة تتدفق ليل نهار, ولا أحد يعرف لها مصدرا والآن بدأت رحلة الانقسامات تهز ارجاء الشارع المصري ما بين رفاق الأمس الذين خرجوا في ثورة تحدث العالم عنها ولكنهم الآن يخرجون في مسيرات أخري ضد بعضهم والناس تتساءل في كل بلاد الدنيا, ماذا جري للمصريين.. الحريات التي مات من أجلها الشهداء تواجه تحديات كثيرة.. والدستور الذي حلمنا به لنصنع معه مستقبلا مضيئا يتعثر في دوامة الخلافات وصراع القوي السياسية.. والاستقرار الذي تصورنا انه نقطة البداية لبناء وطن جديد أصبح مهددا في ظل خلافات وصراعات لا أحد يعرف لها هدفا أو غاية.. كان مشهد الانقسامات يوم الجمعة الماضي ما بين التحرير والاتحادية إنذارا مخيفا لكل المصريين أننا علي ابواب انقسام أشد ومعارك لا أحد يعرف نهايتها وقبل هذا كله إعلان وفاة لإرادة توحدت وشعب مات في سبيل حريته وأمة قدمت للعالم اسطورة ثورة لم تكتمل. [email protected] المزيد من أعمدة فاروق جويدة