تحدثت منذ اسبوعين في مقالي الذي اتي بعنوان "وثيقة المدينة" عن رغبة الرسول صلي الله عليه وسلم أن يؤسس دولة قوية يسودها السلام والتعاون والمشاركة بين جميع أطيافها علي مختلف مشاربهم ومن هنا جاءت وثيقة المدينة كأول دستور للدولة المدنية في العالم،يحدد ملامح دولة الإسلام الجديدة التي لا تفرق بين مواطنيها من حيث الدين أو العرق او الجنس. كان هذا منذ قرون ...اما الأن ونحن في القرن ال 21 ...ونحن نضع دستور لأكبر واعظم دولة علي مستوي الشرق الأوسط ...نتخبط ونتعثر ونفاجأ كل يوم بأنسحابات من اللجنة التأسيسية المكلفة بوضع دستور بلادنا الذي سيستمر لسنوات "لوطن " وليس لفصيل بعينة. ولقد كانت اخر الأنسحابات من قبل وزارة الدفاع ومن نقابة الصحفيين . فمجمل الدستور كارثي بكل المعايير والمقاييس ......مجمل الدستور هزلي ومضحك .....المسودة جأت بأسوا ما في دستور 1971 وبأسوأ ما فيما يسمي بالدولة الدينية ...فالمادة 221 جعلت الفقة والتراث الأسلامي مصدر التشريع والمادة 4 جعلت تفسير هذا الفقة وهذا التراث منوط بة هيئة كبار العلماء بالأزهر التي لا ندري من سينضم اليها لاحقا من اخوان او سلفيين. والأخطر من ذلك خلو مسودة الدستور كلها من كلمة واحدة عن الدولة المدنية ،كما أنها تخلو تماما من أى اشارة إلى مواثيق حقوق الإنسان الدولية الصادرة عن الأممالمتحدة والمنظمات الأقليمية كمرجعية دولية للحقوق والحريات. الرئيس في الدستور المنتظر ليس لة نائب ويعين رئيس الوزراء كما ان ويحل البرلمان بلا استفتاء كما هو متبع وانما يحلة عن طريق الاستفساء .. !! . بل و يختار جميع رؤساء الاجهزة الرقابية والقضائية ونأتي الي كارثة اخري تتمثل في المادة 68. التي تتحدث عن المساواة بين المرأة والرجل وفق أحكام الشريعة.. فالقوى المدنية تقترح أن تحدد أحكام الشريعة فى المواريث والأحوال الشخصية.. بمعنى أن ترث المرأة وتتزوج وتطلق وفق أحكام الشريعة.. لكن السلفيين يرون أن أحكام الشريعة أوسع من الزواج والطلاق. و بالطبع نحن نفهم الأن جيدا معني أن يصمم السلفيون على أن يحاصر السلفيون المساواة بين الرجل والمرأة بحزام الشريعة وفق فهمهم وتفسيرهم. ...يعني أي اب موتور يستطيع ان يزوج ابنتة وهي في سن 9 سنين ..... مستشهدا بوقائع وأحاديث وروايات يجيد بعض السلفيين عرضها. اما النكبة فتتمثل في المادة 15 التي تنص علي : " تلتزم الدولة والمجتمع برعاية الأخلاق والآداب العامة وحمايتها، والتمكين للتقاليد المصرية الأصلية، ومراعاة المستوى الرفيع للتربية والقيم الدينية والوطنية والحقائق العلمية، والثقافة العربية والتراث التاريخي والحضاري للشعب، وذلك في حدود القانون" . وبالطبع هذه مادة تقول بصراحة أن هيئة الأمر بالمعروف قادمة لا محالة تحت مسمي حماية الأخلاق والآداب العامة. اما المادة 24 فتنص علي: " تحمي الدولة الوحدة الثقافية والحضارية واللغوية للمجتمع المصري، وتعمل على تعريب العلوم والمعارف". أي تعريب الطب والكيمياء والفيزياء والبيولوجى يعنى ببساطة خروج مصر من التصنيف العالمي للجامعات. وانضمام أطباء مصر لطابور العاطلين بعد أن تتوقف الدول الخليجية عن الاستعانة بهم لأنهم سيصبحوا غير مؤهلين. هذا بالإضافة إلى تدهور مستواهم العلمي بعد أن يصبحوا عاجزين عن متابعة المراجع العلمية الحديثة أو الدوريات الطبية التى تصدر في أوربا وأمريكا تحمل أحدث التطورات العلمية . هذا هو دستور العار الاخوانجي عودة إلى الدساتير التى تحمل الشعارات وليس المواد الدستورية التى ستتحول إلى قوانين تحكم الدولة وتسير أمورها لتصبح دولة قانون وليس دولة أشخاص. اين المادة التي ترسخ قيام الدولة المدنية ؟؟....لماذا لم يتم تحديد حدود الإقليم المصري والمعروف منذ أكثر من 7000 سنة؟ لماذا تم إلغاء منصب نائب رئيس الجمهورية؟ لماذا لا يتم انتخاب المحافظين؟ هل هو لضمان سيطرة الرئيس وحزبه على مفاصل الدولة؟ يا سادة ...نحن نطالب بحل تلك الجمعية التأسيسية ...يا سادة نحن نريد جمعية تأسيسية وطنية، تعمل على إعداد دستور يجمع ولا يفرق، ويساهم في البناء ولا يكون معولا للهدم، ويحمى المواطن ويكفل له حقوقه، لا أن يكون دوره الوصاية على الحياة الشخصية، والتفتيش في ضمائر الناس. يا سادة ..لدينا جهابذة في القانون وخبراء دستوريون وضعوا د ساتير دول كثيرة لماذا تم تهميشهم ولماذا اوكلنا تلك المهمة لمن لا يفقهون أي شيء في أي شيء ...عن أي دستور تتحدثون وتدافعون ...وخلف أي استفتاء تلهثون وسط رفض وامتعاض وانسحاب الأغلبية . يا سادة هذا الدستور القندهاري باطل...يا سادة هذا الدستور عار بكل المعايير والمقاييس ومرفوض جملة وتفصيلا. يا سادة...هذا الدستور مسلوق وجاء بالمازورة علي مقاس فصيل معين لا يشكل سوي اراء 20% من الشعب المصري. يا سادة ..الشعب المصري متدين بطبعة ولا يحتاج الي وصي ومقوم لأخلاقة ..الشعب المصري يريد مصر المدينة..مصر المتفتحة..مصر الوسطية..مصر الحضارية..مصر مهد الديانات والحضارات والفنون ....مصر التي توْمن بالمواطنة ....لن تخنقونا مهما حاولتهم ....ولن تسلبوا حريتنا مهما سعيتم...ولن تنجحوا في تحويل المسار. [email protected] المزيد من مقالات رانيا حفنى