لا توجد انتخابات رئاسية أمريكية بنكهة متكررة. في 2008 كان اختيار الناخب حاسما في التغيير وطي صفحة حروب بوش وتنصيب رئيس يعكس التغيرات الاجتماعية لمجتمع تتراجع فيه سطوة البيض. الانتخابات التي جرت اليوم نكهتها مختلفة وتتمحور حول عدة قضايا استقطابية أولها هو هل يتم تنحية الدور الاقتصادي للحكومة جانبا أم يتعزز دورها في تحقيق التغيير الهيكلي الضروري للتعافي من تبعات الأزمة المالية والبطالة وتفاقم التفاوت الاجتماعي. والثانية كيفية تغيير تمويل برامج للضمان الاجتماعي تهدد بتحول أمريكا إلي دولة مفلسة. والثالثة تتعلق بإدارة سياسة خارجية تتلاءم مع انكماش القوة الاقتصادية وتصطدم فيه مصالحها التجارية مع مبادئ الحرية وحقوق الإنسان. الناخب الأمريكي ليس أمامه مرشح كاسح بل اختيار بين أفضل السيئين. أوباما استحق الشكر علي تجنيب بلاده الوقوع في بئر الكساد, وإنقاذ صناعة السيارات. برنامجه لتعديل الرعاية الصحية حل مسألة تغطية الخدمة لكن ترك مشكلة التمويل معلقة. تجنب الدخول في حرب جديدة نعم لكن كل مبادراته الخارجية كانت إما ساذجة أو مبتسرة سواء تعلق الأمر بالقضية الفلسطينية أو الحوار مع إيران أو التعامل مع الصين وروسيا. طموحاته للتغيير تقلصت وتعامله مع ند جمهوري عازم علي سحقه افتقدت للجرأة والسعي للتواصل. ولكن في المقابل لا يقدم منافسه الجمهوري بديلا مقنعا. مواقفه متناقضة متغيرة, وبرنامجه الاقتصادي لن ينجح إلا إذا تخلي عن كل وعوده لقاعدته الحزبية. تهديداته بشطب برنامج أوباما للرعاية الصحية واعتبار الصين مناورا وعدوا تجاريا يخيف رجال الأعمال. وإعصار ساندي جاء في وقت دقيق ليكشف دورا رحيما للدولة لا يصح التخلي عنه. أوباما أفضل السيئين وربما يستحق فرصة أخري ليصحح أخطاءه ويتحرر من قيوده الانتخابية في فترة رئاسة ثانية ويكون أكثر جرأة في طرح مبادرات لا يمكن للجمهوريين رفضها دون ثمن انتخابي ومواجهة مواطنيه بحتمية الاصلاح المؤلم ويعبر بهم فترة صعبة من التعافي البطئ. القرار في يد الناخب الأمريكي. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني