المناظرات لا تحسم وحدها الانتخابات الرئاسية الأمريكية, ولكن من المؤكد أن المرشح الجمهوري ميت رومني خرج فائزا من المناظرة الأولي ومنح حملته الانتخابية قبلة الحياة. السبب لم يكن فقط الأداء الشارد الفاتر للمرشح الديمقراطي باراك أوباما الذي تحدث كأستاذ جامعي في حلبة مصارعة تحتاج إلي الحسم بضربة قاضية, ولكن لأنه ومنظمي حملته فوجئوا بالنهج نحو الوسط الذي انتهجه رومني مبتعدا عن النهج الأيديولوجي المتشدد للبرنامج الانتخابي الذي أقره حزبه. رومني انتزع بذكاء ورقة الدفاع عن مصالح الطبقة المتوسطة من يد الديمقراطيين, ولم يحد عن الهم الأول للناخب وهو خلق وظائف جديدة, وربط كل قضايا العجز في الموازنة والغاء برنامج أوباما لاصلاح نظام الرعاية الصحية والدور الحكومي, وخبراته السابقة كحاكم ولاية في التواصل مع الديمقراطيين بهذه القضية المحورية, في وقت وقف فيه أوباما معتذرا عن اخفاقاته دون أن يقدم برنامجا إيجابيا يعدد فيه مبررات إعادة انتخابه ويوضح كيف سيكون أداؤه مختلفا. هذا من ناحية الشكل. أما من ناحية المضمون فقد تورط المرشحان في مؤامرة الصمت المريب بشأن التساؤلات التي كان الناخبون المترددون يبحثون عن إجابات قاطعة بشأنها. رومني لم يقدم دلائل مقنعة بأن لديه خطة لخفض الإنفاق تمكنه من خفض الضرائب علي كل الشرائح الاجتماعية دون تفاقم عجز الميزانية. وأوباما لم يقنع أحدا بأن خطته لتعزيز برامج الضمان الاجتماعي يمكن تمويلها بتقليص بعض عناصر التكلفة. وكلا المرشحين فشلا فشلا ذريعا في الإجابة عن كيفية التعامل مع عجز الميزانية والاستقطاعات الإجبارية المرتقبة لتهربهما من تبني توصيات لجنة' سيمبسون باولز' لخفض الإنفاق وزيادة الضرائب معا. ربما تكون بيانات العمالة الإيجابية قد أنقذت أوباما, لكنه سيكون في مأزق إذا لم يصارع رومني في منطقة الوسط التي تخندق فيها. أما الناخب الأمريكي فسيكون اختياره أفضل إذا خرجت المناظرات من دائرة الصمت المريب. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني