مع استمرار الفضائيات في عرض إعلانات أفلام السينما الجديدة بكثافة خلال الفترة الحالية, فإن خطورتها تزداد يوما بعد يوم نظرا لكون معظمها أقل ما يمكن أن توصف به أنها( وجبة) فاسدة في مكوناتها الملوثة بإيحاءات جنسية صريحة خادشة للحياء وتعاطي مخدرات وعنف وغيرها, مما يفرض تساؤلات كثيرة حول تأثيرها الضار علي المجتمع خاصة في ظل غياب الرقابة علي الأفلام والفضائيات معا والتي يرصدها الخبراء ويحذرون من نتائجها قبل فوات الأوان! يؤكد الناقد طارق الشناوي أن السينما( المعقمة)- الخالية من الميكروبات لم تعد موجودة علي الإطلاق مع انتشار الفضائيات حيث أصبح من الممكن بسهولة تامة إصابة المشاهد بأضرار الأفلام الملوثة لأنه في الحالتين سواء بإرادته أو رغما عنه سوف يتعرض للتجاوزات التي تحملها كثير من اعلاناتها علي الفضائيات في وقت لم يعد عرضها مجرد استثناء في الفواصل وإنما تحولت إلي نموذج لحالة( اختراق) بعرضها عشرات المرات يوميا لمشاهد جريمته الوحيدة التي ارتكبها هي مشاهدة تلك الفضائيات التي قررت التنازل عن الأخلاق في مقابل العائد المالي الكبيرعن عرض اعلانات لأفلام تحتوي علي لقطات قبيحة رديئة الصورة والمضمون عما يسمي تجاوزا بأفلام سينمائية للأسف الشديد تنجح في تحقيق ايرادات مرتفعة في شباك التذاكر من جمهور قرر مشاهدتها تحت ضغط الإلحاح الإعلاني فقط بينما تفقد تلك الفضائيات المشاهد الملتزم بالتقاليد الذي يقرر عدم متابعتها هربا من اعلانات علي شاشاتها عن أفلام تحتاج إلي( تعقيم) تام قبل عرضها عليه! ويري د.سعيد عبدالعظيم أستاذ الطب النفسي بجامعة القاهرة أن السينما التجارية التي تهتم بإثارة الغرائز عن طريق الجنس والعنف وتعاطي المخدرات وتحدي القانون وغيرها مما تقدمه في قصص تجسد الضعف الإنساني أمام الشهوات, هي في الحقيقة تحطيم مباشر للنفس البشرية يصبح أثره أقوي كثيرا عندما ينتقل عرضها من السينما إلي الفضائيات كإعلان عنها أو كليب منها أو بأحداثها كاملة بما تحمله من ابتذال لا أخلاقي يؤثر في نفوس أفراد الأسرة وبصفة خاصة الأطفال والمراهقين الذين يشاهدونها للتعرف علي الحدوتة في المرة الأولي ثم للتقليد في المرات التالية فيتحقق ضررها الكامن في الصورة البشعة للأبطال الذين لن يجدهم المشاهد غير بلطجي أو إمرأة تمارس الدعارة أو تاجر مخدرات أو متعاطي لها أو نماذج مشوهة نفسيا يتسلل سلوكها المرفوض إلي النفس البريئة لمشاهد استسلم لفضول التعرف علي محتوي اعلاني سينمائي علي الفضائيات, في وقت طغي فيه اهتمام المسئولين بالرقابة السياسية علي حساب المراقبة الأخلاقية لتتحول الممنوعات إلي واقع تصبح معه كل خطط التنمية لوتحققت منها الرفاهية بلا قيمة لمجتمع أصبح بلا أخلاق! ويقول د.صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: إن ظاهرة عرض إعلانات لأفلام السينما تحتوي علي ما يتعارض مع تقاليد المجتمع ليست جديدة وإنما تتكرر في مواسم الأعياد للدعاية لها بهدف جذب المشاهدين, غير أن ما شاهدته من إعلانات عن الأفلام الجديدة علي الفضائيات في صورة مشاهد شملت كثير من التجاوزات كانت بالفعل لافتة للنظر ومرفوضة لأنها حدثت بفعل التدخل المباشر من المنتجين الذين يفرضون علي مخرجيها رؤيتهم التجارية التي تعتبر الأفلام مجرد سلعة يجب أن تحقق لهم الربح حتي لو تحولت الدعاية لها إلي( خلطة مسمومة) تتضمن المشاهد الأكثر إثارة جنسيا والعنف بالضرب أو القتل وتعاطي المخدرات والألفاظ الغريبة والشتائم المبتكرة وجميعها مع عرضها المتواصل علي الفضائيات تحمل قدرا كبيرا من التأثير السلبي علي المشاهدين وبصفة خاصة الأطفال والمراهقين لأن تلك المشاهد التي يقدمها الاعلان يتم عرضها بشكل منفصل عن الأحداث الدرامية لكل فيلم ومع تكرارها تحدث الكارثة الحقيقية والتي عندها يقرر من يشاهدها أن يجربها ويطبقها في الواقع, ولذلك فإنه يجب وضع ضوابط رقابية لحماية الأسرة تفرض علي منتجي الأفلام ومخرجي اعلاناتها وكليباتها والفضائيات احترام تقاليد المجتمع بعد الإنفلات السينمائي الإعلاني الإعلامي الذي أصبح يطارد المشاهدين حتي في بيوتهم! وهوما يتفق عليه د.رشاد عبداللطيف أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الإجتماعية بجامعة حلوان ويقول: إن الفضائيات ترتكب جريمة مكتملة الأركان بعرضها لإعلانات أفلام تتسبب في جعل المجتمع( قبيحا) بما ينتج عنها من هدم للقيم بإشاعة البلطجة ونشر المشاهد الخادشة لحياء الأسرة وتجميل صورة الإنفلات الأمني بغرس رفض القانون في النفوس وتشجيع الانتهازية وانحلال المرأة والعلاقات غير المشروعة وتعاطي المخدرات والابتعاد عن التدين المعتدل وغيرها من مشاهد الأفلام التي تعرضها الفضائيات في إعلانات وكليبات تهدف فئة من الناس لتحقيق الربح السريع منها علي أنقاض مبادئ المجتمع, وعلي الرغم من حالة الاستياء والرفض تجاهها من معظم المشاهدين إلا أن تأثيرها السلبي يصيب الشباب بسبب اندفاعهم نحو الإثارة فيفقد المجتمع أغلي ما يملك حيث ينهار المستقبل في وقت من المفترض أن يتم تنشئتهم فيه علي القيم والأخلاق التي تتلاشي وتختفي تحت سمع وبصر الجميع في غياب الرقابة علي السينما والفضائيات!