ظل الفنان التشكيلي الراحل الدكتور فاروق وجدي عاشقا للتراث الشعبي المصري.. يتنفس عشقا له .. تكاد تشعر بأنه يرسم محبوبته التي يهيم بحبها عندما تشاهد أعماله في السنوات العشرين الأخيرة منذ بدأ يرسم لوحات عن المولد النبوي الشريف وعروسة المولد والليلة الكبيرة وحتي بدأ يرسم لوحات عن الأمثال الشعبية المصرية التي تداولها الأجداد وتناقلها الآباء وكادت تضيع بين أبناء الجيل الحالي الذي لم يلتفت إلي أنها تنطق بالحكمة والتجربة وتفيض بالأفكار والأخلاقيات, وإن كنا نختلف مع بعضها, لكنه الفنان الراحل كان يؤثر التعبير في أعماله عن كلام الناس الطيبين الذي برغم بساطته يعتبر قانونا وعرفا التزم به المصريون في حياتهم وتعاملاتهم مع غيرهم من الناس ومع بعضهم فكان معظم الأمثال روائع تراثية تحفظها الأجيال وتتوارثها عبر الأزمان. الفنان الذي رحل عن دنيانا منذ أيام عن عمر يناهز السادسة والسبعبين إثر أزمة قلبية أصابت فؤاده العاشق للتراث كان متيما في أعماله بالحواديت المصرية والعادات والتقاليد التي تلتزم بها المرأة في الأحياء الشعبية, وكانت لوحاته التي قدمها في معرض سوسة كف عروسة منذ ست سنوات توثيقا فنيا تشكيليا لألعاب الأطفال بالقرية والأحياء الشعبية حتي تظل محفوظة في ذاكرتنا المعرفية قبل أن تحل محلها الألعاب الآلية والفيديو جيم التي استوردناها بأفكارها وتقنياتها من الغرب دون أن نطوعها لأفكارنا أو نجعلها تناسب مجتمعنا,لقد رحل فناننا وبقيت أعماله التي ندعو لجمعها في متحف يضم أمثالها من الأعمال التي تسجل تراثنا الشعبي وتحفظه وتعبر عنه, عسي أن تنفع الأجيال القادمة وتحفظ لهم هويتهم الثقافية وتراثهم الأصيل, وتكون مرجعا للدارسين والمتخصصين وهواة البحث في التراث الشعبي وسجلا لعاداتنا وتقاليدنا وتأريخا لحياتنا الشعبية.