أما بعد: فهل أغلق مصراع الزمن علي باب التعليم مع نهايات عام2012, ولن يفتح رتاجهما له حتي يظل علي هذا الحال المأساوي المحبط, لقد بلغ نصيب التعليم حوالي3.5% من الناتج المحلي الإجمالي, والمطلوب لإنقاذه حوالي6% من ذلك الناتج علي الأقل, وما قضية إنصاف المعلمين إلا إحدي المشكلات الخطيرة لإنقاذ تعليم أطفالنا وشبابنا. نعود إلي مطالب المعلمين وإنصافهم, كما أنصف أعضاء هيئات التدريس الجامعي, ونتساءل هل في إنذارهم بالعقوبات الرادعة أو عودتهم إلي مدارسهم أية جدوي ممكن توقعها من مدرسين محبطين, وقد تقدمت بمحاولة إلي صحيفة الأهرام منذ عدة شهور بالتأكيد علي أهمية الاستجابة لمطالبهم في نظير معقابتهم علي ممارسة جريمة الدروس الخصوصية, وتوفير ما يتجاوز(15) مليار جنيه من أحمال تلك الممارسة علي الملايين من أولياء الأمور. واقرأ في صحيفة الأهرام في(1 أكتوبر2012) مقالا للمفكر الرصين د. نادر الفرجاني بعنوان( بدائل الافتراض والاستجداء) يستعرض فيه ست مجموعات من المقترحات المحددة التي تتيح للدولة موارد إضافية, وأحسب أنها جميعا ممكنة لو صح العزم وخلصت النيات مع تفكير جديد لمجتمع ديمقراطي وتعليم ديمقراطي( وتكون في حد ذاتها مداخلا لإقامة العدل وضمان حكم مؤسسي صالح في الوقت ذاته) حسب تعبيره. وهذا من بين ما دعا إليه الفرجاني أيضا من إصلاح الهيكل الضريبي ومطالبته بأن يسهم أفراد المجتمع ومختلف فئاته من كبار الموظفين والهيئات والجماعات في انعاش موارد الدولة قبل الافتراض والاستجداء من الخارج. وفي العام الماضي كتبت مقالا في الأهرام بعنوان( إصلاح التعليم بجنيه واحد) واليوم أكرر الصيحة في صرخة زاعقة بعنوان( إنقاذ) التعليم بجنيه واحد من أجل إعانة الدولة في القيام بمسئوليتها في صحوة جسم التعليم وحراكه, قبل أن نتباكي علي هزاله وأوجاعه المستمرة, وهي دعوة تلتقي مع مقترحات اقتصادي ورجل أعمال من أجل اسهام مختلف فئات المجتمع المدني وأفراده مما يجب أن يكون( معيار الوطنية الآن مادام الوطن في ضائقة). وكان رمز الجنيه الواحد في اقتراحي شعارا للاسهام الشعبي في قطاع التعليم, ويتم إيجاد نظام خاص به يعرف باسم( إيقاظ التعليم أو زكاة التعليم), ويتم التبرع له في المواقع التالية علي سبيل المثال: 1) دفع جنيه واحد من كل صاحب سيارة باستثناء سيارات الأجرة عند ملء سيارته من محطة بنزين, أو تجديد أو استخراج تصريح المرور وتسليمه إيصال( زكاة التعليم أو إنقاذ التعليم), أو أي دليل علي إسهامه. 2) من كل رواد السينما والمسرح, ومباريات كرة القدم, ودخول المعارض التجارية, والكتب, أو متاحف الآثار الفرعونية والإسلامية. 3) من تذكرة كل مسافر في الداخل بالقطار أو بالطائرة في الخارج. 4) من كل مسافر للحج أو العمرة,( وقد أفتي بعض العلماء بجواز ذلك). 5) من كل عضو من أعضاء المشاركين من جميعات المجتمع المدني سنويا. 6) من كل شهر من رواتب المدرسين وأعضاء هيئة التدريس الجامعيين وموظفي الوزارات والشركات وأعضاء مجلسي الشعب والشوري وأعضاء المجالس المحلية. وسياسة الجنيه الواحد لإنقاذ التعليم سوف لا تغني عما يمكن أن يسهم به أهل الخير من التبرعات الفردية والجماعية من المساهمات في أرض أو مبان أو تحسينات في بيئة المؤسسات التعليمية التي تنسب إلي أصحابها المتبرعين. وأحسب أن هذا الجنيه الواحد لو أحسن تنظيمه وإدارته الامينة فسوف يكون عاملا محركا لإحياء جسم التعليم, إلي جانب المساهمات الكبري من الضرائب التصاعدية والعقارية, ولماذا لايمتد تحصيل الجنيه من كل مسكن حتي ولو لم يخضع لإعفاء الضريبة العقارية, أذكر أنني منذ عشرين عاما أو أكثر كنت أدفع أربعين جنيها سنويا علي مسكني في مدينة نصر, وأعتقد أن هذا الجنيه الواحد سوف يتجمع ليوفر الملايين ضمن ما يمكن أن توفره الدولة من مواردها السيادية في ميزانية الإنفاق العام. ولعل جماعة من هيئات الأحزاب المتعددة تتآلف وتتألف لدراسة حملة( إنقاذ التعليم بجنيه واحد) وفيها ما تعنيهم قضايا التنمية البشرية, ومن المثقفين والاقتصاديين والقانونيين والاجتماعيين والتربويين لبلورة ذلك المشروع ووسائل تنفيذه ضمن منظومة الموارد المخصصة للتعليم, وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. المزيد من مقالات حامد عمار