بالنسبة لمنطقة كانت قد هبطت في سلم أولويات السياسة الخارجية الأمريكية لصالح توجيه البوصلة الاستراتيجية نحو آسيا, كان استحواذ الشرق الأوسط وإيران واسرائيل وأفغانستان وباكستان علي ثلثي المناظرة الثالثة بين أوباما ورومني في مقابل15 دقيقة فقط للصين. وللدور القيادي الأمريكي للعالم أمرا مثيرا للدهشة خاصة مع إغفال المرشحين الحديث عن أزمات حادة في منطقة اليورو, والمهام المستقبلية لحلف الأطلنطي, وكيفية التعامل مع روسيا, و كوريا الشمالية, وأصدقاء مهمين مثل اليابان والهند. تأكيد الدعم الأمريكي لأمن اسرائيل مسألة تقليدية لكسب الأصوات الانتخابية, لكن الجدل كان محتدما حول كيفية التعامل مع تحديات تمدد التيار الإسلامي الذي أفرزته ثورات الربيع العربي, وحدود التدخل الأمريكي في الشأن السوري, وكيفية مواجهة الجماعات الإسلامية المسلحة في ليبيا بعد هجوم بنغازي وتعاظم قوة تنظيمات مسلحة تنتهج فكر القاعدة في اليمن وشمال أفريقيا ومالي. المحللون انتهوا إلي أن المناظرة لم تكن مفيدة في كشف التباين في رؤيتهما الاستراتيجية. فكلاهما يريد كوكبا يعيش في سلام, ويتشبث بأن العقوبات الإقتصادية ستكون كافية لإثناء إيران عن التسلح نوويا, ويريد استخدام كل وسائل الضغط الممكنة لتوجيه التيار الإسلامي الحاكم الصاعد نحو مسارات تخدم المصالح الأمريكية وأمنها وتضمن استمرار الحملة ضد الإرهاب. الاختلاف إذن هو في الدرجة وليس في الجوهر. السبب هو أن المرشحين يتمحوران حول رؤية بوش في فترة رئاسته الثانية وهو تجنب المغامرات الخارجية والتخلي عن أوهام إعادة بناء النظم طالما أن الأمريكي ليس في خطر. أما السبب الثاني فيطرحه أستاذ التاريخ الأمريكي بول كنيدي في مقال نشرته صحيفة نيويورك تايمز وهو أن هامش المناورة قد ضاق أمام صانعي السياسة الأمريكية بعد الأزمة المالية وأن كل ما يمكن فعله هو الانجراف ببطئ مع تيار النهر دون هدي والتركيز علي إقامة حواجز تحول دون الصدام المفاجئ حتي تتبدد الغيوم. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني