التصريحات الغربية والإسرائيلية العلنية تشير إلي أن عملا عسكريا لإجهاض البرنامج النووي الإيراني سيبدأ قريبا. فهناك الاجتماع المرتقب بين نيتانياهو رئيس الوزراء الاسرائيلي والرئيس أوباما, وتقارير دولية تفيد بزيادة غير مبررة في المخزون الإيراني من اليورانيوم المخصب الكافي لإنتاج قنبلة أو إثنين, وانتخابات إيرانية تجري وسط صراع محتدم بين أجنحة السلطة, وضغوط انتخابية من المرشحين الجمهوريين لإبراز أوباما بالمتخاذل في التعامل مع الخطر الإيراني, واستعدادات عسكرية في منطقة الخليج, وتصعيد في لغة التهديد والوعيد بكارثة وشيكة. بل إن ليون بانيتا وزيرالدفاع الأمريكي حدد موعد الضربة الإسرائيلية المرتقبة خلال الأشهر الثلاثة المقبلة. ومع هذا فإن الحرب ليست وشيكة لأن واشنطن لم تعط الضوء الأخضر بعد. والسبب هو في الخلاف الاستراتيحي حول تحديد مفهوم الخطر وتوقيت الهجوم. فاسرائيل تعتبر دخول إيران منطقة الحصانة بامتلاك القدرات الفنية لصناعة السلاح النووي خطا أحمر وتضغط من أجل التحرك قبل نقطة اللاعودة بالنسبة لها. أما القيادة العسكرية الأمريكية فتري أنه مادامت لم تشرع طهران في صناعة القنبلة فالعمل العسكري غير ضروري وغير حكيم وأن القدرات العسكرية الأمريكية كفيلة بتوجيه الضربة القاضية في وقت متأخر بعد استنفاد كل الوسائل. الأمر إذن يتمحور حول حصول إسرائيل علي تعهد أمريكي بالتحرك مستقبلا يمكن لأوباما التفاوض بشأنه. الحرب ليست وشيكة لتوافر القناعة الغربية بأن أقصي ما يمكن أن يحققه القصف الجوي علي المنشآت النووية ودون تورط قوات برية هو تأخير وليس إبطال البرنامج, وأنه فضلا عن احتمالات توسيع نطاق المواجهة بدخول أطراف خليجية فهو قد يدفع النظام الإيراني إلي الإسراع بالانتقال فورا من النية إلي الخوض في صناعة القنبلة. هناك أيضا شواهد علي أن إيران بدأت تفقد نفوذها. فالورقة السورية علي وشك الوقوع, وحماس غيرت مواقفها, وحزب الله يخشي من فقد سلاحه, كما أن الثورات العربية تنتهج مسارا مختلفا عن الثورة الإيرانية. الرهان الغربي هو تصعيد الضغط بالعقوبات الاقتصادية والابقاء علي البرنامج النووي تحت الرقابة الدولية المشددة علي أمل أن يراجع النظام الإيراني توجهاته أو ينفجر من الداخل. المشكلة أن النظام القائم يربط هويته واستمراره بالعداء للغرب وأن أوباما لم يكن جادا في إسقاط حائط الشكوك المزمنة أو الاستعداد لأوقات لا يكون أمن اسرائيل المطلق هو الهاجس الوحيد فيها. لا أحد يستطيع القطع بمن سيكسب الرهان لكن المؤكد أن دق الطبول لا يعني أن الحرب وشيكة. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني