محافظة الجيزة: قطع المياه عن عدداً من المناطق بمركز الصف لمدة 8 ساعات    نصائح لترشيد استهلاك الكهرباء... هتفرق في فاتورتك وتوفر فلوسك    الثانوية العامة.. الكنترولات تبدأ تصحيح إجابات اللغة العربية والدرجات مبشرة    طلاب الثانوية الأزهرية القسم الأدبي يؤدون امتحان الأدب والنصوص والمطالعة    فيلم «ولاد رزق 3» يقتر ب من 180 مليون جنيه إيرادات في مصر    بمناسبة ذكرى 30 يونيو.. «الأوقاف» تعقد 4 ندوات عن مفهوم الوطنية الصادقة    قرار جمهوري باستخدام السوفر كسعر فائدة مرجعي مع البنك الإسلامي للتنمية    «التضامن» تقرر توفيق أوضاع 8 جمعيات في محافظتين    مواجهات نارية.. مجموعة السعودية في تصفيات آسيا النهائية المؤهلة ل كأس العالم 2026    عاجل.. الأهلي يطلب 145 مليون لرحيل نجمه للدوري الكويتي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 27-6-2024    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : ماذا نقصد من قراراتنا000!؟    «السبكي» يُكرم الصيادلة والأطباء الأكثر تميزًا في تطبيق أنشطة اليقظة الدوائية خلال عام.. صور    وزير الصحة يوجه بسرعة الانتهاء من قوائم انتظار العمليات الجراحية    شوبير: أزمة بين الأهلى وبيراميدز بسبب الثلاثى الكبار بالمنتخب الأولمبى    أسعار الفضة تقترب من أدنى مستوياتها عالميا خلال 6 أسابيع    بكين تعارض إدراج الاتحاد الأوروبى شركات صينية فى قائمة عقوباته    «الصحة» توجّه بمراجعة عدد العمليات الجراحية وسرعة الانتهاء من قوائم الانتظار    بعد صراع مع المرض.. وفاة طارق الوحش أسطورة الإسماعيلي الأسبق    الدوري المصري، زد في مواجهة صعبة أمام طلائع الجيش    انخفاض سعر الدولار اليوم الخميس 27 يونيو 2024    عادل المصري يعلن أهداف مجلس إدارة غرفة المنشآت والمطاعم السياحية في الولاية الجديدة    «كان بيعمل طعمية».. مصرع شاب صعقًا بالكهرباء في المنوفية    وقعت عليهم حيطة.. مصرع طفل وإصابة اثنين آخرين في أسيوط    جامعة المنيا تحقق قفزة تنافسية على الخريطة العالمية    في ذكرى ميلاده .. محطات فنية في حياة صلاح قابيل    إسرائيل تكشف حجم المساعدات الأمريكية منذ بداية العدوان على غزة.. أغلبها في مايو    موسى أبو مرزوق: لن نقبل بقوات إسرائيلية في غزة    بولندا تهنئ مارك روته على تعيينه في منصب السكرتير العام الجديد للناتو    نشرة التوظيف.. 3162 فرصة عمل جديدة فى 45 شركة خاصة ب12 مُحافظة    لطلاب الثانوية العامة 2024، تعرف على كلية العلوم جامعة حلوان    ثورة 30 يونيو.. ذكرى إنقاذ مصر من الإرهاب والدم إلى التعمير والبناء    الصحة تحذركم: التدخين الإلكترونى يزيد من خطر الإصابة بالنوبات القلبية    تعرف على أسعار الزيت اليوم الخميس 27-6-2024 في الأسواق    قرارات عاجلة حول مصرع مريض نفسي سقط من شرفة عيادة طبيبه بالجيزة    القناة ال 12 الإسرائيلية: الجيش بدأ تحريك قوات للشمال استعدادا لحرب محتملة مع حزب الله    القسام تبث لقطات من استهدافها لميركافا إسرائيلية    غارة إسرائيلية تستهدف مبنى شمال مدينة النبطية في عمق الجنوب اللبناني    دعاء الاستيقاظ من النوم فجأة.. كنز نبوي منقول عن الرسول احرص عليه    هجوم حاد على حسن شاكوش وعمر كمال بسبب كليب الراقصة ليندا (فيديو)    تسجيل 48 إصابة بحمى النيل في دولة الاحتلال الإسرائيلي خلال 12 ساعة    طارق الشناوي: بنت الجيران صنعت شاعر الغناء l حوار    جيهان خليل تعلن عن موعد عرض مسلسل "حرب نفسية"    حظك اليوم برج القوس الخميس 27-6-2024 مهنيا وعاطفيا    17 شرطا للحصول على شقق الإسكان التعاوني الجديدة في السويس.. اعرفها    إصابة محمد شبانة بوعكة صحية حادة على الهواء    حظك اليوم| برج الأسد 27 يونيو.. «جاذبيتك تتألق بشكل مشرق»    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    نجم الزمالك يكشف مفاجأة بشأن فسخ عقده ويُعلن رحيله عن الفريق الأبيض    "الوطنية للإعلام" تعلن ترشيد استهلاك الكهرباء في كافة منشآتها    شل حركة المطارات.. كوريا الشمالية تمطر جارتها الجنوبية ب«القمامة»    هيئة الدواء المصرية تستقبل وفد الشعبة العامة للأدوية باتحاد الغرف التجارية    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    «نجار» يبتز سيدة «خليجية» بصور خارجة والأمن يضبطه (تفاصيل كاملة)    مدير مكتبة الإسكندرية: استقبلنا 1500 طالب بالثانوية العامة للمذاكرة بالمجان    الموانئ ترفع درجة الاستعداد لاستقبال الحجاج    ميدو: الزمالك «بعبع» ويعرف يكسب ب«نص رجل»    الكنائس تخفف الأعباء على الأهالى وتفتح قاعاتها لطلاب الثانوية العامة للمذاكرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



جودة الحياة‏..‏ وثقافة الانضباط
بقلم:د‏.‏ محمود عيسي
نشر في الأهرام اليومي يوم 28 - 04 - 2010

الحياة هي الناتج الأول للسنن الكونية فالتصميم الالهي المعجز لمفردات الكون ومخلوقاته انسانا وجمادا ونباتا وحيوانا هي التي أوجدت هذه الحياة‏,‏ كما ان معايير الانضباط في كل هذه المخلوقات هي امتداد لهذه السنن الكونية المبنية علي الانضباط المطلق والدقة والاتقان والجودة المطلقة‏ .‏ وجودة الحياة تعبير أصبح شائعا ومستخدما عندما نعني جودة كل ما يتعلق بشئون الفرد والمجتمع‏,‏ كما انها تعكس مدي امكانية استمتاع الفرد بحياته في إطار الالتزام المتبادل بينه وبين المجتمع‏.‏ وجودة الحياة لا علاقة لها بالثراء أو الفقر‏,‏ بل تعتمد علي مدي ما يتمتع به الفرد من خدمات صحية وتعليمية وحياتية ومشاركة مجتمعية وغيرها من الخدمات والتي يشارك في تنميتها بالفكر أو المال أو العمل أو بها جميعا لذا فإن جودة الحياة هي أساس لرفاهية الشعوب وتقدمها حضاريا واقتصايا‏.‏
ولشمولية جودة الحياة فإنها ترتبط بقوانين هذه الحياة ومعجزة الخلق وبما يحكمها من مقومات الانضباط‏.‏ فإذا نظرنا الي كوكب الأرض والتي تدور في فراغ هائل من بلايين السنين فإنها لو مالت جزءا من جزء من الدرجة عن محورها الذي تدور حوله زيادة أو نقصا لانتهت عليها الحياة‏.‏ كما انها لو خرجت ايضا عن مدارها حول الشمس جزءا من جزء من الدرجة لكان لها ولنا نفس المصير‏.‏ انها الدقة المطلقة والانضباط المطلق الذي دام منذ ذلك الحين‏.‏ لقد أعطي الانضباط المطلق لنا وللحياة قمة الروعة وآيات الجمال‏.‏ وإذا نظرنا الي ما في الانسان وما في الحيوان من خلق معجز ودقة واتقان والتماثل المذهل في الاجهزة الدورية والاعضاء في كل البشر وبما فيها من تماثل في المواصفات والآداء وهي المحكومة في ادائها بهذه الدقة وبما يعطيها مقومات الحياة‏.‏ فإذا فرج العضو عن ناموس خلقه وعن المواصفات الإلهية المزروعة فيه فإنه يمرض ويموت‏.‏ هذا في الانسان والحيوان والنبات‏,‏ وفي غيرها في ملايين الانواع من الكائنات كلها محكومة بمواصفات إلهية تؤدي دائما إلي دقة الانضباط واستمرار الحياة‏.‏
بالنظر الي مشاكل الشارع ومعاناة الزحام كأحد الأمثلة التي نعاني منها الآن تجدها في كل الاحوال سببها عدم الانضباط من السائق ومن عابر الطريق وفي بعض الاحيان من المراقب علي تصرفات كل هؤلاء‏.‏ فقيادة السيارة غير المنضبطة نتيجتها الحوادث وفقد الأرواح وتعطل الطرق بما يؤدي إلي مزيد من الحوادث ومزيد من الاعطال‏.‏ وكما تلوم السائق تلوم العابر للشارع نلوم صانع الطريق والمسئول عن اصلاحه والتي إن لم يتم تهيئتها لتكون صالحة للسائق ولا للعابر فإنه يجمع بين كل هؤلاء السلوك غير المنضبط الخالي من أي جودة أو إتقان‏.‏ لقد لخص الرسول الكريم كل ذلك في حديث شريف عميق المعني والذي يقول إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه وبقليل من التفكير والتأمل في هذا الحديث نجد أنه لو افترضنا ان كل فرد عمل بهذا الحديث لاختفت كل سلبيات السلوك وارتقت تلقائيا جودة الخدمة وجودة السلعة لأن الفرد هو الصانع‏,‏ وهو التاجر وهو السائق وهو العابر‏,‏ وهو اساس لكل الاعمال والافعال سواء كانت صغيرة أو كبيرة وبما يعني أن جودة الفرد هي اساس لتحقيق جودة السلعة وجودة الخدمة‏.‏
وعلي الشاطيء الآخر من هذا الحديث لو تخيلنا أسفا إن كثيرا من الناس لم تتبع ما في هذا الحديث سواء كليا أو جزئيا لانقلبت الموازين في السلعة وفي الخدمة وفي كل ما يتعامل معه المواطن ولم يعد هناك ما يتصل بأي صلة بجودة الحياة‏.‏ جودة الحياة ان تجد الجودة في كل ما تعلق بشئون الحياة‏,‏ فإذا فقدت سلوكيات الافراد الانضباط والدقة والاتقان فإنه يصعب أن تتحقق معايير الجودة علي المستوي العام من خلال هؤلاء الأفراد‏.‏ وكما نلزم الفرد بسلوكيات وثقافة الانضباط فإن المؤسسات سواء حكومية أو غير حكومية لا يمكن أن تقدم منتجات أو خدمات ذات جودة تنعكس علي جودة الحياة وهي تفتقر لسلوكيات الانضباط‏.‏ فتطبيق معايير الجودة في المنشآت والمؤسسات أكبر ضمان تحقيقها واستدامتها هو تميزها بسلوكيات الانضباط‏,‏ فهل يمكن تصور وجود مؤسسة أيا كان نوعها انتهاجية تعليمية صحية يمكنها أن تتبني معايير جودة في غياب سلوكيات الانضباط‏.‏ وكما في الامراض فإن السلوكيات سواء كانت سلبية أو إيجابية تنتقل وتنتشر في المجتمع واذا لم تعالج تنتقل من سييء إلي أسوأ إلي أن يتم التعود علي السلوكيات غير المنضبطة مهما كانت بشاعتها‏.‏ والجودة والاتقان والانضباط في إنتاج السلعة أو الخدمة لا يمكن بناؤها في فئة دون اخري أو في مجال دون آخر‏.‏
والآن ما الذي يجب فعله للنهوض بجودة الفرد من خلال السلوكيات لتحسين جودة الحياة‏.‏ يجب أن تكون التوعية بسلوكيات الانضباط متزامنة مع مشروعات النهوض بالجودة سواء للسلعة أو الخدمة ليس هذا فقط ولكن يجب أن يتم اعتبار السلوكيات من محاور البنية الاساسية للجودة ووضع سياسات متوازنة للتحفيز علي السلوكيات المنضبطة والتركيز في جميع مراحل التعليم علي التدريب علي مادة عن السلوكيات‏.‏
إن جودة الحياة مسئولية الافراد والمؤسسات والشركات والهيئات والحكومات بضبط السلوك وتنمية الإيمان بالمسئولية المجتمعية والتي أصبحت علما ومعايير‏,‏ ولم تعد عملا خيريا تطوعيا بل سلوك مجتمعي واجب التنفيذ‏.‏ فبهذه المسئولية المجتمعية بصبح الفرد مؤسسة كاملة يسري عليه مايسري علي المؤسسات تعمل جميعها من اجل المجتمع ومن اجل جودة الحياة لكل من فيه‏,‏ لانها هي المحصلة النهائية لأداء كل افراد وكيانات المجتمع وهي مؤشر الاداء الجماعي لكل عناصره‏.‏ وعندما ينعم أي مجتمع بجودة الحياة فإنها تؤدي الي مزيد من تقدم صناعاته ونمو تجارته وصادراته وعلي المستوي الحضاري فهي مقياس أيضا لثقافته ومستوي تعليمه وقدره بين الشعوب كما تكون مؤشرا لكل المؤشرات‏.‏ كما تكون في نفس الوقت ثقافة تجمع كل الثقافات‏.‏ عندئذ يعتقد الكل انه يجب أن ينعم بها ليس نتيجة لجهد الآخرين‏,‏ سواء كانوا افرادا أو حكومات‏,‏ وأنه يجب ألاينتظرها‏,‏ بل يجب أن يعمل هو من أجلها علي أن يبدأ بنفسه في تبني ثقافة الانضباط وهي أبسط وأهم مسببات النجاح‏.‏ والدليل القاطع أن ما تتميز به المؤسسة العسكرية من نجاح وجودة أداء أعمالها عسكريا ومدنيا يرجع لسلوكيات الانضباط فيها لأن هذه السلوكيات إلزام والتزام من القائد مهما علت رتبته ومن الجندي مهما صغرت درجته‏.‏


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.