طالب علماء الدين وخبراء الاقتصاد باستثمار تجمع المسلمين في موسم الحج لتحويل حلم إنشاء سوق إسلامية مشتركة إلي واقع, تطبيقا لقول الله تعالي ليشهدوا منافع لهم. كما طالب علماء الدين بمناقشة كبري القضايا التي تمس شئون المسلمين وتعجز الحكومة أو الدولة المفردة عن تنفيذها, والسعي نحو تدعيم روابط الأخوة بين الدول الإسلامية, ونحن نعيش عصر التكتلات الاقتصادية ونمتلك من الخبرات والأيدي العاملة والأموال والمعادن والخيرات الطبيعية والخامات ما يؤهلنا لإقامة اكبر تحالف اقتصادي في العالم المعاصر. وقال الدكتور ناصر محمود وهدان أستاذ الدراسات الإسلامية المساعد بجامعة قناة السويس إن الحج أكبر مؤتمر عالمي للمسلمين, يعقد كل عام, يجب استغلاله في مناقشة كبري القضايا التي تمس شئونهم وتعجز الحكومة أو الدولة المفردة عن تنفيذها, لاسيما أن المسلمين يكونون في تلك الأيام في أفضل حالاتهم الروحية, وتعلو فيها الهمم والقيم والآداب الإسلامية, ويحرصون علي إرضاء خالقهم وتطبيق سنة نبيهم صلي الله عليه وسلم.. ولعل أبرز تلك القضايا إنشاء سوق إسلامية مشتركة للدول والشعوب الإسلامية, ذلك المشروع الضخم الذي كان ولا يزال أمل المسلمين في شتي بقاع الدنيا, وهذه السوق فضلا عن أثرها الاقتصادي المنشود والمأمول فيها فإنها ستعمل علي ربط أواصر المسلمين الذين فرقتهم القوميات والحدود الدولية, ذلك الصنيع الذي استهدف تفتيت وحدة المسلمين وإضعافهم في القرون الأخيرة,هذا بالإضافة إلي أنه أحيانا تكون المقاطعة الاقتصادية هي السلاح الرادع تجاه بعض البلدان أو الدول كرد فعل علي موقف أو أمر ما, لكن سرعان ما يعلو صوت العقل من الخبراء والاقتصاديين ليؤكدوا صعوبة المقاطعة ما دام المسلمون لا يملكون سوقا مشتركة بديلة للسوق الغربية, وحينها تعلو أصوات المسلمين للمطالبة بسوق إسلامية مشتركة, لكن سرعان ما تخبو هذه الأصوات ويتحطم هذا الأمل أمام تقاعس ولاة الأمور وأصحاب القرار. من جانبه أوضح الدكتور حسين شحاتة أستاذ الاقتصاد الإسلامي بجامعة الأزهر أن دعوة الإسلام تقوم علي التعاون علي البر والتقوي في كل نواحي الحياة ومنها النواحي الاقتصادية, فيقول الله تبارك وتعالي: وتعاونوا علي البر والتقوي ولا تعاونوا علي الإثم والعدوان, ويقول الله عز وجل:إن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون, ويقول الرسول صلي الله علية وسلم:المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا. وأشار إلي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم عندما أنشأ سوقا إسلامية بالمدينة كان ذلك ليحرر مال المسلمين من الخبائث والمعاملات الظالمة وهذا ما يطلق عليه في الاقتصادالبنية الاقتصادية الأساسيةوحتي يؤكد للناس شمولية الإسلام فهو دين ودولة وعقيدة وشريعة وحب وجهاد وتضحية وقوة ونصر, وكانت هذه السوق هي اللبنة الأولي للسوق الإسلامية المشتركة, لذلك يجب أن يكون للمسلمين سوق حرة نظيفة طاهرة. وهذا بالطبع يؤكد شمولية المنهج الإسلامي, فهو مسجد ومعهد وسوق, فلا يستقيم أمر المجتمع الإسلامي بدون أن تكون معاملاته طبقا لشرع الله عز وجل, وهنا يكون التفاعل والترابط بين القيم الإيمانية والأخلاقية الفاضلة والسلوك الاقتصادي الإسلامي الطيب ليضبط المعاملات التجارية. وأكد أن موسم الحج فرصة عظيمة لتحقيق ذلك الهدف السامي, انطلاقا من قوله تعالي:ليشهدوا منافع لهم ومن هذه المنافع: المنافع الاقتصادية ولاسيما أن لدي الدول الإسلامية كل مقومات هذه السوق, غير أن تلك المقومات تحتاج إلي الترشيد في الانتفاع بها لمصلحة المسلمين من خلال التعاون والتنسيق الكامل بين الدول الإسلامية والعربية وإن لم يحدث ذلك فسوف تستنزف هذه الموارد بواسطة أعداء الإسلام وهذا هو الواقع الذي نعيشه. وشدد علي ضرورة الاستفادة من موسم الحج بجانب الجوانب الروحية أن يجتمع الفقهاء والعلماء والخبراء الاقتصاديون من جميع الدول الإسلامية لتحويل آمال الشعوب الإسلامية في إنشاء السوق الإسلامية المشتركة من عواطف ومشاعر إلي أفعال وبرامج تنفيذية في الواقع العملي.