جاء في رد دار الافتاء المصرية علي طلب الاستاذ الدكتور حمدي السيد رئيس لجنة الشئون الصحية والبيئية بمجلس الشعب حول الرأي الشرعي في بعض الفقرات الخاصة بالاجهاض في مشروع قانون المسئولية الطبية. كما نشر علي الصفحة18 بجريدة الاهرام بتاريخ2010/4/12 بعدم جواز اسقاط الجنين وتحريم الاجهاض تحريما قطعيا باتفاق الفقهاء والعلماء اذا بلغ عمر الجنين في بطن أمه مائة وعشرين يوما وهي مدة نفخ الروح فيه. وأنه في حالة اسقاطه يعتبر قتلا للنفس التي حرم الله قتلها إلا بالحق, ثم أضافت انه بعد مراجعة الآراء المختلفة لعلماء المذاهب الفقهية الشرعية المعتبرة فان الرأي الراجح المختار للفتوي في ذلك انه يحرم الاجهاض مطلقا سواء قبل نفخ الروح أو بعده إلا لضرورة شرعية. وبحكم موقعي كأستاذ جامعي متخصص في مجال أمراض النساء والتوليد أود أن أوضح بعض النقاط التي يمكن أن تفيد لجنة الشئون الصحية والبيئية بمجلس الشعب من الناحية الطبية في مرحلة سن قانون المسئولية الطبية: 1 تبدأ حياة الإنسان منا متي التقي الحيوان المنوي بالبويضة وتبدأ رحلة الحياة بتكوين المشيج الذي ينقسم مرات عديدة الي أن يصل للرحم ويعلق بجداره ويسمي علقة, ثم مضغة, الي أن يتطور الي مرحلة التشكيل النهائي بنهاية الشهر الثالث, ويصبح انسانا كامل الشكل والمعالم ونستطيع الآن أخذ صورة له باستخدام الموجات الصوتية ثلاثية الأبعاد. ولربما يأتي زمان بعدنا تستطيع معه الأجهزة المتقدمة أن تسجل له أصوات وأحاديث. أذن كل يوم في حياة الانسان داخل الرحم يقوده الي اليوم الذي يليه من لحظة التقاء الحيوان المنوي بالبويضة ويكون عمر الانسان في هذه اللحظة فيمتو ثانية الي لحظة خروجه للحياة بعد تسعة أشهر كي يستكمل رحلة العمر خارج غرفة الرحم لدرجة أن الصينيين يحسبون عمر الانسان بدءا من الفترة التي قضاها داخل الرحم قبل الولادة. فلو جاء طبيب واعتدي علي هذا الانسان في هذه المرحلة العمرية بعملية إجهاض عملا بفكر أن الروح لم تنفخ فيه بعد فإنما في الواقع هو قتل هذه النفس التي حرم الله إلا بالحق. لأن أيام العمر متصلة وكل يوم يؤدي إلي اليوم الذي يليه إلي أن تنفخ فيه الروح ويستمر بعد ذلك إلي أن يخرج الي الحياة. 2 نستطيع الآن تشخيص الحمل في مرحلة مبكرة جدا بمجرد التصاق المشيج بالرحم وافرازه لبعض الهرمونات التي يمكن من قياسها تشخيص الحمل وبالتالي يمكن أن تتم عملية الاجهاض في الفترة التي ذكرت فيها أن الروح لم تنفخ بعد( معظم الحالات) وهي الفترة التي فيها خلاف بين علماء المسلمين ويستغلها ضعاف النفوس من الاطباء للتبرير لأنفسهم اجراء عملية الاجهاض وهي فترة من عمر الانسان كما أوضحت من قبل, كما أن الديانة اليهودية والمسيحية تحرم عملية الاجهاض لأي سبب في هذه الفترة وأري أن يكون هناك رأي قاطع لعلماء المسلمين في هذا الأمر بعد التوضيح الذي ذكرته. 3 يقول المولي في كتابه العزيز ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم الا قليلا الاسراء85 اذا وبنص القرآن الكريم وبالعلم الذي نحمله نحن لانعرف شيئا عن الروح وانما امرها بيد الخالق ولكننا وبأدواتنا المتاحة في زمننا هذا نري الحياة في الإنسان منذ لحظة تكوينه حيث تصويره في مرحلة مروره بقناة فالوب والتي شهدت بداية خلقه, ثم التدحرج بداخلها الي أن يصل الي غرفة الرحم التي يقطن فيها لمدة تسعة أشهر يعيش فيها بكل تفاعلاته وانفعالاته وضحكه وبكائه وكل هذا تم رصده بأجهزة حديثة لدرجة نستطيع الآن أن نتنبأ بمستقبل هذا الانسان وأنسب الوظائف له بعد دراسة هذه الانفعالات. 4 الأم هي أصل الحياة والحفاظ عليها هو حق لها وواجب علينا كلنا وتنعقد طوال العام المؤتمرات في كل أرجاء المعمورة تتحدث عن صحة المرأة وكيفية حمايتها لدرجة أن من ضمن معايير قياس حضارات الأمم بمدي حفاظها علي حياة الأم, وقد نشر في آخر عدد لمجلة لانسيت أن بلدنا مصر في مقدمة الدول في الحفاظ علي صحة الأم أثناء عملية الولادة ويمثل الحمل فترة من فترات الخطر علي حياة الأم بما يحمله من تغيرات ويصاحبه من أمراض تظهر بسبب وجود الحمل لذا من المهم جدا أن تكون صحة المرأة علي مايرام قبل وأثناء وبعد فترة الحمل, واذا حدث الحمل وأدي ذلك الي مايهدد حياة المرأة كوجود أمراض خطيرة بالقلب أو الكبد أو الكلي أو بعض الأمراض الخبيثة وتأخر العلاج فيها يؤثر علي حياة المرأة فهنا يأتي دور الطب الحقيقي بإجراء عملية الأجهاض حفاظا علي حياة المرأة. 5 هناك بعض العيوب الخلقية التي تحدث للجنين والتي يستحيل معها الحياة بعد الولادة كعدم نمو مخ وجمجمة الجنين مثلا ونستطيع تشخيصها في مرحلة مبكرة بمنتهي الدقة, فيمكن اجراء عملية اجهاض لمثل هذه الحالات حتي لاتتحمل المرأة عناء بقية شهور الحمل وتصطدم بعد الولادة بطفل لن يعيش. وهناك حالات أخري كثيرة من العيوب الخلقية التي يمكن أن يعيش بها الانسان ولكن بحياة غير سوية كمتلازمة داون وهنا يجب أن يجلس أهل الطب وأهل الشريعة لمناقشة الأمر ويتخذ قرار نهائي مؤكدا بالجانب العلمي والجانب الشرعي ثم يوزع هذا الكتاب علي كل من له صلة بالأمر كدار الافتاء وكل أطباء أمراض النساء حتي لايكون هناك خلاف يتوه معه الزوجان بهمومهما. وفي النهاية ليست القضية في اباحة الاجهاض اعتمادا علي تاريخ نفخ الروح ولكن علي هل هذا الحمل سوف يهدد حياة المرأة أو أن هذا الجنين به علة تستحيل معه الحياة بعد الولادة بغض النظر عن وقت تشخيص الحالة.