إنها ليست المرة الأولي التي يتم فيها ازدراء الدين الإسلامي أو الإساءة إلي رسولنا الكريم (صلى الله عليه وسلم). وأن المواجهة السليمة لتلك الإساءات تستلزم إيجاد صيغ قانونية تمنع تكرارها في المستقبل ووضع استراتيجيات وطنية وعربية شاملة يتصدي بها المسلمون في الدفاع عن مقدساتهم الدينية, فيجب أن يركنوا إلي الموضوعية التي تتسم بالطابع العلمي التخصصي في عرض الموضوعات ذات الصلة, لأن هذه هي اللغة التي يتفهمها الغرب. ونجمل الآليات القانونية الممكن اتباعها والأهداف الاستراتيجية التي يجب تحقيقها للتصدي للإساءة للرسول الكريم (صلى الله عليه وسلم) في الآتي: أولا) التحقيق والاتهام في هذه الواقعة وفقا لنصوص المواد المنطبقة من قانون العقوبات, ليس فقط تلك المطبقة علي حالات ازدراء الدين الإسلامي, بل أيضا الخاصة بإثارة الفتنة والإضرار بالوحدة الوطنية أو السلام الاجتماعي وللنيابة العامة طلب تسليم المتهمين في هذه القضية أثناء التحقيقات, أو بعد صدور أحكام بالإدانة, مع ملاحظة أنه يمكن للولايات المتحدةالأمريكية رفض تسليمهم بذريعة إمكان تعرضهم للقتل أو تعريض حقوقهم الأساسية للانتهاك, وهي إحدي حالات رفض تسليم المجرمين المعترف بها في القانون الدولي, والتي يجب أن يضعها كل من يخوض في هذه المسألة نصب أعينه. كما أن الرأي القائل بإسقاط الجنسية المصرية عمن يحملونها من مرتكبي تلك الإساءات هو رأي يجانبه الصواب, لإنه إذا سقطت جنسيتهم قد يمتنع تسليمهم للسلطات المصرية علي سند من أنهم لا يحملون الجنسية المصرية, فإسقاط الجنسية, إن تم, يحسن أن يكون بعد صدور أحكام نهائية بشأنهم. ثانيا) حث الولاياتالمتحدةالأمريكية علي تقديم المشاركين في إنتاج وإذاعة الفيلم المسيء إلي المحاكمة الجنائية, باعتبار أن تلك الواقعة تشكل تمييزا عنصريا علي أساس ديني ضد المسلمين وحضا علي الكراهية وإثارة للعنف وهي كلها أفعال مجرمة بالقانون الأمريكي, وإقامة دعاوي تعويض جماعية من مسلمي أمريكا أمام المحاكم الأمريكية. ولوزارة الخارجية المصرية طلب عقد اجتماع طارئ لمجلس جامعة الدول العربية علي مستوي وزراء الخارجية لاتخاذ موقف عربي جماعي موحد مع الدعوة إلي إنشاء فريق خبراء عرب تحت مظلة جامعة الدول العربية تكون مهمته الأساسية وضع خطة للتحرك العربي للتصدي للإساءات الموجهة إلي الدين الإسلامي ورموزه الدينية بالتنسيق مع منظمة التعاون الإسلامي. ثالثا) ولوج الآليات الدولية المتاحة للشكوي بالأممالمتحدة في حالة تقاعس الدول عن تنفيذ التزاماتها الدولية بمنع الإساءة إلي الدين الإسلامي ورموزه الدينية, سواء تلك المنشأة بموجب ميثاق الأممالمتحدة, أو بموجب معاهدات حقوق الإنسان الدولية, خاصة المجلس الدولي لحقوق الإنسان, ولجنة القضاء علي جميع أشكال التمييز العنصري. كما أن خيار اللجوء إلي محكمة العدل الدولية سوف يكون متاحا دائما علي سند من إخلال الدول التي وقعت علي إقليمها تلك الإساءات بالتزامتها الدولية التعاقدية, الناشئة عن المعاهدات الدولية السارية, والمتمثلة في شجب وقائع ازدراء الأديان وإنفاذ التشريعات اللازمة لحظرها وتجريمها والمعاقبة عليها. رابعا) إنشاء لجنة وطنية لمواجهة الإساءة إلي الأديان تضم من بين أعضائها ممثلين للأزهر والكنيسة ونخبة من القانونيين والمثقفين. وتعزيز سياسة الحوار القانوني السليم والفهم المتبادل بين الثقافات والأديان, استجابة للبرنامج العالمي لحوار الحضارات الذي تتبناه منظمة الأممالمتحدة. وعلي الأزهر أن يعمل علي إعداد دعاة يجيدون اللغات الأجنبية لسهولة التواصل مع المجتمعات الغربية في مثل هذه القضايا ونشر الفكر الإسلامي الوسطي المستنير. ومن الضروري اضطلاع مصر بدورها الريادي في تنسيق مواقف الدول العربية والإسلامية للتصدي لمثل تلك الإساءات. ومن المهم أن تبادر مصر بتنظيم مؤتمر دولي حول التزام الدول بتجريم الإساءة إلي الأديان والرموز الدينية. وتجب المحاسبة القانونية لكل من يتعدي علي الأشخاص أو المنشآت الخاصة أو العامة أو البعثات الدبلوماسية في سياق الأحداث الجارية بحسبان أن ذلك يشكل التزاما دوليا علي مصر من ناحية, ولسد السبل أمام الدوائر الحاقدة التي تستغل تلك الحوادث لتأليب الرأي العام الدولي ضد الإسلام والمسلمين من ناحية أخري. نائب رئيس محكمة النقض المزيد من مقالات المستشار.عادل ماجد