في جلسة إستماع بمجلس النواب الأمريكي يوم الخميس الماضي, دخل نائب ديمقراطي في مجادلة ملتهبة مع إليوت إبرامز المسئول السابق في مجلس الأمن القومي .. في عهد جورج بوش حول تشكيك الأخير في دعم الرئيس باراك أوباما لإسرائيل ومحابة الفلسطينيين وبخاصة حركة حماس,وهو ما يسير عليه ميت رومني في حملته الإنتخابية للفوز بالرئاسة الأمريكية في نوفمبر, وقال النائب لم أسمع يوما طوال وجودي في الكونجرس ما يشير إلي تخلي أوباما عن إسرائيل, تلك قضية بعيدة عن الإنحيازات الحزبية. مشكلة رومني أنه يلعب في منطقة يصعب أن يحقق فيها مكسبا واضحا حتي لو إستخدم ورقة إنتقاد الفلسطينيين بعنف أو كما قالت جين هارمن رئيس لجنة الإستخبارات السابقة أن هناك مباراة كرة قدم سياسية حول موقف المرشحين من الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي يجب أن تتوقف فورا. وتشكل تصريحات رومني, المحاط بخبراء ومستشارين من اليمين المحافظ, معضلة في التحليل حيث يصعب علي الكثيرن الجزم بأن ما يقوله هو محاولة إبعاد دفة الجدل عن قضايا الإقتصاد الأمريكي التي تعطي أفضلية لإعادة إنتخاب أوباما أم أن تلك هي قناعاته الشخصية. في الحالتين تبدو التصريحات المتسرعة للمرشح الجمهوري ومنها قوله أن أهمية المجتمع الفلسطيني مقارنة بالمجتمع الإسرائيلي بالنسبة للولايات المتحدة لصالح الأخير وهو ما يضع أمريكا في موقف حرج في حال فوزه ويصعب من مهمته في لعب ما أصطلح علي تسميته ب الوسيط النزيه. يحاول رومني إستدراج بنيامين نتانياهو لمسايرته في الهجوم علي سياسات أوباما, فيما يلتزم رئيس الحكومة الإسرائيلية الحذر في تصريحاته- بحكم خبرته الكبيرة بالمجتمع الأمريكي- بعدم التدخل في شأن الإنتخابات ويترك لسفيره في واشنطن مايكل أورين مهمة تقليل حدة النقاش بين المعسكرين الديمقراطي والجمهوري. الشكوك حول مواقف رومني تطول موقفه من حل الدولتين ويري محللون أنه يقترب من أفكار اليمين الإسرائيلي التي ظهرت في السنوات الأخيرة وتقول أن مصر, يوما ما, سوف تحصل علي قطاع غزة والأردن, بحكم غالبية الفلسطينيين فيها, سوف تتحمل مسئولية فلسطيني الضفة الغربية فيما تخرج إسرائيل بمعظم أراضي الضفة في نهاية المطاف وهو تصور طرحه داني دانون من حزب الليكود في كتاب جديد صدر في مطلع سبتمبر الحالي بعنوان حل الثلاث دول في إشارة إلي مصر وإسرائيل والأردن. وقد تواصلت التصريجات الخرقاء من المرشح الجمهوري بقوله في حفل للتبرعات الإنتخابية أن الفلسطينيين غير مهتمين بالسلام ولكنهم تعاهدوا علي تدمير إسرائيل مستبعدا أن يسفر مسار المحادثات عن تحقيق سلام وهو ما يتعارض مع تصريحات سابقة عن تأييده لحل الدولتين. الجديد في الموقف هو تشكيكه في إمكانية ظهور حدود لدولة فلسطينية مستقلة لأن إيران سوف تستخدمها لإدخال أسلحة ترمي إلي الضفة الغربية وهو ما يجب الوقوف ضده وقال أن فكرة دفع الإسرائيليين إلي التنازل عن شئ من أجل تحفيز الفلسطينيين علي العمل معا, هو أسوأ ما يمكن ان يحدث في العالم. تلك بعض من حماقات مرشح رئاسي في توقيت يثير قلق الكثيرين من السياسيين المخضرمين في واشنطن حيث أنه يدفع صورة أمريكا الي مزيد من التراجع في الشرق الأوسط في وقت تمر المنطقة بتغيرات جوهرية تؤثر في العلاقة بين واشنطن والعواصم الكبري ويحسب السياسييون المخضرمون حساب كل كلمة.. فهل ما يقوله رومني حماقة أم خطة من اليمين الأمريكي لتمرير أفكار بعينها؟ الإجابة بعد الإنتخابات لو خسر أوباما..!