شريف عابدين : يعد نظام الانتخاب في الولاياتالمتحدةالأمريكية نظاما فريدا من نوعه; فعلي عكس ما يعتقده كثير من الناخبين الأمريكيين بأنهم يقومون بانتخاب رئيسهم مباشرة, فإن كلمة الحسم ترجع للمجمع الانتخابي الذي يتكون من538 مندوبا. فالناخب الأمريكي وفق النظام الانتخابي الذي لم يشهد سوي تعديلات بسيطة منذ قيام الولاياتالمتحدة لا يختار عمليا رئيسه مباشرة, بل يمنح صوته لأحد المندوبين في الولاية التي ينتمي اليها. الصورة اذن ليست وردية بالدرجة التي يتصورها دعاة الحلم الامريكي, ولعله من المفيد أن نستعرض بعض معالم النظام الانتخابي الأمريكي التي قد تشي بصورة مغايرة للصورة المستقرة في أذهان الكثيرين عن تمثيله الحقيقي للقاعده الشعبية. فالنظام الانتخابي الأمريكي في نسخته الحالية والتي لم يطرأ عليها تطورات نوعية تذكر منذ نشأة أمريكا قبل أكثر من200 سنة يفضي عمليا إلي عاقبتين رئيستين, الأولي استبعاد أكبر قدر ممكن من المشاركة الشعبية, والثانية تضخيم العراقيل في وجه صعود نجم حزب ثالث يمثل التطلعات الشعبية للأمريكيين تمثيلا حقيقيا. ففي معظم الولايات تجد قدرا كبيرا من الإحباط لدي الناخبين بسبب شعورهم بعدم جدوي مشاركتهم في العملية الانتخابية فإما النتائج محسومة سلفا بدرجة كبيرة لطرف أو لآخر بسبب القانون الانتخابي أو أن المرشحين لا يمثلان حقيقة تطلعاتهم. المجمع الانتخابي وإشكالياته انتخاب الرئيس ونائبه في أمريكا يجري من خلال آلية يطلق عليها المجمع الانتخابي والذي يتكون من538 صوتا انتخابيا تمثل435 صوتا هي مجموع عدد أعضاء مجلس النواب الأمريكي و100 صوت تمثل عدد أعضاء مجلس الشيوخ و3 أصوات عن مقاطعة كولومبيا التابعة للعاصمة واشنطن المستقلة إداريا عن جميع الولايات. الطريف وما يعد نقيصة كبري في الانتخابات الأمريكية ان سكان واشنطن العاصمة( مقاطعة كولومبيا) الذين يربو عددهم عن نصف مليون نسمة ليس لهم تمثيل في الكونجرس إلا عبر عضو مراقب في مجلس النواب لا يحق له التصويت, ومثلهم في ذلك كمثل سكان المناطق الملحقة إداريا بالولاياتالمتحدة كبورتوريكو وجوام, ولكن خلافا لهذه المناطق, فإن سكان العاصمة يخضعون لجميع القوانين الضريبية الفيدرالية. بل لم يكن لسكان العاصمة الحق في المشاركة في الانتخابات الرئاسية أيضا حتي سنوات مضت عندما أقر الكونجرس الأمريكي التعديل الدستوري ال23 عام1960 الذي يمنح مقاطعة كولومبيا أصواتا انتخابية في المجمع الانتخابي. وينص الدستور الأمريكي علي انتخاب رئيس للبلاد كل أربع سنوات بشرط أن يتعدي عمر المرشحين لهذا المنصب35 عاما ويحملون الجنسية الأمريكية, ويمكن للرئيس أن يتولي الحكم لفترتين رئاسيتين فقط, ولا يتم اختيار الرئيس بالتصويت المباشر للناخبين, بل يتم انتخابه من قبل المجمع الانتخابي, المقسم بين الولاياتالأمريكية. وتتم العملية الانتخابية علي خمس مراحل: المرحلة الأولي: ويتم خلالها التنافس بين الراغبين في ترشيح أنفسهم علي كسب الأصوات حيث يشكل المرشحون لجنة استكشافية لحشد التأييد لأنفسهم بين أنصارهم في الحزب, ويحصلون علي ضمانات من المانحين بتقديم إسهامات مالية لحملاتهم الانتخابية ثم يخطرون السلطات الفيدرالية باعتزامهم ترشيح أنفسهم, لتأتي بعد ذلك عمليات جمع الأموال وخوض سباق الانتخابات الحزبية. المرحلة الثانية: تمثل الخطوة الأولي في اختيار مرشح الحزب الذي سيخوض الانتخابات الرئاسية أمام مرشحي الأحزاب المنافسة. حيث يتعين علي الناخبين المؤيدين لأحد الأحزاب السياسية أن يختاروا مرشحهم من بين قائمة من مرشحي هذا الحزب. علي عكس التصويت النهائي لاختيار الرئيس الذي يترك لاعضاء المجمع الانتخابي, فإن الانتخابات التمهيدية تقيس حجم الدعم الشعبي للمرشح من خلال اقتراع مباشر في جميع أنحاء الولاية لتحديد أي المرشحين سيحصل علي دعم الولاية لترشيحات الجمهوريين والديمقراطيين في المؤتمرات الوطنية للاحزاب السياسية. المرحلة الثالثة: تعتبر مؤتمرات الأحزاب واحدة من أكثر الأحداث إثارة في السياسة الأمريكية, ويصل وفد كل ولاية إلي قاعة عقد المؤتمر القومي للحزب يحمل لافتة عليها اسم مرشح الحزب الذي يحظي بتأييده. والمرشح الذي يختاره أكبر عدد من الوفود يفوز بالترشيح, ويقوم بالحصول علي دعم منافسيه داخل الحزب أيضا, ثم يختار المرشح الفائز نائبا للرئيس يخوض معه حملته الانتخابية. المرحلة الرابعة: يكثف خلالها المرشحون المتنافسون من الأحزاب السياسية الأمريكية المختلفة تركيزهم علي الحملة الانتخابية مع مراعاة صياغة سياسات كل مرشح بحيث تأخذ في الاعتبار مطالب أنصار منافسيه السابقين دا خل حزبه. وهذه المرحلة من سباق الانتخابات تستغرق وقتا أقصر مما تستغرقه انتخابات التصفيات او التمهيدية داخل الأحزاب. المرحلة الخامسة: تجري الانتخابات الرئاسية الأمريكية عادة في أول يوم ثلاثاء يلي في شهر نوفمبر من العام حيث يتدفق الملايين علي صناديق الاقتراع لاختيار مرشحهم لرئاسة البلاد. ثم تفرز الأصوات ويتم اعلان النتائج الأولية عادة خلال12 ساعة من إغلاق مراكز الاقتراع. وبعد فرز الأصوات تنتقل العملية الانتخابية إلي المجمع الانتخابي. ولكل ولاية عدد مختلف من أعضاء المجمع الانتخابي علي أن يعكس عدد الأعضاء نسبة تمثيل الولاية في الكونجرس.والمرشح الذي يحصل علي غالبية أصوات الناخبين في كل ولاية يحصل علي أصوات أعضاء هذه الولاية في المجمع الانتخابي. ثم يجتمع أعضاء المجمع الانتخابي ويصوتون علي اختيار الرئيس. ويتم تنصيب الفائز بالانتخابات رئيسا للبلاد في20 يناير وفي الفترة التي تربط بين انتهاء الانتخابات وتنصيب الرئيس تتولي الإدارة القائمة شئون البلاد.