تكدست تلال القمامة ومخلفات المباني في شوارع القاهرة الرئيسية تحت الكباري وداخل الانفاق كنفق شبرا مما أدي إلي اغلاق الشوارع في بعض المناطق , كما حدث بمنطقتي العطار وأبووافية في شارع أحمد حلمي والمشكلة انه بمجرد إزالة تلال القمامة والمخلفات تعود مرة أخري خلال ساعات, وكأن للطرف الثالث يد في وجودها لتضبح عنوانا لمداخل القاهرة وشوارعها. ويتساءل المواطن من أين تأتي كل هذه الانقاض وتلال القمامة؟ ولماذا تفاقمت المشكلة بهذه الصورة بعد ثورة 25 يناير؟ التقيت المهندس حافظ السعيد رئيس الهيئة العامة لنظافة وتجميل القاهرة, المؤسسة بالقرار الجمهوري رقم 184 لعام 1983 , ويعمل فيها 16 ألف موظف في مجالاتها المختلفة, في 36 فرعا للهيئة بالاحياء في أنحاء القاهرة. ربما اخرج باحساس من التفاصيل والأرقام أحس أن المهندس حافظ السعيد يغرف في المعادلة الصعبة, فالطموحات كبيرة والإمكانات قليلة فتلال القمامة ومخلفات المباني وحدها تتراوح بين 13 و 15 ألف طن يوميا في شوارع القاهرة, وتحتاج الهيئة لمعدات تتجاوز الخمسين مليون جنيه بشكل ملح وفوري, وديونها المستحقة لشركات النظافة المتعاقدة مع الهيئة جاوزت المائة مليون جنيه في نهاية السنة المالية المنصرمة. ويؤكد المهندس حافظ أن هذه الديون هي السبب الأكبر في تفاقم مشكلة القمامة بعد أحداث ثورة 25 يناير, وأن عدم دفع المستحقات دفع تلك الشركات للتوقف عن العمل مما أنتج عجزا في عمل المتعهدين, كما يؤكد أن العمل في ظل هذه الظروف مستحيل, والسبب الثاني في تفاقم المشكلة والذي يظهر في الزيادة الكبيرة لكميات الردش في الشوارع ترجع إلي الانفلات الأمني وعدم وجود رقابة علي المباني الجديدة وقلة الدوريات الليلية من شرطة المرافق والقبض علي من يلقون قمامة ومخلفات المباني في الشارع, ويشير المهندس حافظ إلي أن هناك تحسنا ملموسا بعد تعاون شرطة المرافق والقبض علي بعض المخالفين, ولكن الأهم مطلوب تغليظ العقوبة علي من يلقون القمامة والردش في الشوارع, ولدينا خط ساخن للهيئة(152) لنتعاون مع أصحاب مخلفات المباني في رفعها بمجرد الابلاغ. مشكلة أخري تواجه الهيئة وهي ضعف الموازنة التي تقدر بعشرة ملايين جنيه مما أثر سلبا علي عمل الهيئة, فهي تعمل في ستة احياء ذات كثافة سكنية عالية بالمنطقة الجنوبية وحجم مخلفاتها كبيرة وهي: البساتين دار السلام الخليفة المقطم السيدة زينب مصر القديمة إضافة لبقية الاحياء, وتلك الموازنة تشمل نظافة الحدائق والتشجير والانارة العامة(4000عمود) بخلاف الورش الإنتاجية, لذا الهيئة في حاجة لدعم عاجل وكبير من وزارتي التخطيط والمالية يقدر بخمسين مليون جنيه لشراء ما تحتاجه من معدات جديدة وسيارات للعمل في الاحياء. وأوضح المهندس حافظ أن اللجنة الوزارية للنظافة درست في آخر اجتماع لها التعاقدات القائمة حاليا مع شركات النظافة لكيفية التوصل إلي الأسلوب الأمثل للتواصل مع هذه الشركات في تنفيذ العقود المبرمة معها ولرفع كفاءتها لمستوي النظافة المطلوب أو للتخلص معها سلميا, موضحا أن هناك جهاز الرقابة والمتابعة التابع لمحافظة القاهرة هو المختص بالاشراف علي تنفيذ ومراقبة التعاقدات مع الشركات الوطنية والأجنبية. بلهجة لا تخلو من نبرة تفاؤل رغم الوضع السيء الذي يتحدث عنه فالإنجازات التي تحققت خلال حملة وطن نظيف التي أعلنها الرئيس محمد مرسي والتي تدخل في إطار برنامجه الانتخابي لل 100يوم الأولي من توليه الرئاسة تدعو للتفاؤل وندعو المواطنين للمشاركة في حل مشكلة النظافة, هكذا قال رئيس الهيئة الذي يواصل: فلابد من تكاتف الجميع بداية من الجهاز التنفيذي والمجتمع المدني والمواطنين. فمنذ أن بدأت الحملة في28يوليو الماضي, تم تنفيذ حملات قوية لرفع القمامة ومخلفات المباني وتهذيب الحدائق والانارة العامة, فتم رفع حوالي392 ألف طن قمامة و127 ألف متر مكعب من مخلفات الردش والمباني وزاراعة 24 ألف شجيرة و6500شجرة, بالإضافة إلي رفع كفاءة المسطحات الخضراء وقص الأسوار النباتية. وثمة استراتيجيات جديدة في منظومة جمع القمامة والمخلفات حيث يشير إليها رئيس الهيئة يتم الاتفاق مع المتعاقدين علي جمع القمامة من المنزل للسيارات للمدافن لمنع وضع القمامة في الشارع, مع رفع قيمة رسوم الوحدة السكنية للمتعاقدين لتحسين الخدمة وإزالة القمامة والمخلفات من المحلات التجارية, كما أن الهيئة بصدد البحث عن مركز لتجميع القمامة في كل حي من احياء القاهرة لمساعدة المتعاقدين علي أخذ القمامة والمخلفات منه إلي المدافن مباشرة, والطريق الثالث دراسة عقود الشركات الموجودة حاليا وانشاء كيانات وطنية جديدة بحيث تتولي كل منها نظافة حي معين وبذلك تكون هناك منافسة بين الشركات وتلك الكيانات, بالإضافة إلي أنه من بين الخطط المستقبلية الاستفادة القصوي من المخلفات الصلبة وذلك من خلال مشروع تم عرضه علي اللجنة الوزارية وتمت دراسته لإعادة تدوير القمامة والمخلفات لإنتاج الكهرباء والورق والسماد العضوي مما يؤدي إلي خفض كمية المخلفات التي يتم دفنها وقيام استثمارات جديدة, كما هناك اتجاه لاغلاق المقالب العمومية داخل محافظة القاهرة ونقلها إلي خارج المحافظة واقامة مزارع نموذجية للخنازير تحت اشراف الطب البيطري. وإذا كانت معادلة القمامة تتكون من مخلفات ونظافة التي هي سمة المجتمعات المتحضرة, والمهندس حافظ يضع يده علي عامل مهم أيضا وهو الإعلام المقروء والمسموع, ويطالبه بالقيام بدوره من خلال تبني حملة لحث المواطنين علي عدم القاء القمامة والمخلفات في الشارع, فالنظافة سلوك وثقافة, وواجب الإعلام توعية المواطنين وتحسين السلوكيات, والهيئة من جانبها تقوم بحملات توعية من خلال تنظيم ندوات في المدارس والجامعات ودور العبادة, ولكنها لا تكفي لأن منظومة النظافة تحتاج لتكاتف الجميع. ملحوظة أخيرة.. مشكلة القمامة بدأت قبل ثورة25 يناير وهي بريئة منها تماما.. والسؤال الآن بعد توضيحات رئيس الهيئة.. متي تنتهي مشكلة القمامة بالقاهرة وبقية المحافظات! اعتقد أن المشكلة ليست بحاجة إلي تصريحات فقط وانما نية صادقة علي تنفيذ التعهدات.