«بداية».. «بنها» تنظم ندوة لدعم الطلاب ذوي الهمم    الطيب: الأزهر مستعد لإنشاء مركزٍ لتعليم اللغة العربية في أوزبكستان    زيارة ولي العهد... بالأرقام أبرز الواردات السعودية من مصر خلال الفترة الأخيرة    «العدل» ينعى ضحايا «الجلالة» ويطالب بحلول جذرية لأزمة حوادث الطرق    على خطى دي ليخت ومزراوي| مانشستر يونايتد يحاصر ثلاثي بايرن ميونخ    ضبط سلع منتهية الصلاحية ومجهولة المصدر في حملات تموينية بالإسكندرية    إصابة 6 أشخاص انهيار عقار بالشيخ زايد    عمرو مصطفى: مش هتغير علشان حد والصدق سر موهبتي    مكتبة الإسكندرية تستضيف المعرض الفني الدولي «قصة مدينتين: أثينا والإسكندرية»    الليلة.. حفل فؤاد زبادي ومحمد محسن بمهرجان الموسيقى العربية    حكم قراءة سورة الفاتحة بنية شفاء المرضى وقضاء الحاجات    «بداية».. قافلة طبية للكشف على أمراض العيون ببنها    محافظ الأقصر: إنشاء وتطوير وتجديد مراكز شباب وملاعب    أيمن يونس: حسام حسن يتعرض للاضطهاد    «أوراسكوم للتنمية» توقع اتفاقية تمويل ب155 مليون دولار (تفاصيل)    لجنة برلمانية توافق نهائيا على مشروع قانون إنشاء المجلس الوطني للتعليم    «قومي المرأة» يشيد بمبادرة وزارة الداخلية لخدمة ذوي الإعاقة البصرية    تأجيل محاكمة 46 متهما بخلية العجوزة    الهند توقع عقد شراء 31 طائرة مسيرة من الولايات المتحدة    بث مباشر | الرئيس السيسي يستقبل ولي العهد السعودي بمطار القاهرة    نعيم قاسم يؤكد قوة حزب الله رغم الضربات القاسية.. ويوجه رسالة لإسرائيل    مغامرة جديدة ل أحمد خالد صالح مع «الفستان الأبيض» بمهرجان الجونة السينمائي    معتصمون فى طولكرم يطالبون بوقف عمليات القمع بحق المعتقلين    «توفنا وأنت راضٍ عنا».. آخر منشورات الطالبة «هاجر» ضحية حادث أتوبيس جامعة الجلالة    محافظ القاهرة يتفقد قرية الفواخير استعدادًا للمنتدى الحضرى العالمي «WUF12»    حملة «100 يوم صحة» قدمت أكثر من 118 مليون خدمة مجانية خلال 75 يوما    الصحة العالمية: أكثر من 92 ألف طفل في غزة تلقوا الجرعة الثانية من لقاح شلل الأطفال    العويران: أنا زملكاوي وسأقيم مباراة اعتزالي ضد الزمالك    كما كشف في الجول - الجونة يتعاقد مع عصام صبحي    ترشيح لحسام البدري لتدريب شباب بلوزداد الجزائري    الخميس.. الثقافة تطلق مهرجان أسوان احتفالًا بتعامد الشمس بمعبد "أبو سمبل"    إبراهيم نجم: دار الإفتاء المصرية لها دورها الريادي في نشر الفكر الوسطي ومواجهة التطرف الديني    عاجل.. السويد تفتح تحقيقا في قضية مبابي    الصين تدعو لمنع المزيد من تصعيد التوترات في شبه الجزيرة الكورية    أبو الغيط يرد بالأدلة على المشككين في نصر أكتوبر -فيديو    طب الأسنان بقناة السويس تحتفل بحصولها على الاعتماد للمرة الثانية    تفسير حلم البكاء - اعرف السر وراء ذلك    انطلاق فعاليات مبادرة الكشف المبكر عن أمراض سوء التغذية بمدارس سوهاج    6 أسباب تجعلك تستيقظ من النوم جائعًا    محافظ القليوبية: تقديم تسهيلات للمواطنين الجادين في طلبات تقنين أوضاعهم    محافظ مطروح يتابع نتائج أعمال القوافل الطبية المجانية    ‫وزير الرى: مصر حريصة على التعاون مع كافة دول أفريقيا لخدمة قضايا المياه    تفاصيل استخراج رخصه بناء جديدة والأدوار المسموح بها    فاروق جعفر: الزمالك لم يستفيد من الصفقات الجديدة.. وهذه رسالتي إلى حسين لبيب    رئيس الوزراء يؤكد على سرعة الانتهاء من مشروعات المياه والصرف الصحي    رئيس جامعة القاهرة يوجه بتكثيف اللقاءات الفكرية بين الطلاب وكبار المفكرين والعلماء والإعلاميين    دفاع المتهمين بفبركة سحر مؤمن زكريا يطلب استبعاد تهمتى النصب والابتزاز    "لا يسخر قوم من قوم".. تعظيم حرمة الإنسان وعدم التنمر موضوع خطبة الجمعة    وزير الأوقاف السابق يدعو إلى وقف العدوان على غزة ولبنان    تحرير 1138 مخالفة تموينية متنوعة بالفيوم خلال أسبوعين    الصحة الفلسطينية: ارتفاع عدد ضحايا الاحتلال بغزة إلى 42344 شهيدا و99013 مصابا    عيد حصاد التمور والزيتون في سيوة.. أفراح ببدء موسم الخير والتصدير وحفلات الزواج (صور)    «بجبر بخاطر المشاهدين».. أقوال صادمة للزوجة المسحولة بسبب فيديوهات تيك توك    فاعليات اليوم السابع لمهرجان نقابة المهن التمثيلية للمسرح    حار نهاراً ومعتدل الحرارة ليلًا.. حالة الطقس اليوم    حاول التحلي بالمرونة حتى لا تصاب بالإرهاق الذهني.. برج الحمل اليوم 15 أكتوبر    اليوم.. محاكمة المتهمين في واقعة فبركة سحر مؤمن زكريا    داعية إسلامية: "مش بحب الأكل ده" يعتبر كفران بالنعم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحزام والطريق.. رؤية الصين الاستراتيجية للعالم
نشر في الأهرام اليومي يوم 07 - 04 - 2019

على مدى سنوات طويلة، اجتذبت الصين اهتمام السياسيين والباحثين من كل ارجاء العالم. ففى عام 1979، بدأت سياسة التحديثات الاربعة التى تطورت لتخلق تجربة تنموية فريدة نقلت الصين من دولة نامية الى دولة كبرى يشغل اقتصادها المرتبة الثانية عالميا بعد امريكا. جاء صعود الصين شاملا جميع مجالات النشاط الاقتصادى وأدى الى تغيير توزيع مصادر القوة فى العالم، وانتقالها تدريجيا من الغرب الى الشرق. وبحكم العلاقة الوثيقة بين الاقتصاد والسياسة فقد ادى التقدم الاقتصادى الى نمو تطلعات الصين السياسية والاستراتيجية والى بلورة تصورها لبيئتها الاقليمية والعالمية التى تمثلت فى اعلان الرئيس الصينى فى 2013 عن مبادرة الحزام والطريق و هى خطة طموح لتطوير البنية التحتية التى تسهل الاتصال مع دول العالم من اجل زيادة التجارة و الاستثمار.
اهتمت الجامعات ومراكز البحوث المصرية بالمبادرة، وآثارها على المنطقة العربية والشرق الاوسط وموقع مصر فيها. وكان من احدث مظاهر هذا الاهتمام الندوة التى عقدتها الجامعة البريطانية بالقاهرة يوم 17 مارس الماضى، والتى شارك فيها ممثلون عن الوزارات والمؤسسات الحكومية ذات الصلة بالموضوع وعدد من الباحثين المصريين وثلاثة من الاكاديميين الصينيين الذين حضروا الى مصر بدعوة من الجامعة للمشاركة فى الندوة، ودارت مناقشات غنية وثرية، اثارت الكثير من الاسئلة والاجتهادات كان محورها من الجانب الصينى شرح مزايا المبادرة وفوائدها، ومن الجانب المصرى تقدير مدى انخراط مصر فى المبادرة وتعظيم الاستفادة منها. واشار الباحثون الصينيون إلى ان المبادرة تعبر عن رؤية بلادهم للعالم والعولمة، وانها مبادرة عابرة للقارات تركز على آسيا واوروبا وافريقيا وتمتد عوائدها لتشمل كل العالم، فهى تنطلق من الصين للعالم. وانها ترتكز الى عدة اسس ابرزها التنمية السلمية, والبناء المشترك, والفوز المشترك، وتقوم على احترام النظم السياسية لكل بلد وعدم التدخل فى شئونه الداخلية، واحترام التنوع الثقافى والحضاري. ومع ان المظهر الرئيسى للمبادرة اقتصادى وتجارى حيث انها تركز على بناء وتطوير البنية التحتية اللازمة للتنمية وتيسير التبادل التجارى من شبكات طرق وسكة حديد وموانئ ومناطق حرة وانابيب نفط وغاز وخطوط نقل الانترنت عبر القارات والمحيطات، فإن لها تداعياتها السياسية والاستراتيجية، فهى تقدم نموذجا تنمويا مختلفا عن العولمة الرأسمالية المتوحشة التى ادت الى ازدياد الهوة بين الدول الغنية والدول الفقيرة، وبين الاثرياء والفقراء فى داخل كل دولة. لذلك يؤكد الصينيون ان المبادرة تسعى لتحقيق الخير ليس فقط للصين وانما لكل الدول المنخرطة فيها. كان هناك اتفاق بين المشاركين المصريين على ان المبادرة صدرت عن دولة صديقة قوية وموثوق بها، وان هناك علاقات وثيقة تربطها بنا، فمصر أول دولة عربية وافريقية اعترفت بجمهورية الصين الشعبية فى 1956، وصولا الى إبرام اتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين فى 2014 فى أول زيارة للرئيس السيسى للصين التى أعقبتها أربع زيارات أُخرى بمعدل زيارة سنويًا. وانه خلافا لقواعد التعامل مع هيئات التمويل الغربية التى ترتبط عادة بمشروطيات اقتصادية وسياسية، فإن المبادرة تقوم على التكافؤ بين الاطراف، وانها تسعى لتحقيق التوزيع العادل لعوائدها, وانها ليست موجهة ضد دولة او تجمع، وتحظى بتأييد عالمى واسع تمثل فى اصدار الجمعية العامة للأمم المتحدة اكثر من قرار لدعمها. وهناك التقدير الصينى للحضارة الفرعونية فى مصر القديمة، واعتبارها احد الروافد الكبرى لتاريخ العالم. افصحت مناقشات الندوة عن انه قد آن الاوان لتجاوز الحديث عن معنى المبادرة وبرامجها ومزاياها الى مناقشة ماذا تحقق من المبادرة واين نحن منها, وكيفية تعامل دول اقليمية اخرى معها؟، وعلى سبيل المثال : فقد تم مد خط سكة حديد من الصين عبر كازاخستان وتركمانستان الى ايران، وترتب على ذلك اختصار المدة اللازمة لنقل السلع من شنغهاى الى بندر عباس من 45 الى 14 يوما. وفى اسرائيل، تقوم شركات صينية بتطوير ميناء اشدود الجديد والمقرر الانتهاء منه فى 2021، وابرمت شركة اخرى اتفاقا لإدارة ميناء حيفا لمدة 25 سنة. وفى باكستان، تقوم الصين بتطوير ميناء جوادر بعد ان استأجرته لمدة 43 سنة. والتعاون السعودى مع الصين فى إطار المبادرة والذى كانت أولى مشروعاته فى مدينة «جازان» فى جنوب غربى المملكة التى تصل استثماراتها 3 بلايين دولار بنهاية هذا العام. ثُم زيارة ولى العهد السعودى للصين فى فبراير الماضى التى اعطت زخما لهذا التعاون. ودولة الامارات التى تعتبر المنفذ لنحو 60% من الصادرات الصينية لمنطقة الشرق الأوسط.
نحتاج اذن الى معرفة موقع مصر على خريطة او شبكة تفاعلات المبادرة وتحديد دقيق للأولويات المصرية فى هذا الشأن بما يعظم الاستفادة من الفرص التى تتيحها المبادرة ، وعدم الاكتفاء بالتعامل مع ما يتم عرضه علينا. طرحت مناقشات الندوة اكثر من اولوية منها: محور اقليم قناة السويس الذى يتضمن اقامة المناطق الصناعية واللوجستية، والمعبر المائى الذى ييسر وصول المنتجات الصينية الى اوروبا، ومنها ان تكون مصر بوابة الصين التجارية الى افريقيا والمساهمة فى تطوير شبكات الطرق البرية والحديدية الرئيسية فى القارة، ومن ابرزها طريق القاهرة - الكيب تاون. ومنها اولوية السياحة الصينية فى ضوء ازدياد عدد السياح الصينيين فى العالم عاما بعد عام، والذين وصل عددهم الى 400 ألف سائح فى مصر فى العام الماضى.
وبالطبع فإن كل اولوية لها تباعاتها ومتطلباتها التى علينا ان نتحملها، ابرزها بالتأكيد التنسيق بين جميع الاجهزة الحكومية وغير الحكومية كالبنوك والغرف التجارية والصناعية وجمعيات المستثمرين لتحديد الاولويات وان يتم هذا التنسيق بشكل مؤسسى ومستمر. و تيسير الاجراءات المرتبطة بالاستثمار وإتاحة الخدمات بمستوى متميز وتنافسى، والارتقاء بنظم التدريب وبناء المهارات، ونشر تعليم اللغة الصينية لتخريج الاعداد اللازمة من المترجمين والمرشدين السياحيين، وتعريف الرأى العام بالقواسم الحضارية والثقافية المشتركة بين مصر والصين، ودعم الهيئات البحثية المصرية المهتمة بالصين وتوثيق العلاقات بينها ونظائرها فى الصين. والخلاصة ان مبادرة الحزام و الطريق هى فرصة استراتيجية كبرى لمصر وعلى مختلف الاجهزة الحكومية وغير الحكومية ان تسعى لتحقيق اكبر استفادة منها.
لمزيد من مقالات د. على الدين هلال


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.