لسنوات طويلة ومع انتشار العشوائيات حول القاهرة وما يصاحبها من مظاهر غير حضارية كانتشار التلوث والضوضاء وانهيار الخدمات تحت وطأة الزحام، كانت هناك بعض الأحياء القليلة التى ما زالت تحتفظ بالحد الأدنى من الجمال والحد الأدنى من التحضر كى تكون عنوانا لأكبر عاصمة بإفريقيا والشرق الأوسط. ومع تدهور الحال بمناطق مثل الزمالك وجاردن سيتى والمهندسين والمعادى وغيرها نشأت أحياء جديدة مثل التجمع الخامس والشيخ زايد و6 اكتوبر، وهى مناطق تتميز بالهدوء وبالنظافة وتحظى بالرعاية الجيدة والصيانة للمرافق وغيرها من الخدمات ولكن للأسف الشديد لم تسلم هذه المناطق من معاول الهدم ومحاولات تشويهها، وكأنه ليس من المفترض ان يكون بالقاهرة اماكن هادئة ونظيفة وجميلة وآمنة من محاولات التعدى عليها، وآخر الجرائم البيئية التى تستهدف المناطق الحضرية الراقية فى القاهرة ما تتعرض له منطقة الشيخ زايد من أحد كبار المستثمرين الذى أعلن عن مخططه لإقامة مشروع لأبراج سكنية فى الحى الهادئ الذى طالما تميز بالهدوء والنظافة، هو مشروع سيغتال كل مظاهر الرقى فى المنطقة ويسمح بتجاوز الشروط العمرانية وارتفاعات المبانى ويحمل المرافق فوق طاقتها ويفتح الباب أمام المقاولين الراغبين فى الثراء السريع لهدم الفيلات السكنية المتميزة والعمارات الصغيرة لإقامة أبراج متعددة الاستخدامات، وهو ما حدث فى مدن بطول مصر وعرضها وقضى على تراث معمارى غنى. ويبدو اننا غير جادين فى الالتزام بأى قواعد ثابتة للتنمية العمرانية لفترة طويلة من الزمن، فالمال هو السيد، وأمام سطوته تتغير الاتجاهات وتتبدل المصالح والمواقف، ولا أعلم لماذا اختار السيد المستثمر منطقة مميزة لإقامة مشروعه وحولها من الأراضى المهملة إلى ما هو أحق بجهوده. لمزيد من مقالات فوزى عبد الحليم