إذا كان الواقع الراهن الذى نعيشه مليئا بالمصاعب ومتخما بالتحديات ولا يرضى آمالنا وطموحاتنا المشروعة فإن معالجة ذلك لا تتم بإغلاق أبواب الحلم المشروع فى المستقبل أو بالهروب فى اتجاهات أخرى مجهولة من نوع ما تروج قوى الشر والظلام الكارهة لمصر. إننا نخطئ خطأ بالغا لو أننا استسلمنا لدعاوى اليأس والإحباط بتغييب الأسباب الموجودة لدينا والتى تشجع على مزيد من الحلم ومزيد من الأمل فليس أخطر على أى وطن من التوقف عن الحلم وبالتالى الاستسلام لبديل آخر اسمه الكابوس فالذين لا يحلمون أحلاما جميلة يقعون تلقائيا ضحايا الكوابيس المزعجة. إن الحلم مرادف متجذر فى الشخصية المصرية التى صنعت أعظم الحضارات منذ فجر التاريخ ولكننا للأسف الشديد جاءت علينا فترات من الغفلة فاكتفينا بترجمة أحلامنا إلى أغنيات وشعارات ثم اكتشفنا مع أول صحوة من سنوات الغفلة أن الذين بدأوا الحلم بعدنا بسنوات قد أنجزوا ما حلمنا به بينما نحن لم نقف فقط «محلك سر» وإنما تأخرنا وتقهقرنا بسبب استسلامنا لفقه الجمود والتخلف الذى انتشر فى بلادنا مرتديا عباءة الدين تحت ضغط الترغيب والترهيب من جماعات الفكر المتطرف والتى نشأت وترعرعت فى أحضان أجهزة الاستخبارات العالمية لبذر بذور الفرقة والانقسام وحرمان الوطن من الاجتماع على قلب رجل واحد يمكن أن يحمل مشروعا نهضويا نجارى به كل تقدم يحققه الآخرون. وعذرا إذا كان ما أقوله صعب ومؤلما وله مرارة العلقم فى الحلوق ولكن تلك هى الحقيقة التى ينبغى أن نصارح أنفسنا بها فى إطار من الفهم بأن المراجعة وحساب الذات شيء بينما إجهاض فكرة الحلم والاستسلام لكوابيس اليأس شىء آخر لا نستطيع احتماله. ولعل ما أنجزناه بسرعة تصحيح المسار فى ثورة 30 يونيو والقدرة على وقف مسيرة التقهقر والاندثار التى أراد أهل الشر أن يدفعونا باتجاهها يمثل بارقة أمل لاستعادة صحة اليقين بأن زمن الحلم المصرى لم ينته بعد وكفى ما أضعناه فى السنوات العجاف! مصر مع الحلم قادرة بعون الله على أن تغير هذا الواقع الصعب لأن هذا الواقع أمر مؤقت ولا يمكن له أن يدوم إلى ما لا نهاية! خير الكلام: لولا زقزقة العصافير لأصبحنا أسرى لنقيق الضفادع! [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله