في عام 2003, بعد غزو الولاياتالمتحدة وحليفتها بريطانيا العراق بدعوي وجود أسلحة دمار شامل لدي صدام حسين, طالب الأسقف ديزموند توتو كبير أساقفة جنوب افريقيا. توني بلير رئيس الوزراء البريطاني في ذلك الحين بالاعتذار عن هذا الخطأ بعد أن تبين كذبه قائلا إنه لشئ رائع لو أن السياسيين استطاعوا أن يتقبلوا أنهم مجرد مخلوقات آدمية غير معصومة من الخطأ وليست آلهة, وبالتالي فيمكن أن يخطئوا.. ولكن يبدو أنهم يظنون أن مثل هذا الاعتراف هو دليل الضعف, وحسب تعبيره, فإن فقط الأشخاص الضعفاء الذين لا يشعرون بالأمان هم الذين يصعب عليهم الاعتذار. وأضاف توتو الحائز علي جائزة نوبل للسلام عام1984 لجهوده في مكافحة التمييز العنصري في بلاده, أن الرئيس بوش ورئيس الوزراء توني بلير سوف يستعيدان مصداقيتهما واحترامها لو استطاعا القول نعم لقد ارتكبنا خطأ. ومنذ عدة أيام كتب الأسقف الجنوب افريقي مقالا في صحيفة الأوبزرفر البريطانية, دعا فيه إلي محاكمة الرئيس الأمريكي بوش ورئيس الوزراء الأسبق توني بلير أمام المحكمة الجنائية الدولية في لاهاي بسبب الحرب علي العراق, متهما كليهما بالكذب بشأن أسلحة الدمار الشامل, وقيامهما بهذا الغزو فقط من أجل التخلص من صدام حسين, وادانتهما بالتدمير المادي والأخلاقي الذي أحدثته هذه الحرب التي جعلت العالم أقل استقرارا وأكثر انقساما من أي نزاع آخر في التاريخ حيث قتل أكثر من مائة وعشرة آلاف عراقي منذ الغزو, وشتت الملايين منهم, بالإضافة إلي مقتل نحو أربعة آلاف وخمسمائة جندي أمريكي حتي نهاية العام الماضي, وجرح أكثر من 32 ألفا آخرين. وتساءل توتو عما إذا كانت الاعتداءات الإرهابية قد تناقصت منذ ذلك الحين؟ وهل نجحنا في التقريب بين العالم الاسلامي والمسيحي واليهودي؟ وهو ما لم يحدث. وبناء عليه اتخذ القس قراره بالانسحاب من مؤتمر دولي يعقد في جنوب افريقيا لرفضه مشاركة توني بلير منصة المؤتمر, والذي يشغل حاليا منصب مبعوث اللجنة الرباعية لعملية السلام في الشرق الأوسط. حقيقة.. الرجال مواقف.. فمن من الزعماء العرب اتخذ مثل هذا الموقف بعد انكشاف أكذوبة الحرب علي العراق؟!. [email protected] المزيد من أعمدة مها النحاس