تعتبر العملية الامتحانية والتقويم الطلابى من اهم مكونات نظم التعليم وبناء المناهج الدراسية حول العالم، ذلك ان الهدف من اَى برنامج دراسى او تعليمى هو اكتساب الطلاب لحزمة من المعارف والمهارات والسجايا السلوكية والوجدانية، وهو ما يستوجب التأكد من اكتساب الطلاب لمخرجات التعلم هذه بنهاية برنامجهم التعليمى او الدراسى من عدمه، وهو ما يعرف بعملية التقويم الطلابي، وهى عملية يجب ان تتوفر لها كل معايير العدالة وتكافؤ الفرص كونها ترسم صورة للمجتمع عن كل خريج ومن ثم تؤثر على فرص التوظيف والحصول على فرص العمل بكل ما يكتنفها من منافسات شرسة، لذلك استقر التوجه العالمى للجهات والمؤسسات التعليمية والتربوية حول العالم على عدد من المعايير العالمية للتقويم الطلابي. فوفق مستند خرج عن كمبريدج، كانت خلاصته الأهم ان التقويم الطلابى لابد ان تتوفر له وان يحقق الخصائص التالية لكى يكون متوافقا مع المعايير العالمية للتعليم: - الصلاحية اَى ان الامتحان يقيس فعلا ما هو مطلوب قياسه وفق المنهج المحدد، وألا يحتاج الطالب لمعلومات لم يدرسها فى المنهج الذى يمتحن فيه، فعلى سبيل المثال اذا كان الامتحان متعلقا بمادة الرياضيات فلا يجوز ان تختبر معلومات/مهارات الطالب الموسيقية او الجغرافية او التاريخية والعكس صحيح، وتعنى صلاحية الامتحان ايضا أن النتائج التى يعكسها وما يترتب عليها كالتحاق الطلاب بالجامعات من عدمه وفق درجاتهم (كفاءتهم التحصيلية) تكون صحيحة فى أرض الواقع، وهو ما يقاس بتتبع مدى نجاح هؤلاء الطلاب من عدمه فى دراستهم الجامعية بعد التحاقهم بها وفق درجاتهم العالية. - الموثوقية اَى أن الامتحان يعطى ذات النتائج للطلاب اذا ما صححه مصححون مختلفون، او ان الطالب يحصل على ذات النتيجة اذا ما دخل نسخة متكافئة اخرى من ذات الامتحان، وهنا يجب الإشارة للصراع بين معيارى الصلاحية والموثوقية فى مواصفات التقويم الطلابي، فقد تحقق الامتحانات المبنية على الاختيار من متعدد درجة عالية من الموثوقية، لكنها قد لا تحقق درجة عالية من الصلاحية لأنها لا تقيم قدرة الطالب على تقديم البراهين فى إجاباته، او انها لا تعكس قدرة الطالب على التعبير، وعلى الطرف الاخر قد تتمتع الاختبارات المقالية بدرجة عالية من الصلاحية من ناحية المواصفات، لكنها قد لا تتوفر لها ذات الدرجة من الموثوقية لأنها تعتمد على حكم المصحح على الاجابة، والتى قد تختلف من مصحح لآخر. - العدالة والإنصاف بما يضمن البندين 1 و 2 أعلاه، وأيضا يضمن تكافؤ الفرص بذات الدرجة لكل الممتحنين بمن فيهم من ذوى الاحتياجات الخاصة السمعية او البصرية. تنقسم انواع العمليات التقويمية للطلاب الامتحانات الى نوعين أساسيين، الاول هو الامتحان الذى يدخله الطالب بدون اَى كتب او مواد دراسية (النظام التقليدي)، وهو عادة امتحان محدد الزمن والمدة والمكان سلفا، اما الثانى فهو الامتحان الذى يسمح فيه للطالب بالاستعانة بالكتب والمواد الدراسية اثناء تأدية الامتحان، وهو امتحان قد يكون محدد الزمن والمدة والمكان او لا يكون، وقد يكون كلا الامتحانين ورقيا او إلكترونياً، وبغض النظر عن كون الامتحان بالكتب او بدونها او ورقى او الكتروني، فلا مناص من الالتزام بالمعايير السابقة. فى دراسات اجريت فى جامعة اديث كوان بغرب استراليا عام 2004، وفى الجامعة الوطنية بسنغافورة عام 2014، وفى جامعة ريرسون بكندا عام 2017، تم استخلاص عدة محددات لكل من النظامين التقويميين المشار إليهما أعلاه لكى يكونا متوافقين مع المعايير العالمية للتقويم الطلابي، ولكل منهما مزاياه النسبية وعيوبه أيضا واهم مزايا نظام الامتحان الذى يسمح للطالب بحمل كتبه معه (وهى عيوب للنظام التقليدي) هى ان الاختبار يقيس المهارات المبنية على التفكير والتحليل اكثر بكثير مما يقيس المعارف المبنية على القدرة على الحفظ والاسترجاع. اما عن عيوب نظام امتحان الكتاب المفتوح فهى ان الطالب قد ينشغل بما حمله من كتب والبحث فيها عن زمن الامتحان المحدد للإجابة، كما ان دخول الطالب بالكتب للامتحان قد يولد لديه انطباعا بسهولة العملية التعليمية وبالتالى تفتر عزيمته وقد يفقد حماسه للمذاكرة والتحصيل، فضلا عن ان الطالب قد يجد صعوبة كبيرة وتشتت فى تحديد اَى الكتب والمواد الدراسية التى عليه ان يحملها معه للامتحان، وقد لا تكون كل الكتب وكل المواد متوفرة لكل الطلاب بذات الدرجة، كما ان الطلاب يحتاجون للتدريب طويلا على كيفية ادارة هذا النوع من الامتحانات، فضلا عن القيود التى يفرضها الامتحان المفتوح على نوعية الأسئلة. إحدى الدراسات تحدثت عن الصعوبات التقنية التى قد تعترض الامتحانات الإلكترونية بنظام الكتاب المفتوح مثل ثبات الاتصال بشبكة الانترنت او توافر الخدمة، لكنها صعوبات يمكن التعامل معها بمرور الوقت. دراسة اخرى تحدثت عن صعوبة الجمع بين كون الامتحان بالكتاب المفتوح ومحدد زمن الاجابة فى ذات الوقت، لان ذلك قد يتعارض مع مبدأ تكافؤ الفرص كون مهارات الطلاب فى التعامل مع الكتب المصاحبة لهم قد تختلف من طالب لآخر، ومن نوعية كتب ومواد دراسية لأخري، كما تتحدث الدراسة عن صعوبة التحكم فى اداء العملية الامتحانية سواء للطلاب او لمن يديرها ويراقبها، وقد خلصت إحدى اهم الدراسات فى هذا المجال (جامعة اديث كوان بغرب استراليا 2004) الى استنتاج مفاده ان درجات عينة من الطلاب فى امتحان عقد وفق النظامين بالكتاب المفتوح والكتاب المغلق لم تختلف كثيرا فى كليهما مع ثبات العوامل الآخري، وهو ما يثير تساؤلات مشروعة عما اذا كانت هناك مزايا حقيقية لنظام الامتحان بالكتاب المفتوح مقارنة بالنظام التقليدى من عدمها، والإجابة بالطبع واضحة فى أن غالبية دول العالم إن لم تكن كلها لا تزال تعتمد على الامتحان التقليدى ذى الكتاب المغلق وخاصة فى مرحلة التعليم قبل الجامعي.
أستاذ الهندسة الميكانيكية- جامعة حلوان لمزيد من مقالات ◀ د. أحمد الجيوشى