نوعية من الجرائم الغريبة بدأت تظهر بصورة مزعجة داخل المجتمع المصرى تجعلنا نتساءل ماذا حدث للمصريين ليقوموا بارتكاب مثل هذه الجرائم داخل الاسرة الواحدة وداخل المنزل الواحد الذى كان يجمعهم فيما مضى فأصبح يفرقهم الآن وفى النهاية بعضهم يذهب إلى المقابر والآخر إلى السجن. وهذا ماحدث بكل تفاصيله البشعة خلال الايام الماضية، ففى مركز البدارى بأسيوط قامت سيدة بذبح طفليها بدافع مرضها النفسي، وفى كفر الشيخ قام طبيب بذبح أطفاله الثلاثة وزوجته الطبيبة، وفى الهرم قام شقيقان بقتل والدهما، وفى كل الجرائم السابقة قامت الشرطة بدورها بالقبض على المتهمين. ولكن تظل هذه الجرائم ناقوس خطر لكل فئات المجتمع كبيره وصغيره عندما يحدث ذلك داخل الأسرة الواحدة التى من المفروض أنها السكن والأمان لكل منا. فما هى الأسباب والدوافع التى تبرر لأى شخص قتل أبنائه؟ وأيا كانت الاسباب التى يعترف بها القاتل خلال التحقيقات فإنها غالبا لا تكون هى الدوافع الصحيحة، فالبعض يبرر فعلته دفاعا عن الشرف، وآخر يبررها بالخوف من المستقبل المجهول، لكن الحقيقة المؤكدة أن الغياب الكامل للتربية ونقص مستوى التعليم هو ما دفع هؤلاء الأشخاص لارتكاب تلك الجرائم، ولو تعمقنا بحثا فى أصل النشأة والتربية الأولى لكل منهم لوجدنا فى معظم الحالات أنه لم يتلق التربية السليمة داخل أسرته.. وإذا كان البعض الآخر من المتهمين فى هذه الجرائم قد حصل على قدر من التعليم كالطبيب الذى قتل أطفاله فإنه قد يكون فعلا تعلم الطب لكنه يقينا لم يتلق ويتعلم فنون الحياة والتربية الصحيحة وهو ما دفعه فى النهاية إلى القتل بسبب الاختلال النفسى والقيمي. وقد أسهمت وسائل التواصل الاجتماعى من خلال التكنولوجيا الحديثة إلى زيادة التفكك والتباعد الاسرى وقضت على التجمعات العائلية وأصابت الحياة الاسرية بالبرود والعزلة وأحيانا كثيرة بالصمت، فقد أصبح الجميع موجودا جسديا داخل منزل واحد لكنه فى عزلة تامة عن كل من هو موجود معه بنفس المنزل فغاب توجيه الأب بالتربية الدينية الصحيحة وإعطاء المثل والقدوة وغابت رقابة الأم عن الاسرة فلم تعد تعلم مع من يتحدث أو تتحدث ابنتها، والنتيجة الحتمية هى ضياع مؤكد لكل أفراد تلك الأسرة التى أصابها سرطان قاتل لم ينتبه له أحد. وأصبح السؤال الوحيد للمراقب لتلك الأسر هو: متى تحين النهاية الدرامية لكل فرد فيها. الأسرة المصرية الآن تهتم بالتعليم الأجنبى وتعلم اللغات لأطفالها أكثر من تعليم مبادئ الدين والتربية الصحيحة وزرع الضمير الحى والقيم الأخلاقية داخل هؤلاء الأطفال. فهل تقوم مراكز الابحاث بسرعة دراسة هذه الظواهر وأسبابها ووضع برامج تربية وتعليم تبعدنا عن المصير المجهول؟ لمزيد من مقالات محمد شومان