فى يناير الذى نوشك على توديعه تتوالى التهانى والأمنيات فى الحلقة الفاصلة بين ماض من الزمان.. وآت. وهذا تحصيل حاصل أن تتمنى مصر الخير لأبنائها ولقد وقفت وتقف بجوارهم وأشقائهم العرب وإخوانهم الأفارقة عبر مراحل التاريخ. والمصريون يعرفون هذا جيدا ولذلك يتفانون فى حبها ومن أجلها.. ولذلك لم يكن غريبا أن يكون (المصري) هو بطل السنوات السابقة بما فيها من متغيرات وتطورات صعبة، الأمر الذى يدل على أن الشخصية المصرية لاتزال فى مجملها صلبة وقادرة وواعية على أن ثقتنا فى هذه الشخصية ينبغى ألا تجعلنا نتركها نهبا للغزو الثقافى والفكرى والحروب النفسية خاصة بعد التقدم التقنى فى وسائل الاتصالات وهنا تبرز قضية الإعلام والثقافة ودورها فى ترسيم البناء الإنسانى وتصحيح المفاهيم. ولكن لشديد الأسف فإن هذا الدور ينكمش ويضمر وهذا ما نلاحظه فى تراجع الإنتاج الثقافى الفنى الإبداعى وأيضا الإعلامى وعلى سبيل المثال، فإننا نترك الشائعات عبر الفضائيات والرقميات ولا نكذبها إلا بعد أن تكون قد وصلت إلى آخر الدنيا.. ومثلا فإننا نتجاهل المناسبات المهمة فى حياتنا ومنها ثورة 1919 التى تحل مئويتها فى مارس المقبل وكان ضروريا أن نستعد لهذه المئوية منذ شهور لأن تلك الثورة لم تكن محلية فقط وإنما كانت عربية إفريقية شرقية، جاء اليها مثلا الزعيمان الهنديان غاندى ونهرو والتقيا مع سعد زغلول وتعلما كيف تكون مقاومة المستعمر سلميا كما كانت للثورة صلاتها بقيادات عربية جاءت إلى القاهرة وأيضا إفريقية وآسيوية فضلا عن صلاتها مع أوروبا ولو كانت هذه الذكرى فى بلد آخر لكانت قد فعلت العجب من أجل الترويج السياسى والاقتصادى والسياحى أما نحن فيبدو أننا نتلذذ بتعذيب أنفسنا إذ نتذكر ونفكر ونحزن دون تنفيذ. وأعود إلى دور الثقافة والإعلام وأشير إلى أنه سيفتتح بعد أسبوع معرض القاهرة الدولى للكتاب والمدهش انه لم تسبقه أى استعدادات لهذه الاحتفالية مع انه هذه المرة سيحتفل بيوبيله الذهبى ومع انه فيما سبق كانت له لجنة إستشارية عليا كان لى شرف عضويتها وهى تضم شخصيات مهمة مثل الدكاترة والأساتذة: أسامة الباز محمود أمين العالم فاطمة موسى - لطفى الخولى - فاروق خورشيد رفعت السعيد جابر عصفور.. وآخرين وكانت مهمة اللجنة تحديد القضايا التى سيناقشها المعرض والمفكرون والمثقفون المدعوون للمشاركة من مصر وخارجها وتنظيم الندوات والمؤتمرات وإذا كان لى أن أقترح فالفرصة لاتزال ممكنة وإن كانت تحتاج إلى جهد، فإننى أقترح أن تكون القضية الرئيسية التى يناقشها المعرض هي: دور الإعلام والثقافة فى مواجهة معركتى الإرهاب والتنمية والتقدم. لمزيد من مقالات محمود مراد