من جديد عاد الحديث عن الجسر البري الذي يربط بين مصر والمملكة العربية السعودية ذلك المشروع الذي يعد حلما عربيا طال انتظاره لكنه ما إن تقترب منه حتي نفاجأ بانقطاع الحديث عنه ودخول اوراقه الي الادراج من جديد. تردد أن الدكتور محمد مرسي رئيس الجمهورية عندما زار السعودية أخيرا تناول هذا المشروع مع العاهل السعودي واتفقا علي تنفيذه, فهل آن الآوان لتحقيق هذا الحلم أم أن هذه المرة مثل المرات السابقة؟ وهناك اسئلة كثيرة تتردد عن هذا المشروع الذي طال انتظاره منها: ما هي المعوقات التي جعلت النظام السابق يرفض تنفيذ هذا المشروع. وهل مازالت هذه العقبات موجودة؟ الدكتور عماد الدين نبيل( استاذ هندسة الطرق) سيعد من اكثر الخبراء دراية بمشروع الجسر البري وشارك في دراسات عنه داخل جمعية الطرق العربية مع الراحل اللواء فؤاد عبد العزيز رئيس الجمعية وعن المشروع يقول: الجسر البري تم عمل دراسات كاملة عنه منذ عام1988وكان يطلق عليه جسر الحلم العربي لانه سيربط بين اكبر دولتين في المنطقة العربية وهما مصر والسعودية حيث يربط مدخل خليج العقبة بجوار مدينة شرم الشيخ مرورا بمدينة بتبوك بالسعودية عند منطقة راس حمير ومضيق تيران بطول05 كيلو مترا. بينما طول الجسر نفسه يبلغ23كيلو مترا وقد سمي بالكوبري المعلق لوجود وصلة معلقة دون اعمدة يبلغ طولها ثلاثة كيلو مترات. وتصميم الجسر أو الكوبري يجعله اعلي من منسوب المياه في قناة السويس بمسافة56 مترا مما يسمح بالبواخر والسفن العابرة بالمرور في القناة دون تاثير للجسر عليها. ويضف الدكتور عماد: يبلغ إجمالي الطرق البرية الموصلة اليه27 كيلو مترا ويمر بجزيرة تيران ورأس حمير وكان من المقرر وضع حجر اساسه عام2006وللاسف لم يتم هذا ومع ذلك تبنت جمعية الطرق العربية هذا المشروع نظرا لاهميته حيث ان الجسر ليس جديدا في المنطقة العربية فهناك جسور مماثلة مثل الجسر الذي يربط الدمام في السعودية بالبحرين وطوله23كيلو مترا, اذن التجارب موجودة وبعضها أسهم في تدعيم التبادل التجاري والسياحي والاقتصادي بين الدولتين ونواه للسوق العربية المشتركة. واشار الدكتور عماد الدين نبيل ان خمس هيئات وجهات استشارية قامت بعمل دراسات تفصيلية للجسر ومساره وتكلفته بدقة منها مكاتب استشارات امريكية ويابانية ودنماركية وكل هذه الملفات موجودة لدي مكتب وزير النقل بالهيئة العامة للطرق والكباري وتمت مناقشتها من خلال لجنة النقل بالبرلمان قبل قيام ثورة25 يناير وبعد الثورة خلال المرحلة الانتقالية. نظام حق الانتفاع يحل مشكلة التمويل وعن تكلفة المشروع اكد الدكتور نبيل انه وفقا للدراسات سوف تبلغ تكلفة الجسر ثلاثة مليار دولار وهو مبلغ كبير لاتستطيع مصر في ظل ظروفها الاقتصادية ان تتحمله أو تتحمل جزءا منه لكن تم عمل دراسة عن كيفية تحويل الجسر من خلال نظام مقر الانتفاعB.O.T. وتقدمت سبع شركات عالمية بعروض لتمويل تنفيذ الجسر دون ان تتحمل الدولتان مصر والسعودية اي مبالغ وكان مخططا عمل مناقصة عالمية لدخول الشركات العالمية واختيار الافضل للتنفيذ ويعاد بعد فترة زمنية محددة للحكومتين المصرية والسعودية بعد ان يغطي مبلغ التكلفة من العائد الذي سيتم تحصيله من المرور خلال هذه المدة. اضاف الدكتور عماد الدين نبيل ان شركة بترول امريكية هي بكتل تقدمت بدراسات تعرض فيها نقل البترول من خلال انابيب معلقة علي جسم الجسر من السعودية ودول الخليج عبر سيناء ثم الي ميناء الاسكندرية ومنها الي اوروبا. وأضاف الدكتورعماد أن هذا الجسر يعد مشروعا قوميا لمصر إذا توافرت له عوامل النجاح ولذلك يجب عدم التأخر في التنفيذ لعدة أسباب أهمها أن القيمة الاقتصادية وتكلفة المشرع ترتفع بمرور الوقت خاصة التكاليف الانشائية بالإضافة لما قد يحدث من اشغالات المناطق عند مطالع ومهابط الجسر مما يزيد من صعوبة التنفيذ. وعن عودة التفكير في تنفيذ هذا الحلم قال نبيل: إنه تردد أن وضع حجر الأساس للجسر يتم وضعه عام2013وحي يتحقق هذا المشروع العملاق لابد من انشاء مخازن وثلاجات وأسواق خلال ثلاث سنوات هي مدة انشاء الجسر علي الطرق بين البلدين واقامة استراحات متقدمة وسيسهم الجسر في اقامة مناطق جديدة مرتبطة بالنقل البري وفي رأي الخبراء أن تأثيره الاستراتيجي أكبر بكثير من مجرد نشاط نقل بري, فجدواه الاقتصادية بين مصر والسعودية كبيرة للغاية. وعن المعوقات التي حالت دون تنفيذ المشروع علي مدي السنوات الماضية يجيب الدكتور عماد الدين نبيل قائلا: ترددت مبررات كثيرة في عهد الرئيس السابق مبارك منها خوفه علي مستقبل السياحة بمدينة شرم الشيخ ومصالح رجال الأعمال العاملين في مجال النقل البحري بين مصر والسعودية لكن الحقيقة أن هناك دولتين في المنطقة أحدهما عربية والأخري غير عربية حالا دون تنفيذ هذا الجسر الأولي خشيت من رسوم المرور وعائد الحركة الذي تحصل عليه من المنافذ وستفقده لو تمت اقامة الجسر, أما الأخري فإنها تخشي من التقدم الاستراتيجي والنشاط الاقتصادي لمصر والسعودية إذا انشيء الجسر. وسواء كانت هناك مخاوف علي نشاط السياحة في شرم الشيخ من عدمه فإن دراسات الأمن القومي يمكن أن تقوم بحل أي عقبات تعترض الجسر وألا يتأثر نشاط السياحة لأنه أيضا في نفس مستوي أهمية الجسر ولا بديل لأحدهما عن الآخر. واسأل الدكتور مجدي صلاح نور الدين( استشاري هندسة الطرق بجامعة القاهرة) لماذا يتردد الحديث عن هذا الجسر فترة ثم يختفي الحديث عنه مجدد ما تفسيرك لهذا؟ يجيب قائلا: هذا المشروع تم التفكير فيه منذ الثمانينات وفي البداية كانت السعودية غير متحمسة له بسبب تخوفها من دخول عمالة مصرية لا تحمل تراخيض عمل, وبعدها انتقل التخوف عندنا وتحمست السعودية لإقامة الجسر ومبعث الخوف عندنا من طبيعة شرم الشيخ والسياحة الأجنبية الموجودة فيها. وأكد الدكتور نور الدين أنه يمكن وضع ضوابط تقضي علي أي مشاكل تؤثر علي السياحة سلبيا نظرا لأهمية السياحة بالنسبة لنا. في الوقت نفسه أن إقامة الجسر البري سوف يكون له دور في تسيير التبادل التجاري بين مصر والسعودية بل وجميع دول الخليج وينشط السياحة الدينية من خلال رحلات الحج والعمرة, والربط بين الدولتين يعني نشاط اقتصادي بجميع أشكاله. وعن مشكلة التمويل أشار نور الدين إلي أننا لا نستطيع بظروفنا الحالية أن تسهم فيها خاصة بسبب ارتفاع تكلفة الجسر حيث أنه يمر بمنطقة عرض البحر الأحمر فيها كبير وهذا يستدعي عرض الحفر ورفع التكلفة لكن يمكن للسعودية أن تموله. وأن أي طرق تربط بين الدول العربية تعتبر خطوة في طريق التكامل العربي والسوق العربية المشتركة, علي سبيل المثال الطريق الذي يربط مصر والسودان بطول280كيلو مترا يربط طريق الساحل الغربي للبحر الأحمر من حلايب حتي بورسعيد وانتهي من سن سنوات ويحتاج لتفعيل وإقامة بوابات حتي يسهم في النشاط التجاري إذ يتم نقل البضائع حتي الحدود حيث يتم التحميل بالسيارات مما يرفع تكلفة النقل.