باريس 2024| الفرنسي مارشان يحقق الذهبية الثالثة في السباحة    خلال مشاركته بفعاليات مهرجان العلمين الجديدة 2024.. صعود فريق جامعة طنطا لكرة القدم إلى المربع الذهبي    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 1 أغسطس في البنوك بعد ارتفاعه    مصدر بالسكة الحديد يوضح نسب الزيادة في أسعار القطارات    الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي يبقي على أسعار الفائدة    محافظ جنوب سيناء يستقبل وفد وزارة التخطيط لبحث ملف التحول الرقمى    آخر تحديث لسعر الدولار والعملات العربية والأجنبية مقابل الجنيه الخميس 1 أغسطس 2024    تفاصيل زيادة أسعار تذاكر المترو من الخميس 1 أغسطس 2024    انتقاما لاغتيال «هنية».. إيران تأمر بضرب إسرائيل    الأمم المتحدة: الارتفاع المروع للعنف ضد الأطفال في السودان يتطلب إجراءات حماية عاجلة    مندوب الجزائر في مجلس الأمن: نحن على شفير الكارثة بعد اغتيال هنية في طهران    مندوب الجزائر بمجلس الأمن: الهجوم الإسرائيلي على إيران اعتداء سافر وانتهاك للسيادة    اغتيال هنية.. ومعضلة العلاقة بين الفصائل والمقاومة    الولايات المتحدة تحذر من السفر إلى شمالي إسرائيل    اتصال هاتفي بين وزيري خارجية مصر والأردن يتناول التصعيد الجاري فى المنطقة    أمريكا تصدر أعلى مستوى تحذير لمواطنيها من السفر إلى لبنان    ابتسامات محمد، أول ضابطة مصرية منحها الملك نوط الجدارة والاستحقاق "بروفايل"    مجموعة مصر.. يد الدنمارك تكتسح الأرجنتين في أولمبياد باريس    موعد مباراة ريال مدريد وميلان الودية والقناة الناقلة    «احتمال إلغاء كأس مصر».. اتحاد الكرة يفجر مفاجأة بشأن القيد في الموسم الجديد    غلق حمام السباحة بالترسانة بعد غرق لاعب الملاكمة وتحويل المتسببين للتحقيق    تعرف على طاقم تحكيم مباراة المصري وسموحة    بسبب إيران.. يحيى عطية الله يعود لحسابات الأهلي (خاص)    «يرحل لو ببلاش».. كولر يرفض العفو عن نجم الأهلي (تفاصيل)    للاستعلام.. لينك نتيجة الثانوية العامة 2024 برقم الجلوس عبر موقع وزارة التربية والتعليم فى القاهرة والمحافظات (خطوات الحصول عليها)    بسبب تصادم قطار وسيارة.. جهود مكثفة لإعادة حركة القطارات باتجاه القاهرة - الإسكندرية بعد توقفها    تشييع جنازة 4 أشقاء ضحايا مذبحة أب لابنائه فى حلابة بقليوب    شخص ينهي حياته بتناول الصبغة بقرية وادي العرب بأسوان    نيابة قليوب تستمع لأقوال والدة 4 ضحايا مذبحة حلابة    اعتماد الحركة الداخلية لضباط الشرطة بمديرية أمن الفيوم لعام 2024    تفاصيل غرق لاعب ملاكمة أثناء الاستشفاء بحمام سباحة بنادي الترسانة    بيان مهم من الأرصاد بشأن الطقس اليوم الخميس: أمطار رعدية على عدة مناطق.. «احذروا هذه الظاهرة»    الفنانة نجاة الإمام: سأقدم "قاضى البلاج" لمعبودة الجماهير شادية بمهرجان العلمين    حظك اليوم.. توقعات برج الثور 1 أغسطس 2024    حفل كورال مركز تنمية المواهب بمهرجان العلمين بحضور رئيس الوزراء    "مع السلامة يا بسملة".. وفاة طالبة ثانوية عامة عقب امتحان الفرنساوي بقنا    حظك اليوم| برج القوس الخميس 1 أغسطس.. «يومًا تحويليًا ومرضيًا»    حظك اليوم| برج الجدي الخميس 1 أغسطس.. «إبق ثابتا على أرض الواقع وركز على أهدافك»    حظك اليوم| برج العقرب الخميس 1 أغسطس.. «وجه طريقك نحو التحول العميق»    سوما تكشف تفاصيل مرضها: "مكنتش متخيلة اني هغني تاني"    وكيل "صحة الفيوم" يقرر إعفاء مدير إدارة تمريض وحدة كفور النيل من منصبه    القوات المسلحة تنعى أول ضابطة فى الجيش المصرى    البابا تواضروس يلقي العظة الأسبوعية من الإسكندرية    نائب محافظ سوهاج ورئيس مياه الشرب يناقشان كيفية مراقبة جودة مياه الشرب لضمان مطابقتها للمواصفات القياسية    سكك حديد مصر تواصل ندوات التوعية ضد مخاطر رشق القطارات بالحجارة    محافظ شمال سيناء يشيد بجهود الأجهزة الأمنية للحفاظ على الأمن والاستقرار    رئيس الوزراء ووزير الصحة يتفقدان مهرجان العلمين    طريقة عمل الكرواسون، مخبوزات لذيذة ومميزة على الإفطار    رد خالد الجندي على مقولة "المولود يأتي برزقه"    محافظ أسيوط يحيل بعض العاملين بمركز الفيروسات للتحقيق خلال جولة مفاجأة    موعد تلقي طلبات ذوي الاحتياجات الخاصة للالتحاق بجامعة جنوب الوادي    «المجلس القومي» يُهنئ أوائل الثانوية الأزهرية من ذوي الإعاقة البصرية بتفوقهم    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أغسطس للمستحقين غدًا    الكشف الطبى على 280 مريضا ضمن غير القادرين بالمنوفية    قبل مؤتمر إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2024.. ردد دعاء التوفيق الآن «اللهم هيئ لي من أمري رشدًا»    اختتام فعاليات ورشة عمل «المسابقات المعمارية وعلاقتها بالتنمية» في المهندسين    كيفية أداء صلاة الحاجة وعدد ركعاتها.. دار الإفتاء توضح    موعد إجازة المولد النبوي الشريف 2024.... وأهم مظاهر الإحتفال    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الاقتصاد السياسى لمصر الناصرية (3)
نشر في الأهرام اليومي يوم 08 - 12 - 2018

كان اعلان الاتحاد السوفيتى السابق استعداده لتقديم المساعدة الكاملة لمصر فى بناء سد اسوان العالى بمثابة نقطة التحول الرئيسية وبداية تغيير تاريخى فى هيكل العلاقات الاقتصادية الخارجية لمصر، وفى توفير قوة الدفع للتوجه نحو خيار استراتيجية التنمية المستقلة. وتلخص تجربة مصر الناصرية فى التصنيع المستقل، أهم المنجزات والاخفاقات التى واجهت أهم محاولة للتنمية المستقلة عربيا، وواحدة من أهم تلك التجارب على الصعيد العالمى.
وأسجل، أولا، أن تجربة مصر الناصرية للتنمية المستقلة ارتكزت، من حيث التوجه الخارجى، الى انهاء سيطرة رأس المال الأجنبى، واستراتيجية التصنيع لاحلال الواردات، وتقليص الارتباط بالسوق الرأسمالى العالمى، وتوسيع الروابط الاقتصادية مع الدول الاشتراكية. وأما من حيث التوجه الداخلى، فقد ارتكزت الى الادارة المركزية البيروقراطية ذات التوجه الاشتراكى للاقتصاد، واضعاف مراكز سيطرة رأس المال الخاص الوطنى فى الاقتصاد القومى عبر التأميم والحراسة، وتحقيق سيطرة قطاع الأعمال العام، الى جانب السياسة الاقتصادية للدولة وبرامج الاستثمار القومى الواسعة خاصة فى الصناعة التحويلية. وقد توافرت شروط أكثر مواتاة للتصنيع بقيادة القطاع العام نتيجة سيطرة الدولة على النشاط المصرفى والتجارة الخارجية والنقد الأجنبى، وصياغة الدولة لسياسات الاسعار والائتمان، بجانب سياسات التجميع والتسويق والائتمان التعاونى فى الزراعة. وشهدت ادارة الاقتصاد ارتقاء أشكال التخطيط الاقتصادى الحكومى من مجرد دراسة جدوى المشروعات (المجلس الدائم للانتاج القومي)، الى صياغة برامج للاستثمار الصناعى (برامج السنوات الخمس للصناعة)، ثم الى وضع خطط التنمية الاقتصادية (الخطة الخمسية الأولي).. الخ.
ثانيا، أن تحقيق السيطرة الوطنية على المراكز الرئيسية للاقتصاد، واقامة علاقات اقتصادية خارجية مواتية لدفع التصنيع، وتوفير الشروط المواتية للدور القيادى للقطاع العام فى التصنيع، واعادة صياغة مجمل السياسة الاقتصادية، وغير ذلك من ركائز التصنيع المستقل قد استجاب بدرجات متزايدة لمتطلبات التصنيع.، وسمح اقتصاد التخطيط المركزى، بتحسين شروط تقديم الائتمان واستيراد المستلزمات وتوفير النقد الاجنبى والامداد بالخامات الزراعية... الخ، لمصلحة القطاع العام، الذى قاد عملية التصنيع فى مرحلة صعوده قبل ان تدخل استراتيجية احلال الواردات مأزق تطورها اللاحق فى مصر، كما فى غيرها من البلدان النامية التى عجزت عن التحول فى الوقت المناسب الى التصنيع التصديرى القادر على المنافسة.
ثالثا، أن عمليات تأميم وتمصير المؤسسات الاجنبية خاصة فى مجالات المال والصناعة والتجارة الخارجية، لم يكن لها أن تعنى فى ذاتها انجاز الاستقلال الاقتصادى باعتباره عملية تاريخية طويلة لتغيير البنية الصناعية والاقتصادية، المتخلفة والتابعة الموروثة، من جانب، وبافتراض رشادة وامكانية تحقيق ذلك الهدف فى السوق المصرى الضيق، من جانب آخر. لكن عملية انهاء سيطرة رأس المال الأجنبى مثلت مقدمة ضرورية لتعبئة الموارد الوطنية اللازمة للتصنيع والتنمية، ومكنت من صياغة السياسة الاقتصادية بما استجاب لضرورات التسريع بعملية التصنيع خاصة عبر تنويع العلاقات الاقتصادية الخارجية واضعاف مشروطية توريد الآلات والمعدات والتكنولوجيا الأحدث. وهكذا، أمكن ليس فقط تلقى المساعدة من الاتحاد السوفيتى وغيره من البلدان الاشتراكية فى بناء مؤسسات التصنيع الثقيل.
رابعا، أنه فى اطار القطاع العام الصناعى وفى المراكز الصناعية القديمة والجديدة تزايد عدد العمال الصناعيين، وتعاظم تركز رأس المال والانتاج وقوة العمل، واتسع استخدام الاساليب التكنولوجية الحديثة فى الانتاج، وارتفعت انتاجية العمل فى المؤسسات الصناعية الكبيرة.. كما تأسست صناعة انتاج الحديد والصلب لأول مرة باستخدام الخامات الأولية المحلية بدلا من اعادة تصنيع الخردة، وتم تصنيع العديد من المنتجات الجديدة على أساس الاستخدام الاكثر رشادة للخامات المحلية، وتنامى التخصص وتقسيم العمل داخل الصناعة والاقتصاد، وتوسعت السوق الداخلية. وفى عام 1970/1971، قدمت الصناعات الثقيلة 45% من القيمة المضافة الاجمالية للصناعة التحويلية؛ ويشير بشكل غير مباشر الى أسبقية تطورها تراجع نصيب فروع الصناعات الاستهلاكية (الغذائية والغزل والنسيج) فى القيمة الاجمالية المضافة الصناعة التحويلية. وفى ذات العام بلغ نصيب مؤسسات القطاع العام من العمالة والانتاج فى المؤسسات الصناعية التى يعمل بها عشرة عمال فأكثر 80-90% فى الصناعات الثقيلة، و90-100% فى صناعات الاستخراج والتعدين والحديد والصلب ومعدات النقل والصناعات الهندسية والاليكترونية والصناعات الكيماوية والصناعات البتروكيماوية وتكرير النفط وانتاجه بجانب الطاقة الكهربائية.
خامسا، أن ما تحقق من انجازات فى مجال توسع وتطور الصناعة التحويلية والاستخراجية كان من حيث الاساس ثمرة لبرامج وخطط الاستثمار الطموحة الواسعة التى نفذها القطاع العام، الذى نفذ أهم المشروعات الجديدة فى الفروع الاساسية للصناعة. واذا كان ما سبق يعكس واقع التقدم على طريق التصنيع بالمعنى الضيق؛ أى تطوير الصناعة التحويلية، فان انجازات مهمة تحققت ايضا من منظور التصنيع بالمعنى الواسع؛ أى تطور قطاعات الاقتصاد الأخرى. فقد تمت ازاحة واحدة من أهم العقبات امام تطور الصناعة بمضاعفة انتاج الكهرباء، حيث زاد استهلاك الصناعة للكهرباء بين عام 1952 وعام 1971/1972 بأكثر من 8 مرات، وبلغ نصيب الصناعة 63% من استهلاك الكهرباء المنتجة فى العام الأخير. وقد أنتجت محطة كهرباء السد العالى 53% من كل الطاقة الكهربائية المنتجة فى مصر فى عام 1974. وفى بداية السبعينيات، كان قد تم مد خطوط نقل الكهرباء ذات الضغط العالى 500 كيلووات تساوى 100 % من الخطوط الموجودة آنذاك، لتشغل مصر بذلك المركز الثالث فى العالى بعد الاتحاد السوفيتى والولايات المتحدة الامريكية فى استخدام مثل هذه الخطوط.
لكن المشكلات الداخلية والخارجية، الاقتصادية وغير الاقتصادية، التى عرقلت مشروع التصنيع المستقل، تفاقمت منذ منتصف الستينيات؛ سواء بسبب عدم واقعية وعدم رشادة وعدم عملية المشروع ذاته، أو بسبب تعاظم قيود اقتصاد الأوامر وخاصة من زاوية متطلبات تعظيم الكفاءة. وكان العدوان الاسرائيلى فى عام 1967 سببا رئيسيا فى تفاقم مشكلات التصنيع وخاصة تمويله، حيث استهدف ضمن ما استهدف وأد محاولة التصنيع المستقل.
لمزيد من مقالات د. طه عبدالعليم


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.