في إطار الموقف الغاضب والمتحفز ضد النظام الإيراني إثر رفضه لمشروع اتفاق فيينا لتبادل اليورانيوم الإيراني بوقود نووي وتصاعد ممارسات حكومة نجاد القمعية ضد المعارضة. أعربت المفوضة العليا لحقوق الإنسان في الأممالمتحدة نافي بيلاي عن صدمتها إزاء سقوط العديد من القتلي والجرحي واعتقال المئات خلال المظاهرات الاحتجاجية الدامية التي اجتاحت شوارع العاصمة الإيرانية علي هامش الاحتفالات بذكري يوم عاشوراء يوم الأحد الماضي, وذلك في الوقت الذي أكدت فيه مصادر دبلوماسية أمريكية أن الولاياتالمتحدة وحلفاءها يدرسون حاليا فرض عقوبات أكثر تشددا تستهدف القيادات الإيرانية بشكل خاص, بدلا من العقوبات الواسعة التي قد تؤثر سلبا علي حركة المعارضة الإصلاحية في البلاد. يأتي ذلك في الوقت الذي أطلقت فيه الحكومة الإيرانية أمس حملة تعبئة واسعة لحشد أنصارها للمشاركة في مسيرات صاخبة للرد علي المظاهرات المعادية للحكومة التي شارك فيها عشرات الآلاف من أنصار المعارضة في طهران, واتهمت الحكومة الإيرانية في بيان رسمي معارضيها بأنهم جعلوا من أنفسهم خدما للعدو ويتوهمون أنهم يستطيعون اسقاط النظام الإسلامي, وأضافت أنهم بشعاراتهم المعادية أرضوا الجبهة الصهيونية العالمية ومدوا السجاد الأحمر تحت أقدام الأجانب واستهدفوا الأمن القومي. وذكرت مواقع إلكترونية موالية للمعارضة أن كبار رجال الدين الموالين للحكومة بالمشاركة مع القوات المسلحة والمدارس الدينية يعكفون حاليا علي الإعداد لمسيرات حاشدة للرد علي المعارضة. ولم يقف الأمر عند هذا الحد بل تشير بعض المصادر إلي أنه تم توفير وسائل المواصلات اللازمة لنقل المتظاهرين من مواقع عملهم في المصانع والمؤسسات الحكومية إلي موقع انطلاق المسيرات, في حين تم إغلاق المحلات التجارية بالأمس. وعرض التليفزيون الرسمي الإيراني صورا للحشود التي تجمعت في مختلف المدن الإيرانية فيما عدا العاصمة طهران. وتزامنت هذه التحركات علي الصعيد الداخلي مع كشف الإدارة الأمريكية عن نواياها لفرض عقوبات تستهدف قيادات النظام الإيراني, فقد أكدت مصادر مطلعة أن إدارة الرئيس أوباما تشعر باستياء متزايد للتحدي الذي تبديه إيران فيما يتعلق ببرنامجها النووي, ولذا فإنها تعكف علي وضع قائمة من العقوبات التي يمكن للأمم المتحدة فرضها بالتنسيق مع الولاياتالمتحدة وحلفائها الأوروبيين, وأوضحت مصادر أمريكية مسئولة ومشرعون في الكونجرس ودبلوماسيون غربيون أن واشنطن تشعر بفتور متزايد تجاه فكرة فرض عقوبات ذات قاعدة واسعة تستهدف قطاع النفط لتجنب زعزعة الاقتصاد الإيراني. وأوضح دبلوماسي غربي أن الأمر ليس محاولة تركيع إيران اقتصاديا, لكن الهدف هو إيقاف برنامج الأسلحة النووية, وأضاف الدبلوماسي الذي رفض نشر اسمه أن العقوبات ذات القاعدة العريضة التي تستهدف زعزعة الاقتصاد عموما لن تفعل سوي إذكاء مشاعر الارتياب والشك الإيرانية في الغرب. وأضاف المسئول أن المناقشات بشأن العقوبات التي ينبغي فرضها من غير المحتمل أن تبدأ بشكل جدي داخل مجلس الأمن قبل منتصف يناير, وربما تستغرق هذه المفاوضات بضعة أشهر. وأوضحت مصادر مطلعة أن العقوبات الانتقائية المركزة التي يدرسها البيت الأبيض تشمل توسيع قيود السفر وقيود أخري علي أفراد ومؤسسات لها صلات قوية بالقيادة الإيرانية والحرس الثوري الإسلامي. فيما أشاروا إلي أن بعض الدول الأوروبية تفضل مزيدا من العقوبات التي تستهدف القطاع المالي وقطاع التأمين في البلاد. وعلي صعيد آخر, كشفت وثائق رسمية بريطانية تم الإفراج عنها أمس أن بريطانيا رفضت استقبال شاه إيران علي أراضيها حتي لا يؤثر ذلك علي علاقاتها مع النظام الإسلامي الذي تولي السلطة في طهران في1979, وتشير الوثائق إلي أن السلطات البريطانية كانت تخشي من أن منح اللجوء إلي الشاه محمد رضا بهلوي الذي دعمته لفترة طويلة, يشكل مجازفة كبيرة جدا علي الصعيد الأمني ويمكن أن يزيد من حدة التوتر مع النظام الإيراني الجديد.