تهتم كل أم بأن يمارس أبناؤها حياتهم الاجتماعية بشكل طبيعي كما تهتم بصحتهم وتعليمهم.. فيكونون صداقات ويتعرفون علي أشخاص جدد في أي مكان يذهبون إليه سواء في المدرسة أو النادي, وقد تسعي الأم جاهدة الي أن يندمج صغيرها مع أقرانه منذ سن مبكرة جدا ليصبح لديه مجموعة من الرفاق يشجعونه علي الدراسة وممارسة الرياضة وغيرها, دون أن تنتبه إلي الدور الخطير الذي يلعبه هؤلاء في تكوين شخصية الابن سواء في سن صغيرة أو في المراحل العمرية المتقدمة والذي قد يقود الابن الي الطريق السوي أو لا قدر الله الي الانحراف. وأسر هؤلاء الأصحاب أو الرفاق هي الأساس في تكوين نظرة محايدة عنهم, لذا علي كل أم أن تحرص دائما علي التعرف علي أمهاتهم وأسرهم بصفة عامة.. د. مديحة الصفتي أستاذ علم الاجتماع بالجامعة الأمريكية تؤكد أن تأثير الأصدقاء علي الأبناء يكون أحيانا أقوي من الآباء, خاصة أن الابن يختار وينتقي من المحيطين به الذين يميل إليهم أكثر, بالإضافة إلي أن هؤلاء يشاركونه أوقات المتعة والمرح ومن ثم يتعلق بهم ويستحوذون علي جزء كبير من مشاعره وأفكاره. وقد نجده في مرحلة متقدمة لا يستمع إلي والديه بينما يقتنع بآراء ووجهات نظر أصدقائه, لذا يجب أن تحرص الأسرة علي أن يكون لأبنائها أفضل الرفاق, لأن أصحاب السوء هم أخطر ما يمكن أن يضر بأولادنا ومستقبلهم, لهذا يجب علي الأسرة- وتحديدا الأم- أن تتعرف علي أسر وأمهات أصدقاء أولادها سواء زملاء الدراسة أو التمارين الرياضية, لأن البيت هو الأصل الذي يعبر عن كل شخص, ويكون هذا الأمر مع الرفاق الذين يراهم الابن أو البنت باستمرار ويخرج ويتواصل معهم ويشاركهم في كثير من الأنشطة الاجتماعية وليس كل من يتعاملون معه في المدرسة والنادي, كما لا يتعلق هذا الأمر بمرحلة عمرية محددة, فعلي الأم أن تتواصل مع الأمهات الأخريات من بداية تعامل أبنائها مع المجتمع الخارجي في مرحلة الطفولة وحتي مرحلة ما بعد المراهقة, ولا يقتصر الأمر كذلك علي أصدقاء البنت فقط كما يظن البعض وانما كل الأبناء سواء كانوا بنات أو أولادا, فكلاهما معرض لنفس المخاطر وكلاهما مسئولية الأسرة... كما يأخذ شكل التواصل بين الأمهات عدة صور علي رأسها التعرف الشخصي بين بعضهم البعض والتواصل الدائم عبر التليفون بالإضافة إلي ممارسة بعض الأنشطة سويا من حين لآخر كتناول الغذاء سويا أو اللقاء بالنادي.. وهكذا. تضيف د. مديحة: إن حدود تدخل الأم هنا يتوقف علي تقديرها لهؤلاء الأصحاب, فما دامت تراهم أنهم كفء لصداقة أبنائها عليها ألا تتدخل في كل تفاصيل العلاقة حتي إذا كان هناك اختلاف في الثقافة والاتجاه العام فعليها أن تتقبله, وعليها كذلك أن تعود أبناءها منذ صغرهم علي تقبل الآخر وكل من هم مختلفون عنهم مهما يكن شكل هذا الاختلاف, بل وحثهم علي تقديره والتعامل معه وعدم رفض أي فكر أو أسلوب مخالف لهم, أما في حالة اذا ما لاحظت أمورا خاطئة أو لم تشعر بالراحة تجاهها فعليها أن تتحدث إلي ابنها أو ابنتها حتي وإن كانا صغار السن, في محاولة لإقناعهم بضرورة البعد عن هذا الشخص لكن دون استخدام أسلوب فرض الرأي واملاء الأوامر وانما بالتفاهم. وفي الحقيقة أن هذا الأمر ليس هينا بالمرة بل هو صعب.. وهنا تأتي أهمية الصداقة التي تبنيها الأم مع صغارها وتنميها كلما كبروا ونضجوا, فيصبح الحوار مجديا.. إلا أنه للأسف العديد من الآباء, لا ينتبهون لأهمية الصداقة مع أبنائهم إلا في وقت متأخر يكون فيه الأصحاب قد احتلوا حيزا كبير من حياة الأبناء فيشعرون بعدم احتياجهم لتلك الصداقة مع آبائهم في هذا التوقيت.. لذا أنبه دائما والكلام مازال لأستاذة علم الاجتماع- الآباء إلي ضرورة كسب ثقة أبنائهم ومصادقتهم منذ طفولتهم المبكرة.