لعل ما قلته أمس تحت عنوان «نظرية عبد المنعم رياض» هو ذلك الذى قال به أحد أفضل القادة المتخصصين فى علوم الحرب والإستراتيجية اللواء طه المجدوب أحد أبرز معاونى اللواء محمد عبد الغنى الجمسى رئيس هيئة العمليات للقوات المسلحة فى حرب أكتوبر فالذى قامت به مصر منذ 11 يونيو 1967 من أجل إعادة البناء الجذرى والشامل للمنظومة العسكرية المصرية يؤكد أن ما حدث لم يكن حربا يمكن اختصارها فى وقائع يوم السادس من أكتوبر وما تلاه وإنما هو ملحمة 6 سنوات من الحرب والقتال والتهدئة والتخطيط والخداع والمفاجأة بعد استيعاب دروس معارك 1967 واكتساب خبرات غير مسبوقة من حرب الاستنزاف. يقول اللواء طه المجدوب فى كتابه التوثيقى تحت عنوان «سنوات الإعداد وأيام النصر»: «لا أحد يستطيع أن يقرأ وأن يفهم ما حدث بعيدا عن الإدراك الصحيح لما خلفته هزيمة يونيو 1967 من آلام نفسية وأوجاع اقتصادية وخسائر سياسية وما وفره نصر أكتوبر من استعادة الثقة بالنفس». وبعد أن يستعرض المجدوب براعة مصر فى التصدى للعدوان الثلاثى عام 1956 ثم ما جرى من انتكاسة عام 1967 يسهب المجدوب فى الحديث عن التجربة الثالثة لهذا الصراع طويل الأمد فيما اصطلح على تسميته «حرب الاستنزاف» خلال أعوام 1968و1969 و1970 فى ظل حكم الرئيس عبد الناصر مؤكدا أن هذه الحرب أحيت الأمل وأعطت للمقاتل المصرى جرعة معنوية قوية كانت ضرورية لاستعادة روح القتال. ويمضى المجدوب وشهادته تعكس رؤية خبير من العيار الثقيل قائلا: إن مصر ذهبت إلى حرب أكتوبر بعد أن حشدت كل طاقتها واستوعبت دروس وتجارب الماضى ومن ثم جاء النصر الكبير الذى أسقط أسطورة التفوق الإسرائيلى وهدم نظرية الأمن التوسعية وقطع ما كان يسمى الذراع الطويلة لإسرائيل. تلك حقائق ناصعة ينبغى أن تعرفها أجيال جديدة لم تعايش ولم تعرف ما قدمته المؤسسة العسكرية للحفاظ على استقلال مصر وسيادتها. وغداً إطلالة جديدة [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله