فى اللحظة التى بدأ فيها العبور المصرى لقناة السويس بعد نجاح الضربة الجوية الأولى فى شل وإرباك القيادة الميدانية فى سيناء، انتقلت كل مشاعر وأحاسيس الثقة من ضفة إلى ضفة، حيث أصبحت الكلمة العليا للمصريين. كان هناك ما يشبه اليقين لدى جنرالهم المغرور موشى ديان باستحالة نجاح المصريين فى العبور وتحطيم خط بارليف. ولكن الذى غاب عن الإسرائيليين هو أن إرادة المقاتل المصرى أفرزت إصرارا على رفض الهزيمة وتصميما على رد الاعتبار. غاب عن إسرائيل تحت غشاوة الغرور الزائد أن مصر قد تغيرت تماما بعد نكسة يونيو 1967 بفضل صرامة الفريق أول محمد فوزى وزير الحربية، وأنها استطاعت أن تجرى حسابا دقيقا مع النفس والذات وأن تمارس تصحيحا جوهريا فى بنيان المؤسسة العسكرية وأن تنجز عملية إعادة البناء العسكرى الشامل تحت نيران المدافع وزئيرها خلال حرب الاستنزاف! وفى المقابل كانت مصر مشغولة بالبحث عن طريق الخروج من ظلام الهزيمة اعتمادا على الدروس المستفادة لمعارك 1967 التى سجلها اللواء الجمسى فى كشكوله وأهمها: (1) إن العدو لا يضع فى اعتباره إمكان مهاجمته نهارا، ومن ثم فقد تحققت المفاجأة أكثر من مرة خلال حرب الاستنزاف بمهاجمته نهارا. (2) لقد ثبت أن العدو لا يتمكن من إبداء أى مقاومة تذكر عندما يفاجأ بالهجوم وأنه رغم تدخل احتياطياته ضد معظم الإغارات إلا أن دوريات الاستطلاع المصرية تمكنت من تنفيذ مهمتها بالسرعة والدقة المطلوبة. (3) إن العوامل الرئيسية وراء نجاح كمائن وإغارات دوريات القتال والاستطلاع تعود أساسا إلى السرية الكاملة والدقة فى التخطيط. (4) إن الوسيلة الوحيدة لتحطيم خط بارليف هى الاقتحام المباشر بواسطة أفراد المشاة ومواجهة العدو داخل الدشم والملاجىء. وغدا نطالع صفحات جديدة [email protected] لمزيد من مقالات مرسى عطا الله