التضامن: 40 ألف طالب جامعي شاركوا بحملة الهلال الأحمر المصري RED WEEK    استقرار سعر الريال السعودي بالبنوك في بداية اليوم 18 أكتوبر    أسعار الأسماك اليوم الجمعة 18 أكتوبر في سوق العبور للجملة    رفع 1515 طن قمامة خلال حملة نظافة مكبرة بكفر الشيخ    بعد زيادة سعر البنزين والسولار.. توجيه عاجل من التنمية المحلية بشأن تعريفة الركوب بالمحافظات    إعلام عبري: نتنياهو يجري مشاورات أمنية بشأن مفاوضات صفقة التبادل    صفارات الإنذار تدوي في رأس الناقورة واشتباه بتسلل مسيرة يثير القلق    موعد مباراة الأهلى والزمالك فى نصف نهائى بطولة إفريقيا لكرة اليد    موعد مباراة الأهلي والزمالك في نصف نهائي بطولة أفريقيا لكرة اليد    "اللاعبين الجدد".. هشام يكن يكشف نقاط قوة الزمالك في مباراة بيراميدز بالسوبر المصري    عودة ارتفاع درجات الحرارة في هذا التوقيت | تفاصيل    تحرير 1402 مخالفة ملصق إلكتروني ورفع 52 سيارة ودراجة نارية متروكة    انقلاب سيارة نقل ثقيل محملة بالزلط علي الطريق الإقليمي في المنوفية.. صور    بعد ارتفاع سعر البنزين.. حملات أمنية ومرورية على مواقف السرفيس للالتزام بالتعريفة    أسرة روج أسود تنهى 60٪ من أحداثه    مراسل «القاهرة الإخبارية»: طائرات الاحتلال تقصف عدة منازل فى غزة    فعل محظور أثناء صلاة الجمعة في المساجد.. احذر منه    ارتفاع حديد عز والاستثماري.. سعر الحديد والأسمنت اليوم الجمعة 18 أكتوبر 2024    نقيب الزراعيين: أسبوع القاهرة للمياه نجح في تأكيد موقف مصر بشأن سد النهضة    بعد إعلان أكبر طرح للأراضي السكنية ب20 مدينة جديدة.. «الإسكان» تزف بشرى سارة لذوي الهمم (تفاصيل)    المعمل الجنائي: لا إصابات في حريق شقة سكنية بفيصل    حبس لصوص المنازل والمدارس في القاهرة 4 أيام    ترتيب الدوري الألماني قبل مباريات اليوم الجمعة    المنيا يلاقي التليفونات والأسمنت يواجه الواسطى بجولة نارية بدوري القسم الثاني    مدير «ثقافة أسوان» تكشف تفاصيل مهرجان تعامد الشمس على قدس الأقداس بمعبد أبوسمبل    وزير الخارجية الإسرائيلي: جوتيريش شخصية غير مرغوب بها    «عبد الغفار» يؤكد أهمية تقييم التكنولوجيا الطبية بإصلاح السياسات واتخاذ القرارات الصحية    أخبار الأهلي : تفاصيل قرعة الدوري المصري موسم 2024-2025    "مال أبونا لا يذهب للغريب".. دار الإفتاء تكشف حكم الشرع في هذه المقولة    جوميز يصدم ثنائي الزمالك بقرار جديد قبل لقاء بيراميدز في السوبر المحلي    كورقة للتفاوض.. جيش الاحتلال قد يحتفظ بجثة السنوار    غارتان على منطقة المواصي غرب رفح الفلسطينية    سر حمل يحيى السنوار «علبة حلوى صغيرة» معه قبل مقتله.. تفاصيل جديدة    الاتحاد الأوروبي يصدر بيانا موجها إلى إسرائيل بشأن هجماتها على قوات اليونيفيل    بسبب صورة.. شقيقة زعيم كوريا الشمالية توبخ سلطات جارتها الجنوبية    وفاة الشاعر أحمد علي موسى    اليوم.. تامر عاشور يحيي حفل غنائي بمهرجان الموسيقى العربية    بعد قرار «التنظيم والإدارة»| تفاصيل جديدة بشأن ترقيات 2024 للموظفين وزيادة الأجور    بعد تحريك أسعار الوقود.. ننشر تعريفة الركوب الجديدة لسيارات الأجرة بالقليوبية| تفاصيل    لا يسخر قوم من قوم.. تعرف على موضوع خطبة الجمعة اليوم مكتوبة    أسعار الذهب اليوم 18-10-2024 في مصر.. كم يسجل عيار 21؟    تسمم 10 من أسرة واحدة بسوهاج تناولوا طعاماً فاسداً    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الجمعة 18 أكتوبر    شيرين عبدالوهاب ترد على معجب طلب يدها للزواج .. ماذا قالت؟    محمد فاروق: الاستعانة بخبير أجنبي لإدارة لجنة الحكام بشروط.. وجاهزين لإدارة السوبر المصري    اليوم، إطلاق 6 قوافل طبية ضمن مبادرة رئيس الجمهورية    اليوم.. وزارة الأوقاف تفتتح 32 مسجدًا بالمحافظات    أزهري: الزواج الشفهي بدون ورقة أو مأذون حلال    الوحدة المحلية بدمنهور تنظم قافلة سكانية وتثقيفية لدعم الصحة النفسية والمجتمعية    الصيادلة: أزمة نواقص الأدوية تنتهي تماما مطلع نوفمبر.. ولا زيادات جديدة بالأسعار    لطفي بوشناق: مصر وتد الأمة العربية.. عشت بها وأكلت من خيرها    إنهاء كافة الاستعدادات للاحتفال بمولد العارف بالله إبراهيم الدسوقي    لولو بتحب مها.. محمود شاهين يكشف سبب بكاء إلهام صفي الدين بحفل زفافه    أستاذ باطنة: ارتجاع المريء يتحول لمرض مزمن فى هذه الحالة    نشرة التوك شو| تصفية السنوار وأصداء الافتتاح التجريبي للمتحف المصري الكبير    محافظ الإسماعيلية يشهد احتفال العيد القومي (صور)    مستشار أمن سيبراني: لا يوجد جهاز يصعب اختراقه ولكن النسب تختلف فقط    بطريرك الروم الأرثوذكس يختتم زيارته الرسمية بقبرص.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أطول مما ينبغي
نشر في الأهرام اليومي يوم 25 - 08 - 2012

احدق في شاشة مزدحمة‏.‏ ارد علي رسائل في بريدي الالكتروني ظلت بلا رد لأطول مما ينبغي‏,‏ ثم انشغل باعادة كتابة موضوعي الجديد للجريدة للمرة الثانية‏,‏ وافكر أنه بعد الاضافات قد صار هو الآخر أطول مما ينبغي‏.‏ من ذا الذي اخترع ما ينبغي؟ هل كان ينبغي ان ترحل الجدة الكبري؟ هل كان ينبغي ان ترحل قبلها بعامين الا ليالي عشرا الجدة الصغري؟
كنت قد تأهبت للخبر. قالت لي امي ان الحمي قد اصابت الجدة الكبري وان تلك غالبا هي سكرات الموت. في كل مرة يفاجئني الموت دون ان انتظره او استعد له: أبي, جدتي, صديقتي هايدي ذات السبعة والعشرين ربيعا التي ماتت سعيدة في فراشها دون سابق مرض, صديقنا احمد الذي مات في سن وظروف مشابهة لهايدي بدون مقدمات.
هذه المرة انتظرت الموت. حين اسلمت الجدة الكبري الروح دون طول معاناة انشغل الجميع بالترتيبات وانشغلت انا في اعادة ضبط مواعيدي لاكون حاضرة في موعد العزاء.
لم افكر كثيرا في الأمر. توتا سعاد شارفت التسعين من العمر-يقولون عاشت أطول مما ينبغي- ورحيلها يجب ان يكون امرا طبيعيا ومتوقعا. كانت تكبر جدتي بما يناهز عشر سنوات, هي خالة امي فحسب, لكنها امتلكت مكانة روحية توارثناها في عائلتها بصفتها الشقيقة الكبري التي كانت في السابعة عشرة حين حلت محل الأم لأشقائها الستة. كانت جدتي تناديها أبلة سعاد حتي بعد ان تجاوزت كلتاهما السبعين من العمر.
هل كان ينبغي ان يرحل الراحلون وابقي انا هنا ادير معاركي مع طواحين الهواء؟
لا اعرف محددات لهذا الذي ينبغي, ولكنني اظن ان الموضوع الجديد طويل ومعقد ويفتقد الروح بشكل يشبه حياتي ربما؟
لم تكن حياة الجدات كذلك. كانتا تشبهان نجمات السينما في شبابهما المتجدد واناقتهما الدائمة. لا تحملان هموما ولا تتركان الحزن يحل حيث تقيمان. تضحكان طوال الوقت وتملآن الأمكنة بهجة وغناء وطعاما. كانتا تتنافسان احيانا, بل وتتصارعان. جدتي تقول ان ابلة سعاد لا تتقن صنع كعك العيد ابدا. تتندر علي الغريبة التي تعدها ناشفة كحجر اذا رميت حباتها الي حائط ارتدت اليك. تفخر بوصفات الكعك والغريبة الخاصة بها والتي لا تخيب ابدا. جدتي كانت امهر في اعداد الطعام. أبلة سعاد كانت اقدر علي حفظ كل الاغاني الكلثومية الطويلة التي قد تخطيء اختها بعض سطورها. كانتا تتشاجران وتتخاصمان ثم تنسيان لماذا كان خصامهما, فنضحك جميعا ثم نستأنف التنافس في مجالات بهجتنا.
علام التنافس الآن؟ لا اعرف بالضبط ولا اهتم حقيقة. كل ما اعرفه ان الحياة جافة جدا بعيدا عن تنافس الجدات في البهجة وحكاياتهن التي تطول دون ان نملها وذلك الشعور بالأمان المطلق في وجودهن. لا اذكر متي كانت آخر مرة زرت فيها الجدة الكبري. بعد رحيل جدتي, فجعت أبلة سعاد واصابتها شيخوخة لم تصبها من قبل, انتابها ذلك الشعور بانها عاشت اطول مما ينبغي حين سبقتها صغري الشقيقات ورحلت, عزفت عن الكلام وضاقت بالزيارات, ولكنها ظلت في عزلتها الاختيارية تغني احيانا مقاطع من اغانيها المفضلة. كل منا- نحن الابناء والاحفاد- استأنف حياته كما ينبغي بعد رحيل جدتي المفاجئ ثم تلاحقت الاحداث وتباعدت الزيارات ونسينا ان الجدة الكبري صارت تشتاق للرحيل.
انهيت الموضوع وارسلته للجريدة وانا غير مقتنعة تماما. اتممت استعدادات العزاء الروتينية دون ان اكون مستعدة تماما. في الجمع العائلي الموسع الذي لاحظت انه لم يلتئم له شمل منذ ان اجتمع في سرادق عزاء جدتي, وبينما الجميع يتراشقون الآراء السياسية الحادة, انسلخت عنهم وسافرت الي تلك الاركان الحميمية في منازل الجدات: بين سحر المطابخ ورحابة البلكونات. كيف كانت احضانهن تضم كل هؤلاء دون ان تضيق بأيهم!؟
الآن منازل الجدات ومطابخهن وبلكوناتهن واحضانهن اللاتي هجرنها رويدا رويدا بعيدة جدا عن جمعنا هذا. ترقرقت دموع في عيني فسكت الجمع لحظة عن جدلهم السياسي المحتدم, يقفز السؤال من فم لا اتبين ملامحه: أتبكين!؟ فأرد: توتا سعاد ايضا ماتت


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.