أثبتت نتائج الدراسات والأبحاث التي نشرت أخيرا أنه كلما كان شخير الأطفال أكثر, والتنفس عن طريق الفم, وواكب ذلك حدوث توقف لحظي للتنفس أثناء النوم, زاد إحتمال إصابتهم بمشاكل وإضطرابات سلوكية. وكانت دراسات عديدة سابقة إقترحت وجود علاقة بين تلك المشاكل وأعراض إضطرابات النوم, خاصة مرض فرط الحركة والعدوانية, ولكن ناشروا الدراسة الجديدة يؤكدون أن دراستهم هي أوسع وأشمل دراسة من نوعها, حيث بدأت عام90 ومازالت مستمرة, وتابع الباحثون خلالها أكثر من11 ألف طفل بجنوب غرب إنجلترا, وكانت أسوأ الحالات- كما تقول الباحثة الدكتورة كارين بوناك أستاذ طب الأسرة وصحة المجتمع بكلية الطب جامعة نيويورك- تتمثل في معاناة الأطفال لكل الأعراض الثلاثة الخاصة بالتنفس مع بلوغم للشهر الثلاثين من العمر, ووجد أن الأطفال الذين يعانون من تنفس مضطرب أثناء النوم كانوا أكثر إحتمالا لمعاناة مشاكل سلوكية مع بلوغهم للسنة السابعة من العمر بنسبة تراوحت بين40% إلي100% مقارنة بمن لم يعانوا إضطرابات أثناء النوم. كما وجد أنه كلما كانت أعراض التنفس أسوأ, كلما زادت مخاطر معاناة هذه المشاكل التي كان من أبرزها فرط الحركة, والعدوانية, الإكتئاب والقلق, وكسر قواعد النظام وغيرها. وتعقيبا علي هذه النتائج, يقول الدكتور رضا حسين كامل أستاذ أمراض الأنف بجامعة القاهرة من واقع نتائج أبحاثه علي مثل هذه الحالات أنه لاحظ أن تضخم لحمية خلف الأنف والإلتهاب المزمن لللوزتين وحساسية الأنف هي أكثر أسباب الشخير عند الأطفال المصريين, ومن المعتاد أن يصاحب الشخير توقف للتنفس أثناء النوم, مع يقظة لحظية متكررة. وينتج عن ذلك نقص في الأكسجين بالدم وقصور في وصوله للمخ, مع إرتفاع لنسبة ثاني أكسيد الكربون بالدم. وكثيرا ما يصاحب هذه الحالة نقص في معدل تركيز الطفل واستعداده للاستذكار وانخفاض تحصيله الدراسي, مع الميل للنعاس أثناء النهار, بل أن البعض قد يتهمه بالإهمال والغباء. وفي حقيقة الأمر, فإن ذلك يعزي إلي عدم تمكن الطفل من الوصول لحالة النوم العميق النافع أثناء الليل, بسبب اليقظة اللحظية المتكررة التي قد تتجاوز40 مرة في الساعة, إضافة إلي نقص نسبة الأكسجين بالدم, وكثيرا ما يشكوا الآباء من السلوك العدواني والحركة الزائدة عند أطفالهم بسبب عدم حصول المخ علي كفايته من الأكسجين اللازم لقيامه بوظائفه. وقد أمكن الكشف عن مثل هذه الحالات باستخدام المناظير الضوئية الحديثة لتحديد أسباب إنسداد الأنف أو الفم أو كليهما, والذي قد يكون ناتجا عن تضخم لحمية خلف الأنف, أوالإلتهاب المزمن لللوزتين, أو حساسية الأنف. وفي بعض الحالات المتقدمة, يتم اللجوء باستخدام أجهزة معملية حديثة محمولة تسجل بكل دقة درجة الشخير, وعدد مرات إنقطاع التنفس, ونسبة النقص في أكسجين الدم, وتأثير ذلك علي ضربات القلب, ومن ثم تحديد مدي خطورة الحالة. ويتم علاج معظم هذه الحالات بإزالة اللحمية المتضخمة خلف الأنف بالمناظير الضوئية وأجهزة تفتيت اللحمية, مع استئصال اللوزتين. أما بالنسبة لحالات حساسية الأنف, فيتم التعامل معها بالبخاخات الموضعية لانقباض الأغشية المخاطية للأنف, وإستعادة فاعلية مجري التنفس. وقد لوحظ أنه مع العلاج الدقيق لأسباب الشخير وتوقف التنفس, يستفيد الطفل بدرجة كبيرة في شكل زيادة ملحوظة في درجة تركيزه وتحصيله الدراسي, وإختفاء الميل الشديد للنعاس أثناء النهار, وتغير السلوك العدواني لدي الطفل تجاه الآخرين, مع هدوء الحركة الزائدة. وقد أكد آباء الأطفال حدوث هذه التطورات بشكل إيجابي بعد علاج أسباب الشخير.