في محاولة لاستشراف رؤيته للوضع السياسي الراهن والموقف من مليونية24 أغسطس وقرارات الرئيس محمد مرسي الاخيرة و الانتخاب البرلمانية المقبلة والتحديات التي تواجه حكومة هشام قنديل . و أعمال الجمعية التأسيسة للدستور وفكرة تكوين فريق رئاسي وما وصلت الية عملية التحول الديمقراطي أجرت الاهرام حوارا مع عبد الغفار شكر وكيل مؤسسي حزب التحالف الشعبي الاشتراكي.. فماذا قال؟ ما موقفكم من الدعوة إلي مظاهرات24 أغسطس ؟ حزبنا يرفض المشاركة فيها, لأنها صادرة من شخصيات لا نطمئن الي مواقفها السياسية كما لا نوافق علي الهدف منها, خاصة الدعوة إلي إسقاط رئيس الجمهورية لأنه رئيس منتخب في انتخابات اعترف الجميع بنزاهتها بشكل عام, ومن حقنا معارضته سياسيا من خلال البيانات والتظاهر السلمي والوقفات الاحتجاجية وليس الدعوة إلي إسقاطه, كما أننا نعترض علي الدعوة لحل جماعة الإخوان المسلمين وقد دعوناها من قبل إلي تقنين أوضاعها بالتحول إلي جمعية أهلية تقتصر علي النشاط الدعوي ولا تمارس العمل السياسي الحزبي الذي يكون من مسئولية حزب الحرية والعدالة دون أي تداخل بين الكيانين سواء في البنية التنظيمية أو الأشخاص أو التمويل. كيف تقرأ ملامح المشهد السياسي في مصر الآن ؟ وهل تحقق الاستقرار بعد وجود رئيس منتخب ؟ المشهد السياسي الراهن في مصر معقد للغاية ويحمل في طياته مخاطر عديدة فقد تراكمت مشاكل المجتمع السياسية والاقتصادية والاجتماعية نتيجة لسياسات خاطئة مارسها العهد السابق لسنوات طويلة. يواجه التطور الديمقراطي الذي يعتبر من أهم أهداف ثورة25 يناير تحديات كبيرة حيث لا يوجد تكافؤ في القوي بين القوي السياسية, ويحظي تيار الإسلام السياسي بإمكانيات هائلة ودعم مالي كبير ويجمع بين العمل السياسي والدعوة الدينية مما يعطيه مزايا كبيرة في كسب المواطنين لصفة لا تتوافر للقوي السياسة الأخري ويحظي هذا التيار بأغلبية لجنة إعداد الدستور وما ينطوي عليه هذا الوضع من احتمال إصدار دستور يعبر عن توجهاته أكثر من تعبيره عن الوفاق الوطني, هذا بالإضافة إلي انتماء رئيس الجمهورية إلي جماعة الاخوان المسلمين وما يترتب علي ذلك من تعزيز نفوذها علي السلطة والحياة السياسية للبلاد ويتجلي هذا واضحا في تشكيل مجلس الوزراء حيث لا يوجد به وزراء ينتمون إلي تيارات سياسية سوي جماعة الاخوان المسلمين التي يتولي أعضاؤها وزارات حساسة كالإعلام والشباب والقوي العاملة, وهناك أهمية كبيرة لأن تتعاون الأحزاب والقوي السياسية والديمقراطية معا في مواجهة هذا الاحتمال وأن تحرص علي بناء نفسها كقوي جماهيرية قادرة علي المنافسة في النشاط السياسي وفي الانتخابات البرلمانية والمحلي. وعلي الجانب الجانب الاقتصادي والإجتماعي فإن المشهد السياسي يحمل نذر خطر عديدة علي رأسها تراجع معدلات الإستثمار والإنتاج والادخار وتزايد الإضرابات العمالية نتيجة للمشاكل العديدة التي يعاني منها العمال مما يتطلب مبادرات حقيقية من السلطة للتفاعل مع العمال والتعرف علي مشاكلهم وإيجاد حلول حقيقية لها في ضوء إمكانات الدولة مع اقناعهم بحل هذه المشكلات وفق جدول زمني ملائم. بالإضافة إلي هذا كله هناك الانقسام الثقافي العميق في المجتمع وتصاعد حدة الاحتقان الطائفي وتزايد القلق في صفوف الأقباط علي أوضاعهم ومستقبلهم مما يفرض علي رئيس الجمهورية بشكل خاص وعلي أجهزة الدولة بشكل عام أن تمارس سياسات تسهم في حل هذه المشكلة وتحقق المساواة بين المواطنين في فرص العمل والحياة, وأن يتضمن الدستور الجديد ما يكفل هذه المساواة عمليا. إن المشهد السياسي الراهن لا يدعو إلي الاطمئنان ويتطلب تضافر كل القوي من أجل اجتياز المرحلة الحالية بأقل الخسائر ويفرض هذا مسئولية كبري علي من يتولي السلطة ولا يعفي القوي الأخري من مسئوليتها في النضال من أجل إقرار مجتمع المساواة والديمقراطية. كيف تري الانتخابات البرلمانية المقبلة ؟ وهل هناك توحد مع أحزاب سياسية أخري ضدالتيار الإسلامي ؟ من الخطأ أن يكون التوجه للتنسيق في الانتخابات ضد التيار الإسلامي, لأن الإنتخابات تدور حول برامج سياسية تتضمن حلولا للمشكلات القائمة وتأكيدا لقيم وأهداف سياسية عامة, وبالتالي فإن التحالف الإنتخابي الذي ندعو إليه يدور بالأساس حول تحقيق أهداف ثورة25 يناير بتعزيز التحول الديمقراطي في مصر وإتخاذ إجراءات كافية لتحقيق العدالة الاجتماعية وإنهاء أوضاع التبعية للولايات المتحدةالأمريكية وإستعادة الأمن للمواطن و المجتمع, وتحقيق نهوض اقتصادي يتجاوز الأزمة الراهنة يوفر فرص عمل لملايين المتعطلين ويوفر السلع الضرورية بأسعار مناسبة ويستأصل الفقر ويصفي المناطق العشوائية ويكفل حياة كريمة لكل المواطنين. هذا التحالف الإنتخابي سيكون بالضرورة بين قوي ديمقراطية ينتمي بعضها إلي تيار اليسار والاشتراكية والبعض الآخر إلي التوجه القومي الناصري والبعض الثالث إلي التيار الليبرالي. هذا هو التحالف الإنتخابي الذي نسعي إليه من أجل أهداف تحقق المصالح العليا للشعب المصري وليس ضد تيار الإسلام السياسي. وهناك بالفعل جهود في هذا الاتجاه تضم أكثر من عشرة احزاب حاليا تحت اسم مؤقت هو االتيار الثالث, والتيار الشعبي ولكنها لا تزال في طور التكوين ولم تستقر علي وضع نهائي ولم تبلور برنامجا انتخابيا مشتركا, فضلا عن أن مستقبل هذه العملية مرهون بالنظام الانتخابي الذي سيؤخذ به في الانتخابات القادمة وهل سيكون بالقائمة النسبية أم بالانتخاب الفردي أم بمزيج منهما. هل تستطيع الحكومة الجديدة أن تواجه المشكلات الكبري التي يعاني منها المجتمع في ظل نقص الخبرة السياسية ؟ تضم الحكومة الجديدة وزراء ليست لديهم خبرة سياسية سابقة, فمعظمهم من كبار الموظفين أو أساتذة الجامعات وبعض أعضاء جماعة الإخوان المسلمين, ولذلك أكدت في مقال بالاهرام أنها ستكون حكومة كبار موظفين تحت قيادة الإخوان المسلمين, وأقصي ما تستطيعه هذه الحكومة هو السعي إلي تنفيذ برنامج النهضة الذي طرحه الدكتور محمد مرسي في إنتخابات رئاسة الجمهورية ولا تتوفر لهذا البرنامج القدرة علي حل المشكلات المتراكمة للمجتمع المصري لأنه يقوم علي استمرار الاقتصاد الرأسمالي ولا يطرح قضية التنمية المستقلة التي لا يمكن بدونها الإنعتاق من التبعية للنظام الرأسمالي العالمي وتحقيق إنطلاقة في التصنيع وتطوير القدرات الإنتاجية فضلا عن إفتقاره إلي آليات تحقيق العدالة الاجتماعية وتطبيق نظام ضريبي جديد يقوم علي الضرائب التصاعدية لتحميل القادرين أعباء أكبر في تمويل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية التي تتولاها الدولة. ولا توجد لدي الحكومة رؤية سياسية متكاملة في إطار أهداف ثورة25 يناير من تحول ديمقراطي عميق وعدالة اجتماعية وتفكيك بنية الاستبداد وإعادة بناء أجهزة الدولة بما يحقق الكفاءة فضلا عن الالتزام باحترام حقوق الإنسان في تطبيق القانون. وعموما فإنني أعتقد أن عمر هذه الحكومة قصير وسوف تتولي جماعة الإخوان المسلمين تشكيل حكومة من أعضائها والأحزاب المتحالفة معها بعد الانتخابات البرلمانية القادمة. كيف بدأت فكرة التيار الثالث ؟ وما الهدف منه ؟ بدأت فكرة التيار الثالث من المناقشات الدائرة حاليا في المجتمع حول المعوقات التي تواجه التحول الديمقراطي في مصر وعدم التكافؤ في المنافسة الانتخابية بسبب قصور التمويل لدي بعض الأحزاب أو بسبب جمع تيار الإسلام السياسي بين العمل الدعوي الديني والعمل الحزبي مما يجعل المنافسة الانتخابية معه غير متكافئة, فضلا عن أن صياغة الدستور الجديد فرضت أهمية كبري لإقامة دولة ديمقراطية مدنية, ولهذا دعت بعض القوي إلي تشكيل تحالف انتخابي جديد يجمع القوي المناضلة من أجل إقامة دولة مدنية ديمقراطية ومواجهة مخاطر قيام دولة دينية أو استمرار السلطة العسكرية وعموما فإن تشكل تحالف انتخابي مدني ليس شرطا أن يحمل إسم التيار الثالث وليس شرطا أن يضم كل الأحزاب المشاركة حاليا في هذه العملية, والأقرب إلي التحقق هو قيام أكثر من تحالف لأن قضية العدالة الاجتماعية ستفرض نفسها بقوة في تحالف انتخابي جديد, وربما يكون التحالف بين حزب التحالف الشعبي الاشتراكي وحزب الدستور والحزب المصري الاجتماعي الديمقراطي وحزب الكرامة وحزب مصر الحرية وحزب العدل مع حركة التيار الشعبي هو الأقرب للتحقيق. في رأيك هل تعتقد أن الفترة الانتقالية إنتهت بتولي مرسي رئاسة الجمهورية ؟ الفترة الإنتقالية لن تنتهي إلا بتحقيق أهداف ثورة25 يناير. فقد خرج الشعب المصري يطالب بالتغيير ودعا إلي إسقاط النظام وما تحقق حتي الآن هو إسقاط رأس النظام وتنحية بعض رموزه من مناصبهم وما تزال بنية النظام الاستبدادي قائمة وما تزال أجهزته تعمل ولم تتحقق العدالة الاجتماعية ولم تحل المشاكل الاقتصادية المتراكمة وأمامنا مشوار طويل إلي أن تتحقق هذه الأهداف ولا يعتبر تولي رئيس مدني منتخب تطورا مهما في هذا الصدد. بل يعتبر إصدار الدستور الجديد الذي يقيم نظام حكم ديمقراطيا الخطوة الأساسية علي طريق إنتهاء الفترة الإنتقالية ولكنه لن يكون كافيا بل لابد من مرور فترة كافية لوضعه موضع التطبيق وتوفير مقومات الحكم الديمقراطي وإعادة بناء أجهزة الدولة واستقرار التعددية الحزبية دون قيود, وتحقيق إنجاز واضح في المجالين الاقتصادي والاجتماعي. كيف تري التحول الديمقراطي في الأحزاب ؟ التحول الديمقراطي ليس مجرد إجراءات تتخذ أو قرارات تصدر بل هو عملية متكاملة تستغرق وقتا طويلا نسبيا من خلال إرسال مقومات هذا التحول التي تشمل إصدار دستور جديد يوفر مقومات نظام حكم ديمقراطي ويعترف بالحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية للمواطنين ويضمن المساواة بينهم دون تمييز علي أساس الدين أو الجنس أو الانتماء الطبقي أو الموقف السياسي, ويقر التعددية السياسية والحزبية, وهناك أيضا الممارسة التي تعكس هذه الأوضاع في المجتمع وتوفر للأحزاب السياسية ممارسة نشاطها بلا أي قيود وحرية التأسيس, كما تتوفر فرص إجراء انتخابات برلمانية ومحلية نزيهة, وقيام مجتمع مدني قوي, وبهذا يمكن أن تسير عملية التحول الديمقراطي تدريجيا نحو مزيد من النضج. ما رأيك في فكرة الفريق الرئاسي ؟ وهل تعتقد أنه سيتدخل في أعمال الوزراء ؟ الأصل في فكرة الفريق الرئاسي أن يعمل رئيس الجمهورية من خلال نواب ومساعدين ومستشارين تتوافر لهم خبرات متنوعة قانونية واقتصادية واجتماعية وثقافية مما يرشد قراراته ويساعده علي إدارة البلاد بكفاءة. ويقتصر عمل الفريق الرئاسي علي تقديم النصح والمشورة لرئيس الجمهورية وليس لهم أي علاقة بأجهزة الدولة الأخري. وليس هناك مشكلة في مثل هذا الأسلوب في تنظيم عمل رئاسة الجمهورية في ظل دستور يحدد العلاقة بين مؤسسات الدولة ويحدد اختصاصات كل منها بوضوح. علي العكس عندما يكون نظام الحكم سلطويا ولرئيس الجمهورية صلاحيات واسعة بالنسبة للسلطات الأخري ويكون احتمال تدخل معاونيه في أعمال الأجهزة الأخري قائما. ونحن ما زلنا في بداية طريق التحول الديمقراطي نسعي لإصدار دستور جديد يضمن قيام نظام حكم ديمقراطي يمتنع معه تدخل أي مؤسسة في أعمال المؤسسات الأخري.