► المواطنون يرفعون شعار «نعم لتحسين الخدمة .. لا للمساس بسعر التذكرة» ► وكيل لجنة النقل: المشاركة تنقذ المرفق الحيوى من الترهل والفوضى ► رئيس الهيئة الأسبق: يجب تطوير الورش وإعداد كوادر بشرية وتسويق الخدمة
بعد موافقة مجلس النواب على مشروع قانون لإشراك القطاع الخاص مع الهيئة القومية للسكك الحديدية فى الإدارة والتشغيل والصيانة تباينت ردود أفعال الخبراء والمتخصصين والمواطنين بشأن مدى تأثير القطاع الخاص على سعر الخدمة المقدمة للركاب، وكان الرئيس السيسى قد أكد فى كلمته فى الجلسة الختامية لمؤتمر الشباب الاهتمام بتطوير السكة الحديد وأنه «لن يتم رفع أسعارها الا بعد تطويرها بالكامل» .. وينص التعديل المشار إليه على إمكانية اشتراك الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين مع الهيئة القومية لسكك حديد مصر فى إدارة وتشغيل وصيانة شبكات السكة الحديد على المستوى القومي، وتطوير هذه الشبكات وتدعيمها وإدارة وصيانة المنشآت والأجهزة اللازمة لتقديم الخدمة وتنفيذ المشروعات اللازمة لتحقيق أغراضها أو المرتبطة بهذه الأغراض وتطوير خدماتها فى جميع أنحاء الجمهورية.
«تحقيقات الأهرام» ترصد أهمية دور القطاع الخاص فى تحسين الخدمة المقدمة للركاب وهل سيحد من الحوادث التى يكون ضحاياها مواطنين أبرياء ؟وكذلك هل يحد من الخسائر التى تتكبدها الهيئة فى القطارات؟، وما الآثار المترتبة على هذا القانون ؟هل سيتم تحسين وتطوير الخدمة على حساب أصحاب المستويات المتوسطة والمحدودة، على اعتبار أن مرفق السكة الحديد عمره 176 عاما ويستخدمه سنويا ما لا يقل عن 400 مليون راكب، أغلبهم من محدودى ومتوسطى الدخل وعدد كبير من الطلاب؟، كما أن تكلفة إنشاء كيلو متر واحد من السكك الحديدية يتكلف 28 مليون جنيه، مما يتطلب سرعة التدخل لإجراء جراحة عاجلة فى قلب مرفق السكة الحديد .. أطراف القضية يتحدثون من خلال السطور التالية. فى البداية اتفق عدد من الركاب داخل محطة مصر على سوء الخدمة داخل السكة الحديد من تعطل القطارات وتأخرها عن موعدها دون أسباب، لذلك عبروا عن رفضهم للانهيار فى منظومة السكة الحديد، مطالبين بتدخل القطاع الخاص ليقدم خدمة متميزة للركاب مع الحفاظ على سعر التذكرة دون تحريك. بينما اعترض عدد من العمال والموظفين على زيادة سعر التذكرة فى حالة تدخل القطاع الخاص لشراء خطوط تشغيل أو مسارات جديدة، لأنه من وجهة نظرهم لن يرحم محدودى ومتوسطى الدخل ..وبالتالى سيحرم عددا كبيرا من الاستفادة من الخدمة، لأنهم لا يملكون سعرها، مطالبين بعدم المساس بالتذكرة تحت أى مسمي، وطالب آخرون بزيادة طفيفة على سعر التذكرة مقابل تحسين مستوى الخدمة بما يليق بالمواطن البسيط وتتناسب مع دخله المحدود. السكة الحديد وصلت لمرحلة من الترهل والإهمال لا يمكن السكوت عليها، حيث إنها مرتبطة بأرواح المواطنين. بهذه الكلمات علق محمد زين - وكيل لجنة النقل بمجلس النواب قائلا : إن ملف تكرار حوادث السكة الحديد سيظل قائما وحاضرا من وقت لآخر، حيث إن الأزمة قائمة منذ سنوات طويلة والحكومات السابقة خلال الثلاثين عاما الماضية كانت تؤجل فتح هذا الملف لعدم وجود ميزانية..وموافقة مجلس النواب على قانون مشاركة القطاع الخاص فى صيانة وتطوير السكك الحديدية تهدف لإنقاذ المرفق المترهل من الفوضى وتحسين مستوى الخدمة والصيانة والتشغيل والإدارة وكان الحل الوحيد إضافة استثمارات جديدة..وشدد على ان هيئة السكك الحديدية تقوم بالضغط على الخطوط أكثر من طاقتها وقدرتها على التحمل من أجل زيادة الطلب عليها وهذا لا يتحمل مسئوليته الراكب .. فهو يدفع ثمن التذكرة من أجل الحصول على خدمة. وأشار إلى أن المهندس هشام عرفات وزير النقل وعد من داخل مجلس النواب أكثر من مرة أن واقع السكك الحديدية سيتغير فى مصر بنهاية 2019 والمواطن سيشعر بفارق كبير، لذلك يحسب للوزير تأجيل زيادة الأسعار حتى تحسن الخدمة. سعر التذكرة المهندس هانى حجاب - رئيس هيئة السكك الحديدية الأسبق - أكد أن القطاع الخاص يجب أن يكون له دور فى تطوير ورش السكك الحديدية والإسهام فى إعداد الكوادر البشرية إلى جانب تنشيط عملية تسويق الخدمة داخل المرفق مع ضرورة عدم المساس بسعر التذكرة حتى لا تتأثر فئة كبيرة تعتمد على السكة الحديد فى السفر، خاصة أن ارتفاع التذاكر يمثل عبئا على غالبية الركاب ولا يتناسب مع دخولهم المحدودة، كما أن فكرة مشاركة القطاع الخاص فى تحسين الخدمة بالسكة الحديد تطبق فى العديد من دول العالم وحققت نجاحا كبيرا، و سيقوم بإنشاء خطوط جديدة والمشاركة فى منظومة نقل البضائع والعمل على زيادة إيرادات الهيئة والتخفيف عن الموازنة العامة للدولة. الخطوط الجديدة ويرى المهندس سيد سالم - رئيس هيئة السكة الحديد السابق - أن مشاركة القطاع الخاص فى تقديم الخدمة للركاب ضرورة.. حيث سيدخل فى تشغيل القطارات والخطوط الجديدة مثل ( العين السخنة - أكتوبر- العلمين )، بعد الانتهاء من نظم الإشارات بخط الإسكندرية - القاهرة، حيث سيكون من حق القطاع الخاص أن يحضر القطار والجرار الخاص به واستخدام خطوط السكك الحديدية الجديدة له وسيكون مسئولا عن تحديد سعر تذكرته، ويمكن للهيئة أن تدعمه بالعمالة المتخصصة كالسائقين وغيرهم، كما سيشارك فى نقل البضائع وعمليات الصيانة والتطوير إلى جانب الدفع بعربات جديدة للتشغيل وتنفيذ أى مشروعات لازمة لتقديم خدمات مميزة ومطورة على كل الخطوط، مشيرا إلى أن المستثمر فى قطاع السكة الحديد ملزم بالحفاظ على سلامة المرفق للاستخدام بأمان طوال فترة التعاقد على أن تؤول جميعها إلى الدولة فى نهاية مدة التعاقد، وتكون بحالة جيدة صالحة للاستخدام.. وكشف عن أن هيئة السكة الحديد ستنتهى من إنشاء 60 خط سكة حديد بطريق القاهرة - الإسكندرية منتصف 2019 كمرحلة أولي، فيسمح للقطاع الخاص باستخدام 20 خطا وتتولى الهيئة ال 40 خطا الباقية .. والراكب عليه الاختيار بين وسيلة النقل التى تناسب ظروفه المادية وبالطبع سيرفع القطاع الخاص تذكرته مقابل خدمة متميزة، كما أن هناك دراسة جدوى لإعداد 4 مسارات جديدة لطرق القاهرة - الإسكندرية. تطوير المنظومة ويعلق د. حسن توفيق - أستاذ النقل والطرق بجامعة عين شمس قائلا : لابد من تطوير منظومة النقل والعاملين فيها قبل بدء دخول القطاع الخاص ومشاركته فى تطويرها.. لأن المستثمر دائما يبحث عن العائد ومدى تحقيق أرباح وليس عن الضمانات الاجتماعية أو الخدمة الرخيصة، وأكد أن المستثمر سواء كان مصريا أو أجنبيا لن يهتم بفكر اجتماعى أو تقديم خدمة رخيصة. وإنما سيهتم بالمكسب وهامش الربح قبل أى شيء ، خاصة أن منظومة السكة الحديد تحتاج إلى 45 مليار جنيه لتطويرها إلى جانب مديونيتها للدولة التى تقدر بنحو 55 مليار جنيه. وأوضح أن منظومة السكك الحديدية تحتاج إلى تغيير الفكر أولا والعمل على تقديم التدريب اللازم للعمالة الموجودة بالهيئة والتى تزيد على حاجة العمل بصورة كبيرة خاصة أن إنفاق المليارات على شراء جرارات جديدة أو أسطول قطارات ليس حلا بل قد يشكل أزمة مستقبلا. وأضاف أنه يمكن البدء فى مشاركة القطاع الخاص فى نقل البضائع عن طريق السكك الحديدية ..حيث تكون هناك ضمانات لتطوير البنية الأساسية، وهو ما ستستفيد منه المنظومة من خلال مد خطوط جديدة من الموانى إلى مناطق الإنتاج وهى فرصة حقيقية لتجربة الشراكة مع القطاع الخاص فى مجال لا تستفيد منه الدولة سوى 2.5 % حتى الآن. وشدد على أن دخول القطاع الخاص فى مشروعات السكك الحديدية سيحول الدولة إلى مراقب للخدمة. وطالب بضرورة استغلال مساحات الأراضى الموجودة فى حرم السكك الحديد التى تتجاوز قيمتها مليارات الجنيهات، بجانب التوسع فى استغلال المساحات الإعلانية فى القطارات والمحطات الرئيسية وتأجير مساحات للشركات الراغبة فى تسويق منتجاتها داخل قطارات السكة الحديد خاصة فى وجود جمهور كبير بما لا يعوق الحركة داخل المحطات أو يتسبب فى فوضى أو شكل غير حضاري. كان المهندس هشام عرفات، وزير النقل، قد أكد أن مشاركة المستثمرين لا تعنى خصخصة قطاع السكك الحديدية نهائيا وإنما ستتم الاستعانة بالقطاع الخاص فى صورة شراكة مع الدولة بنظام عقود الامتياز خاصة فى مجالى الصيانة وإنشاء خطوط جديدة بالسكك الحديدية ومن الصعب أن تتحمل الدولة تكلفة التطوير بمفردها فى مثل هذا التوقيت وكان يجب التفكير فى سبل أخرى تخفف الأعباء عن الدولة وتعمل على زيادة كفاءة السكك الحديدية والخدمات المقدمة من خلالها، وهناك العديد من المشكلات التى تواجه السكك الحديدية، منها تهالك العديد من الجرارات وعدم تطوير المزلقانات التى يفوق عددها 1300 مزلقان بالشكل الكافي، كما أن أطوال السكك الحديدية حاليا لا يمكن أن تفى بمتطلبات الركاب، والسكك الحديدية لم يصبها التطوير بشكل حقيقى منذ الخمسينيات. حصان الرهان ويعلق د. رشاد عبده الخبير الاقتصادى قائلا : القطاع الخاص ركيزة أساسية فى الاستثمار فى قطاعات الدولة الاقتصادية ومنها السكك الحديدية، لذلك فهو يعد حصان الرهان الرابح للنهوض بمنظومة السكك الحديدية، وخسائر السكك الحديد بلغت 435 مليار جنيه بسبب تراكمات الإهمال والفشل عبر سنوات، مما أدى إلى زيادة نزيف الخسائر التى يشهدها الآن، لذلك لابد من شراكة القطاع الخاص لإنقاذها من الخسائر والسكك الحديدية فى حاجة ماسة إلى هذه الشراكة. أما د. أحمد غنيم - خبير هندسة السكة الحديد - فيرى أن مشاركة القطاع الخاص فى إدارة وتشغيل منظومة السكك الحديدية يطبق فى العديد من دول العالم وهناك تجارب عديدة لنجاح هذا النظام مثل اليابان، مشيرا إلى أن شراكة القطاع الخاص مع الحكومة فى الإدارة حل قوى ومهم للإسهام فى تطوير خدمات قطاع السكك الحديدية.. كما أن الحكومة ليس لديها الاستثمارات الكاملة لتحمل أعباء تطوير البنية التحتية للهيئة.. حيث يحتاج القطاع الخاص فى ضخ استثمارات جديدة فى وقت تعانى فيه الدولة أزمة حقيقية إلى جانب الإدارة، خاصة أن إدارة القطاع الخاص ناجحة إلى حد كبير .