يقول الله تعالى فى محكم تنزيله فى سورة إبراهيم: (ألم تر كيف ضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها فى السماء)، وهذه الكلمة الطيبة هي: لا إله إلا الله، فمثلها فى القلب كمثل شجرة النخيل فى الأرض، ومن ثمراتها الكلم الطيب، وهذا يشمل تلاوة القرآن الكريم، والتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير، والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم، والاستغفار، وسائر الأذكار والأدعية، فإنها ثمرات شجرة الإيمان التى نواتها وأصلها: لا إله إلا الله المغروسة فى قلب المؤمن، وبذلك صار القلب كَرْمًاً مثمراً مخصباً، ووصفت بأنها الكلمة الطيبة لأن مدلولها والموصوف بها هو الله تعالى الملك القدوس الطيب، فقد أورد الإمام مسلم فى صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: أيها الناس، إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً. يقول الشيخ الإمام عبدالله سراج الدين فى كتابه: (صعود الأقوال ورفع الأعمال) إن الله تعالى متصف بالمحامد والكمالات المطلقة على وجه لا يشاركه فيها أحد، كما أنه سبحانه مقدس فى ذاته وصفاته وأسمائه عن العيوب والنقائص كلها، فهو سبحانه طيب وكلامه طيب، وقد وعد الله تعالى المؤمنين الذين يعملون الصالحات بالحياة الطيبة فقال جل شأنه فى سورة النحل: (من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون) فهم الطيبون على الحقيقة، وإنما نالوا ذلك بسبب أنهم طابوا قولاً وعملاً واعتقاداً، وطابت قلوبهم وأرواحهم وأجسادهم يقول الحق سبحانه عنهم فى سورة النحل: (الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون)، فعند الموت تقول الملائكة لمن يتصف بهذه الصفات: اخرجى أيتها النفس الطيبة كانت فى الجسد الطيب . فإذا كان يوم القيامة، وأقبلوا على أبواب الجنة تلقتهم الملائكة بالتحية والترحيب يقول الله سبحانه فى سورة الزمر: (وسيق الذين اتقوا ربهم إلى الجنة زمراً حتى إذا جاءُوها وفتحت أبوابها وقال لهم خزنتها سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين). ثم إنهم يُنْزَلُون فى مساكن طيبة فى جنات عدن، وهذا هو حال المؤمنين يتقَلَّبُون فى أنواع الطيب والطيبات، فالمؤمن كله طيب، طاب قلبه بما كتب الله فيه من الإيمان والتصديق، وطاب لسانه بالكلمة الطيبة، وطابت جوارحه بالأعمال الصالحة المتفرعة عن شجرة الإيمان.