يعد النظام البرلماني شكلا من أنظمة الحكم التي تنقسم فيه السلطة بين هيئتين, الحكومة أو مجلس الوزراء والبرلمان, الذي ينتخب من قبل الشعب بشكل مباشر, ومنه تشكل الحكومة, ويجوز عادة للبرلمان سحب الثقة عن الحكومة. وأيضا يجوز للحكومة حل البرلمان إعمالا لمبدأ التوازن والتعاون بين السلطتين التشريعية والتنفيذية, ويقوم النظام البرلماني علي مجموعة من الأسس التي تميزه عن غيره من الأنظمة السياسية الأخري وأبرزها: وجود ثنائية الجهاز التنفيذي, ووجود تعاون وتوازن بين السلطات, وأيضا شكل من أشكال الانضباط الحزبي, كما أن من مزاياه انه يؤدي إلي تفاعل حقيقي بين السلطات, ويرسخ الديمقراطية ويعيق الانفراد بالسلطة, ويحدد المسئولية السياسية, إضافة إلي ترسيخه لسيادة الدولة. بريطانيا: تعد بريطانيا هي مهد الديمقراطية البرلمانية في العالم, فقد بدأت جذورها البرلمانية منذ أوائل القرون الوسطي, عندما شكل ما يعرف ب المجلس العام للملكة, خلال هذه الفترة اشتد الصراع بين الارستقراطية والملكية من جهة, والحريات العامة والرغبة في الحد من السلطة الملكية المطلقة من جهة أخري, وهي الفترة التي شهدت صدور عدة تشريعات كان أبرزها الماجناكارتا أو العهد الأعظم, التي صدرت عام1215 من الملك جون والتي يعدها المؤرخون المسمار الأول في نعش عقيدة الحق الإلهي للملك, وتعتبر أهم وثيقة دستورية في تاريخ بريطانيا وحجر الزاوية للحريات البريطانية العصرية, وتلتها عدة دساتير ثم كانت لائحة الحقوق, وهي الإعلان الدستوري الذي وضعه البرلمان وتخلي بموجبه الملك عن حقه في التشريع لصالح البرلمان. ومع أواخر القرن السابع عشر وبعد ثورة1688 برزت ملامح النظام البرلماني البريطاني, ورسخت أسسه خلال القرنين التاليين, حيث لم يعد للملك دورا يعتد به كثيرا في الحياة السياسية وأصبح من حق البرلمان تشكيل الحكومة, ومراقبتها, وتحولت الملكية إلي مؤسسة رمزية تتولي ولا تحكم, يتكون النظام البرلماني البريطاني من مجلسين هما مجلس اللوردات ومجلس العموم, وحكومة بريطانيا هي حكومة برلمانية يرأسها رئيس الوزراء الذي هو عضو من أعضاء البرلمان حصل بالضرورة علي ثقة أغلبية مجلس العموم, وعادة يكون زعيم اكبر حزب سياسي في المجلس. من ناحية أخري يتميز النظام الحزبي, بما يعرف بنظام الثنائية الحزبية, حيث يسيطر علي البلاد حزبان رئيسيان هما, حزب المحافظين وحزب العمال, وهناك أيضا بدرجة اقل تمثيلا الحزب الديمقراطي الليبرالي, ويعتمد النظام الانتخابي, علي أسلوب الانتخاب الفردي, الذي بدأ في بريطانيا منذ القرن الثالث عشر, وتعرف بريطانيا بأنها نظام حكم حزبي, وتتميز العلاقة بين البرلمان والحكومة علي أساس مراقبة البرلمان لأعمال الحكومة, وإمكانية حل الحكومة للبرلمان بما يحقق التوازن بين السلطتين. ألمانيا: هي أيضا من ابرز الدول التي تتبني النظام البرلماني, ومع توحد الألمانيتين في عام1990 أجريت أول انتخابات برلمانية لجمهورية ألمانيا الديمقراطية المتحدة, في ديسمبر من نفس العام, ووفقا للدستور الألماني, فان البرلمان أو الهيئة التشريعية للبلاد تتكون من مجلسين, البرلمان الاتحادي( بوندستاغ) ومجلس الولايات أو المجلس الفيدرالي( البندسرات), وبالنسبة للبرلمان الذي يقوم بدور الهيئة التشريعية, فيتم انتخاب أعضائه لمدة أربع سنوات, ويقوم أعضاؤه, الذين ينتمون إلي كتل نيابية, بانتخاب رئيس للبرلمان, ومن مهام هذا البرلمان انتخاب المستشار الاتحادي وضمان استمراره في الحكم من خلال تأييد سياساته, وهو هنا يمثل رئيس الحكومة, ويمكن للبرلمان نزع الثقة منه, أما بالنسبة للمجلس الفيدرالي, فهو يمثل حكومات الولايات الألمانية, حيث تنال كل ولاية الحق في ثلاثة أصوات علي الأقل تبعا لعدد سكانها, ويعتبر هيئة ثانية إلي جانب البرلمان ومن مهامه مناقشة جميع القوانين الاتحادية. ويتم انتخاب رئيس الدولة من قبل المجلس الاتحادي لمدة خمس سنوات, ويمكن إعادة انتخابه مرة أخري, ويمثل الرئيس الجمهورية الألمانية المتحدة أعلي سلطة ولكنها رمزية. ومن حقه اعتماد الممثلين الدبلوماسيين, وان يعين بعد موافقة المستشار الاتحادي, الوزراء والقضاة والمسئولين الاتحاديين, كما أن من حقه أن يرشح المستشار الاتحادي إلي المجلس النيابي, ويجب الحصول علي توقيعه لتصبح القوانين سارية المفعول. كما أن من حقه أيضا إعفاء الحكومة من مهامها قبل انتهاء فترة عملها, أما المستشار الاتحادي, فهو العضو المنتخب الوحيد في الحكومة, حيث يمكن للألمان انتخابه كل أربع سنوات, وفقا لاقتراحات مجلس النواب أمام البرلمان, الذي يطرح المرشحين, وحتي يفوز المرشح عليه الحصول علي الأغلبية الساحقة من أصوات المجلس النيابي, ويحدد الدستور أن من حقه تعيين الوزراء, وأن دوره حاسم في وضع سياسة الحكومة, وبهذه الصلاحيات فهو يوازي سياسيا ثقل الرؤساء في النظم الديمقراطية الأخري. تركيا: عقب سقوط الخلافة العثمانية, اختارت تركيا عام1922 دستورا مدنيا, استلهمته من الدستور السويسري, ليكون بديلا عن الدستور العثماني المعروف باسم قانون أساس والذي وضع في عهد السلطان عبد الحميد الثاني, ونص علي إنشاء مجلسين واحد للنواب والآخر للشيوخ, وفي29 أكتوبر1923 تم انتخاب مصطفي كمال أتاتورك رئيسا للجمهورية التركية الحديثة, ليتم بشكل أساسي أولي خطوات علمنة الدولة التركية, والتي عبرت عنها جميع التعديلات التالية التي ألحقت بالدستور, والتي كرست أيضا لحكم الحزب الواحد علي مدار عقدين من الزمان, حكم خلالها حزب أتاتورك( الشعب الجمهوري) منفردا حتي عام1945, إلي أن تم تأسيس الحزب الديمقراطي الذي حكم عدة دورات حتي انتهي أمره بالانقلاب العسكري عام.1961 يمكننا القول انه مع تطبيق دستور1982 اتجهت تركيا نحو نظام ديمقراطي كامل بعد سنوات من الحكم العسكري, حيث أصبحت تعتمد نظاما برلمانيا يمثل الديمقراطية الشعبية والتعددية الحزبية, ويشكل المجلس القومي التركي, البرلمان وهو الجهاز التشريعي, في حين أن رئيس الدولة هو اعلي سلطة في البلاد وان كان دوره شرفيا ويتم انتخابه كل خمس سنوات من قبل البرلمان, ولا يسمح بإعادة انتخابه حسب الدستور. في حين ينتخب رئيس الوزراء من قبل البرلمان, وعلي الرئيس منح زعيم الحزب الفائز في الانتخابات النيابية مهمة تشكيل الحكومة, حيث يصبح هو رئيس الحكومة, ومن سلطات رئيس الدولة قبول أعضاء حكومته أو رفضها, ورئيس الدولة هو القائد الأعلي للقوات المسلحة ويترأس اجتماعات مجلس الوزراء. ومن جهة أخري فان مجلس الوزراء مكلف بالمراقبة والإشراف علي الإدارات والأقسام الحكومية المختلفة, وعلي رئيس الوزراء تقديم برنامجه الحكومي الذي سوف ينفذه وأسماء أعضاء الحكومة إلي البرلمان المكون من غرفة واحدة, التي هي وفقا لقواعد الدستور مهمتها صياغة القوانين والمصادقة علي الاتفاقيات وإعلان الحرب, وتضم550 عضوا عن طريق الانتحاب والدورة مدتها خمس سنوات, وفي حال عدم موافقة الرئيس علي أي مشروع قانون تتم إعادته مرة أخري إلي البرلمان فإذا ما صادق عليه مرة أخري يصبح قانونا.