عادة ما تكون بيانات رؤساء البنوك المركزية فنية صعبة الفهم, ولكن الرسائل التي بعث بها بن بيرنانكي محافظ بنك الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي, وماريو دراجي رئيس البنك المركزي الأوروبي كانت أكثر غموضا وأقل استجابة للمؤشرات السلبية في معدلات النمو في أمريكا وأوروبا. كلاهما تجنب التدخل بجرأة و سعي لشراء الوقت حتي يحزم السياسيون أمرهم. دراجي سار عبر حقل من الألغام محاولا إقناع الأسواق بأن تعهده بفعل كل ما يلزم للحفاظ علي تماسك اليورو حقيقي, والإبقاء علي الضغوط علي إسبانيا وإيطاليا حتي تسارعا بإصلاح أوضاعها المالية, ومتجنبا إثارة غضب البنك المركزي الألماني بشأن المساس باستقلالية البنك الأوروبي عن الحكومات. ومع ذلك فقد بعثت خطته المتدرجة قدرا من الاطمئنان إلي الأسواق لأنها أقصي ما يمكن أن يقدمه في حدود التفويض الممنوح له. فخطته تحدد الشروط التي تتيح للبنك مساندة الدول المتأزمة بديونها السيادية وهي تفاوض حكوماتها مع صندوق الاستقرار المالي الحالي أو آلية الاستقرار المالي الأوروبي بعد دخولها حيز التنفيذ علي برنامج للتقشف والإصلاح الهيكلي يتيح للصندوق شراء سندات سيادية في السوق الأولية, علي أن يتدخل البنك المركزي دون سقف محدد لشراء السندات في السوق الثانوية إذا ظلت أسعار الفائدة مرتفعة. إسبانيا سارعت بإعلان استعدادها للتفاوض لكن دعمها يحتاج إلي300 مليار يورو وهو رقم يتجاوز الإمكانيات المتاحة حاليا للصندوق. ومعني هذا أن نجاح مناورات دراجي ترتهن بقرارات سياسية صعبة, واعتمادات مالية, ومخاطر أن تقوضها احتمالات خروج اليونان من منطقة اليورو. ومع كل التفاؤل فإن خطة دراجي تعالج مشكلة ارتفاع أسعار الفائدة علي الديون فقط, أما مشكلات ضمور النمو في قلب منطقة اليورو وسقوط أطرافها في مصيدة الركود وتقلص قدراتها التنافسية, وتأثيراتها السلبية علي الاقتصاد العالمي فستظل قنابل موقوتة تنتظر عودة السياسيين من إجازاتهم الصيفية. المزيد من أعمدة سجيني دولرماني