لقمة العيش والبحث عنها سيظل الشغل الشاغل للجميع مع إختلاف السبل والطرق ..فالكل يخرج من بيته باحثًا عنها متلهفًا للحصول عليها.. ولكن ماذا لو تعارضت الطرق والسبل مع الآخرين؟نحن لسنا ضد الباعة الجائلين ورغبتهم المشروعة فى العمل من أجل كسب الرزق والحصول على متطلبات أسرهم، لكننا ضد غزو الشوارع وافتراشها مما يعوق حركة السيارات والمارة، فقبل ثورة يناير كانت اللعبة الشائعة هى «القط والفأر»بين الباعة الجائلين وشرطة المرافق،وكانت ممقوتة منا جميعا، ولكن الملاحظ أخيرا، هو تحول العديد من الشوارع السكنية إلى «أسواق تجارية» لبيع جميع أنواع السلع وهى فى أغلب الأحيان مجهولة المصدر، وتحتل القاهرة الكبرى المركز الأول فى تحول الشوارع الجانبية إلى تجارية، وهذا ما نرصده فى السطور التالية. أبراج الضغط العالى من داخل سوق الحى العاشر بمدينة نصر التقينا عددا كبيرا من الباعة والسكان والمارة، حيث قال محمد رمضان- بائع فاكهة- جئت إلى هنا قادمًا من أسيوط منذ 17 سنة وقد تعبت كثيرًا حتى حصلت على هذه المساحة، وطوال تلك السنوات والدخل ما بين ارتفاع وانخفاض، وقد عانينا كثيرًا من البلدية التى كانت تصادر بضاعتنا وتسبب لنا الخسائر، وعندما عرضوا أماكن بديلة للسوق، فوجئنا بأنها فى منطقة المثلث تحت أبراج الضغط العالي، فالجميع يعرف مخاطرها.. فإذا رضينا وتحملنا فأى زبون يخاطر ويأتى إلينا؟ لذلك رفضنا وعدنا مرة أخرى إلى أماكننا.. أما رأفت حسين فيقول : نعرف جيدًا أننا نسبب إزعاجا للمارة وحركة السيارات وحتى سكان المنطقة، نريد أن نجد مكانا يجمعنا ويكون قريبا من الناس حتى نستطيع توفير لقمة العيش بنائنا ولكن المحافظة لم توفر لنا المكان المناسب . معاناة يومية ويقول محمود حسن إسماعيل - موظف: أسكن فى شارع ضياء منذ 15 سنة وكان هادئا ومميزا لكن مع مرور الوقت انتشرت فيه المحال التجارية وتحول إلى شارع تجارى لا يطاق بسبب الضوضاء الناجمة عن الباعة وتكدسه بالمارة .. وتقدمنا بالعديد من الشكاوى إلى الحى ثم إلى المحافظة، وبالفعل كانوا يستجيبون فى بعض الأحيان ويقومون بحملات لإخلاء الشارع من الإشغالات، ولكن ذلك لم يكن كافيا، فالأمور تعود إلى ما كانت عليه بعد مغادرة الحملة، وما زلنا نعانى من المشكلة. وقال أحمد أسامة، أحد قائدى السيارات : شارع الميثاق بالحى العاشر فى مدينة نصر هو طريقى اليومي، وفور وصولى لمنطقة سوق العاشر يبدأ الجحيم، فالمسافة التى تستغرق خمس دقائق أقطعها فى أكثر من نصف ساعة بسبب تعدى الباعة الجائلين على الطريق وزحامهم لنا، وأصبح المرور من هذه المنطقة فى أوقات وجودهم أمرا صعبا للغاية، وتزيد المعاناة فى موسم المدارس. زينب محمود طه تقول: أسكن فى شارع «10» بمنطقة حدائق القبة لكنه تحول إلى سوق تجاري، فأصبحنا نعيش معاناة يومية بسبب الزحام والمشاجرات بين الباعة، ولا أستطيع أن أترك شقتى بالشارع لأنى أعيش فيها بقانون الإيجار القديم وأدفع إيجارا بسيطا، وأطالب المسئولين بحل مشكلة الشارع وإبعاد الباعة الجائلين ومنع الترخيص للمحال التجارية فى الشوارع السكنية. وكالة البلح لم يختلف المشهد كثيرًا بمنطقة وكالة البلح، حيث يؤكد منصور السوهاجي، أحد البائعين الجائلين، أنهم متمسكون بهذا المكان نه «قبلة الزبائن» ويتوافد عليه الناس من شتى اماكن والطبقات، فكانت الوكالة إلى وقت قريب ملاذ الطبقات الفقيرة لشراء ملابسهم، وبعد الارتفاع الجنونى للأسعار أصبحت الطبقات المتوسطة والراقية فى بعض احيان يرتادونها ولكن المحافظة تريد أن تجبرنا على الانتقال إلى أسواق لا توجد بها حركة ولا بيع ولا شراء. ويؤيده محمود أبو الفضل قائلا : لو وفرت لنا الحكومة أماكن يسهل الوصول إليها وتكون فى قلب العاصمة لما عرضنا أنفسنا لمطاردة الشرطة وخسارة بضاعتنا وإتلافها، وحتى لو تم افراج عنها ندفع غرامة ليست قليلة. خط ساخن نقلنا إلى خالد مصطفي، مدير مكتب الإعلام بمحافظة القاهرة، شكاوى المواطنين فأشار من جانبه الى أن الشوارع فى المحافظة تنقسم إلى سكنية وتجارية وإدارية، و هناك من يتحايل على القانون، مثل من يحول الطابق الأرضى فى العمارة إلى محال تجارية لكن المحافظة ترصد مثل هذه الحالات وتحيلها للتحقيق..حيث يوجد لدينا خط ساخن برقم «114» لتلقى البلاغات أو عن طريق البريد الإلكترونى وتتم إحالتها للحى المختص لسرعة التعامل معها وإزالة التعديات فى الشوارع، كما أن المحافظة تتابع الوضع ميدانيا فى شتى أنحاء القاهرة، وتنظم جولات يومية شاملة، وتعرض التقارير مصورة - على المحافظ لاتخاذ إجراء عاجل بشأنها. وقد تمكننا من إخلاء منطقة وسط البلد من الباعة الجائلين ولا توجد سوى حالات فردية قليلة ويتم التعامل معها على الفور، حتى أصحاب المحلات إن وجدوا أى بائع متجول يقف أمام محلاتهم يقومون بابلاغ على الفور، أما بالنسبة لمنطقة الوكالة فهى تعانى منذ سنوات كثيرة من وجود الباعة ويظلون تحت التهديد ومطاردة البلدية لهم، وعلى الرغم من الحملات المكثفة فإنهم يعودون مرة أخري. وسوف تفتتح المحافظة فى غضون ايام القليلة المقبلة - كما يضيف خالد مصطفي- أسواقًا لتجميع الباعة تمتاز بقربها من اماكن الحيوية التى يريدها البائع، بل بالفعل هى نفس اماكن وبشكل مبدئى ستكون فى الحى العاشر «التبة» وجراج النزهة بجسر السويس، وبمنطقة عين شمس ولكن بدلا من وقوفهم بشكل عشوائى سيكون الشكل منظما وحضاريا وسيخصص لكل بائع مكان مقابل رسوم زهيدة، لا تساوى شعوره بامان فبدلا من مطاردته من شرطة المرافق سيقومون بحمايته..وسوف تكون هناك ممرات للمشاة تساعدهم على الوصول بسهولة وبشكل منظم لشراء مستلزماتهم من هؤلاء الباعة، ونتوقعً أن تلقى هذه التجربة قبولا واسعًا لديهم. وقال اللواء إسماعيل عبد الواحد، رئيس حى الهرم السابق، وأسامة السقعان رئيس حى بولاق الدكرور السابق إن من 60% الى 80% من المحال التجارية تعمل بلا رخصة وهذه مشكلة كبيرة، ولذا تقوم الأحياء بحملات لإزالة الإشغالات وتحرير محاضر للمحال المخالفة لقيامها بمزاولة نشاط مخالف عن المسجل فى الرخصة، موضحين أن الحى فى حاجة لإمكانات حتى يقوم بحملات مكبرة لغلق المحال المخالفة وتنظيف الشوارع التي أصبحت أسواقا، مؤكدين ضرورة إصدار الحكومة تشريعات جديدة حاسمة للمخالفين وأن تكون هناك دراسة للمكان المراد مزاولة نشاط تجارى فيه قبل حصول صاحبه على ترخيص. سويقات وأشار عبد النبى بيومى إبراهيم، ممثل الغرفة التجارية فى لجنة الباعة الجائلين، إلى أن ظاهرة انتشار الشوارع التجارية أصبحت خطيرة جدا بل إن هناك شوارع تتخصص فى تجارة بعينها مثل شارع عبد العزيز بالعتبة ودرب البرابرة بالموسكي، فالباعة الجائلون الذين كانوا منتشرين فى الميادين وتمت إزالتهم بدأوا ينتشرون فى الشوارع السكنية ويحولونها إلى أسواق، وتنشب بينهم وبين السكان مشاجرات كثيرة. وحل هذه المشكلة يكمن فى إنشاء «سويقات» فى مناطق مناسبة للباعة والتجار، ويجب على الأحياء استغلال الأسواق العشوائية وتنظيمها بطريقة صحيحة، فبعض التجار يستحوذون على مساحات كبيرة غير مستغلة، ولذا يجب على الحى استغلالها لاستيعاب أكبر عدد ممكن من الباعة الجائلين، موضحا أن أكثر من 60 % من النشاط الصناعى فى مصر يقع فى حيز محافظاتالقاهرة الكبري: القاهرةالجيزةالقليوبية.